الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
شيوع الطرب الريفي ينطلق مع ولادة إذاعة بغداد

بواسطة azzaman

حضيري وداخل و ناصر أول من غنى عام 1936

شيوع الطرب الريفي ينطلق مع ولادة إذاعة بغداد

 

قاسم حسين صالح

 

يعدّ العراق  من اول البلدان التي عرفت الموسيقى، بل إن التاريخ يحدّثنا بأن الغناء في العراق كان أحد  اعمدة الحضارة العراقية القديمة، وان الموسيقى فيه كانت تعرف بالموسيقى الرافدينية أو موسيقى بلاد ما بين النهرين، وأن  الحضارة السومرية كانت تعتبر إحدى علامات توضيح حبّ العراقيين للموسيقى،بل هناك ما يشير الى أن اول نص غنائي واول آلة موسيقية.. تم ابتكارها في مدينة اور قبل ما يزيد على اربعة آلاف سنة قبل التاريخ.. ما يعني ان العراق هو اول من اشاع الثقافة الغنائية واول من انفرد بمزج حالتين سيكولوجيتين متضادتين في الغناء.. التنفيس عن الحزن والوجع، والأنتشاء بالفرح والطرب المصحوب بالرقص على صوت الطبلة العراقية.

ويؤكد المؤرخون أن التاريخ الموسيقي كان كبيرا في صناعة الحضارات،وكان الغناء يشكل واحدة من علامات الرقيّ، ويضيفون أن الموسيقى في سومر هي أولى ركائز الموسيقى العالمية.

وهنالك شهادات من كبار بتفرد الأغنية العراقية،يتصدرهم الموسيقار العربي الكبير محمد عبد الوهاب الذي وصف الغناء العراقي بالمدرسة التي تحلّق خارج السرب وقوله: (كل الغناء العربي يدور في فلك المدرسة المصرية إلا الغناء العراقي فهو مدرسة بحد ذاته).

البداية.. كانت بثلاثة

يعود  تاريخ شيوع الأغنية العراقية جماهيريا لعام 1936 يوم اعلن في الأول من تموز عن تأسيس ثاني محطة اذاعية عربية بعد اذاعة القاهرة باسم راديو بغداد او اذاعة بغداد. وكان ثلاثة غنوا فيها هم حضيري ابو عزيز وداخل حسن وناصر حكيم.

حضيري ابو عزيز (1909- 1973)

اسمه الكامل: حضيري حسن بن رهيف العبودي، من قبيلة العبودة بمدينة الشطرة. اشتغل في بداية حياته خياطا ثم انتقل الى بغداد ليدخل الأذاعة عام 1937 ويحيى فيها حفلات غنائية. كان له اسلوب مميز في الغناء الريفي،وكان يكتب نصوصا شعبية ويلحنها بنفسه لنفسه. وكان هو الأشهر في اربعينيات وخمسينات القرن الماضي عراقيا وعربيا ايضا باحيائه حفلات في بلدان الوطن العربي.. وما تزال بعض اغانيه محبوبة لدى العراقيين تتصدرها اغنيته (عمي يبياع الورد) رغم مرور اكثر من سبعين سنة عليها.

داخل حسن (1909 – 1985)

اسمه الكامل:داخل حسن علي الغزي،ولد في قرية تابعة لقضاء الشطرة.امتاز صوته بحنجرة قوية ونفس طويل وامتلاكه بحة ميزته عن جميع أقرانه من مطربي الريف، واشتهر  بأنه اتخذ من المسبحة جزءا من الألات الموسيقية التي ترافقه.

عمل في بداية شبابه شرطيا،وتقدم للعمل في اذاعة بغداد عام 1936 كمطرب للغناء الريفي. ومن طريف ما يذكر عنه ان ام كلثوم استمعت لصوته اثناء تسجيله لأحدى الأسطوانات في حلب  فاعجبت به ودعته الى القاهرة ليغني هناك ،فأعتذر لها قائلا: (يا ست الله ايخليج آنه أبغداد كوة امدرج لهجتي انوب  تريديني اغني بالقاهرة..اشلون ادبرها وياهم).. فضحكت ام كلثوم وقدمت له هدية كانت قطعة من الملابس لزوجته،فيما قدم لها شالا ظلت محتفظة به إلى ان توفيت.

