السر في تطريز القبعة (دوبه- توبتيكه) الأوزبكية
طشقند - احمد جاسم الزبيدي
قد تبدو للناظر لأول وهلة الزخارف المطرزة على قبعة «دوبه « الأوزبكية مجرد زخارف جميلة، بيد ان الحقيقة أعمق من ذلك بكثير. فكل نقطة وكل شكل تحمل رمزية مقدسة، بعيدة كل البعد عن الزينة حسب . نشاهد على القبعة « دوبه « 16 عنصراً على هيئة أقواس، ترمز إلى دورة الحياة والتجدد. القوس الصغير يمثل مهد الطفل « بِيشِك « وهو رمز لبداية الحياة. أما القوس الكبير، فيمثل النعش « تابوت « الذي يودَّع فيه الراحل إلى مثواه الأخير. أما فوق القوس الصغير، نجد نقاطًا تشير إلى النور القادم من السماء ، بينما النقاط داخل القوس الكبير ترمز إلى انطفاء الضوء في إشارة إلى نهاية الحياة. إنها دورة لا تتوقف: الكون يتمدد وينكمش، والولادة والموت يتعاقبان إلى الأبد.
ويبدو النقش على قمة القبعة « دبه» ، الذي يظنه البعض فلفلاً حاراً أو لوزة أو حتى جناح طائر، أما الواقع والحقيقة أغرب: اذ إنه يمثل جنيناً في شهره الثالث. هنا، يعود إلى الذاكرة قول الإمام علي بن أبي طالب، رضي الله عنه، الذي باركه النبي محمد (صلى الله عليه وسلم)، بأن للكتب المقدسة أربع طبقات من المعنى: الظاهر، والباطن، والرمزي، والإلهي. اللافت ان قبعة مدينة «تشوست» الشهيرة يمكن طيها على شكل محراب صغير، ويوضع باتجاه مكة المكرمة للصلاة. الا ان رمزيتها لا تقتصر على الشكل، بل و تتعمق إلى البناء الكوني ذاته: أربعة أركان، كما في الحمض النووي، وأربعة اتجاهات تحدد حركة الشمس في السماء، وأربعة أشهر يكتمل فيها خلق الروح في رحم الأم. وثمة مسألة أخرى في الجوانب الأربعة من قبعة « دبه « والتي ترمز إلى مراحل الحياة: الطفولة، الصبا، الشباب، والشيخوخة. إنها قبعة صغيرة، لكنّها تحمل عالماً من المعاني وتسمى في اللغة الأوزبكية « دوبه» اما في اللغة الروسية « توبيتيكه « ..