ورغم مرور اكثر من سبعين سنة، فان عددا من اغانيه ما تزال محبوبة عند العراقيين مثل اهنا يمن جنه وجنت، يا ماخذين الولف،وآنه غريب بها البلد.

بحضيري ابو عزيز وداخل حسن، يكون الغناء الريفي العراقي الجنوبي الأكثر شهرة في زمانهما قد حدث له تغيير في مساره.

ناصر حكيم

ولد في ناحية (العكيكة)  بقضاء سوق الشيوخ بمحافظة ذي قار عام 1910

بدأ الغناء وهو بعمر 12 سنة، وكانت خطوته الأولى ان شارك بمهرجان غنائي بمحافظة ذي قار عام 1925،وحالفه الحظ ان مندوب شركة للاسطوانات الغنائية كان موجودا  فاتفق معه على تسجيل مجموعة من اغانيه.

في عام 1925 أقيم مهرجان غنائي كبير في مركز محافظة ذي قار حضره اكثر من ثلاثين مطربا من المعروفين آنذاك ضمن النطاق المحلي للمحافظة وصادف ان كان حاضرا بين الموجودين شخص يدعى نسيم الساعاتي وهو مندوب شركة بلفون لتسجيل الأسطوانات في البصرة والتي كان مقرها الرئيسي في بغداد فما أن سمع صوته وتفوقه على الباقين قرر أن يفاتحه بتسجيل مجموعة من أغانيه على الأسطوانات مقابل (خمسين روبية– تساوي 75 فلسا).

اطوار متعددة

تميز بتسجيل اغاني باطوار متعدده (الحياوي والشطراوي والمجراوي والجادري والصبي..)، وزار بغداد عام 1926 وسجل عددا من اغانيه على اسطوانات. وله قصة حب جميلة مع فتاة اسمها (غويه) كتب عنها اغنية مطلعها (ناصر مشه لبغداد كل الغوية.. تلبس هدوم السود تحزن عليّ).

وبعد رحلة طويلة اشترى مقهى بمنطقة علاوي الحلة اقترنت  باسمه.. مقهى (ناصر حكيم) ونالت شهرة واسعة بين مقاهي بغداد القديمة على مدى أكثر من ثلاثين عاما حيث كانت أشبه بمنتدى أدبي ومدرسة غنائية كان يؤمها كبار المطربين والشعراء المعروفين آنذاك أمثال جبوري النجار وبدري الحلي وعبد الأمير الطويرجاوي وحضيري أبو عزيز وشخير سلطان.

وبدأت الأذاعة العراقية بثها عام 1936  وتم تعيينه فيها كمطرب ريفي براتب شهري قدره ثمانية دنانير مقابل اربع حفلات شهريا، وكان البث مباشرا في حينها. ويذكر عنه انه في عام 1948 سافر إلى فلسطين مع مجموعة من الفنانين العراقيين من بينهم حضيري أبو عزيز وعلي مردان وناظم الغزالي وآخرين لأحياء حفلات ترفيهية لقطعات الجيش العراقي التي كانت تدافع عن ارض العروبة هناك.

في عام  1971  احيل على التقاعد بقرار من مجلس نقابة الفنانين بناء على طلبه ،لأصابته بمرض السكر الذي ظل يعاني منه سنوات، اوصله الى عجز في القلب والكليتين، فقد بصره بسببهما  وظل طريح الفراش إلى ان وافاه الأجل في (9 /4 / 1991).. ورحل ناصر تاركا ارثا غنيا من الغناء الريفي.

وبهذا نكون قد وثقنا تاريخ الأغنية العراقية الريفية يوم شاعت اذاعيا بين العراقيين باصوات ثلاثة مطربين جميعهم من محافظة ذي قار  واثنان منهم من مدينة الشطرة.

 


مشاهدات 99
أضيف 2025/06/30 - 1:29 PM
آخر تحديث 2025/07/01 - 5:39 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 134 الشهر 134 الكلي 11153746
الوقت الآن
الثلاثاء 2025/7/1 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير