الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
زيارة ترامب وإعادة تشكيل المحاور الإقليمية من الخليج إلى الكورد وتركيا في ظل الضغط على إيران

بواسطة azzaman

زيارة ترامب وإعادة تشكيل المحاور الإقليمية من الخليج إلى الكورد وتركيا في ظل الضغط على إيران

سوزان ئاميدي


في أول تحرك إقليمي له بعد عودته إلى المشهد السياسي، اختار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن تكون السعودية، وقطر، والإمارات محطاته الأولى، في زيارة حملت رسائل صريحة وأخرى مبطنة، كشفت عن ملامح سياسة أمريكية جديدة–قديمة تجاه الخليج والشرق الأوسط. فاختيار الرياض كبوابة عبور نحو الخليج لم يكن عبثيا؛ المملكة، بثقلها السياسي والديني والاقتصادي، تُمثل ركيزة التحالف الأمريكي التقليدي، وفي ظل تحولات متسارعة، تسعى واشنطن إلى تثبيت تحالفاتها في المنطقة التي شهدت تصدعات سياسية واستراتيجية في السنوات الأخيرة.
أما قطر والإمارات، فحضورهما في هذه الجولة لم يكن تكميلياً، بل يُجسّد اهتماماً أمريكياً متزايداً باستقرار “المثلث المالي–الاستثماري” الخليجي، خاصة مع الإعلان عن التزامات ضخمة من قبل أبوظبي بقيمة 1.4 تريليون دولار، ومن الرياض بما يقارب 600 مليار دولار. هذا التوجه الاقتصادي الذي طغى على الجانب الرسمي من الزيارة لا يُلغي البعد الأمني الذي شكل نواة الحوار بين الطرفين.
ويبرز في هذا السياق الملف اليمني، الذي لم يعد مجرد شأن إقليمي محصور في حدود الجغرافيا، بل بات يمثل تقاطعا مباشرا بين واشنطن وطهران. فالولايات المتحدة تنظر إلى الحوثيين كذراع إيرانية نشطة، وتهديد مباشر للملاحة الدولية، ما يفتح الباب أمام دعم أمريكي محتمل لتحركات عسكرية محدودة تهدف إلى إعادة ضبط موازين القوى، أو ربما استخدام الورقة اليمنية ضمن صفقة إقليمية أوسع، قد تشمل مقايضات غير مُعلنة، كتطبيع سعودي–إسرائيلي مقابل تخفيف الحرب أو إنهائها تدريجياً .
ومع أن الخطاب الرسمي لم يُسمِّ إيران صراحة، إلا أن التحركات والمضامين أوحت بأن الزيارة تحمل في طياتها رسائل ردع موجهة لطهران. فالتنسيق العسكري، المناورات المتوقعة، وصفقات التسليح المتقدمة، كلّها مؤشرات على مسعى أمريكي لتطويق النفوذ الإيراني إقليمياً . ترامب لا يبحث عن مواجهة شاملة، لكنه يتبنى تصعيدًا محسوباً يرفع سقف الضغط قبل أي احتمال للتفاوض. ومما يدعم هذا التوجه، المشاركة البارزة لشركات التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي في منتدى الرياض، ما يعكس تحولاً في أدوات الردع، وتأسيس بيئة تحالفات حديثة تتجاوز البعد العسكري الكلاسيكي.
في جوهرها، تبدو زيارة ترامب إلى الخليج رسالة مفادها أن “أمريكا عادت”، لكن هذه العودة مشروطة؛ فالدعم الأمريكي لم يعد مجانياً، والشراكة تُبنى على الاستثمار والمصالح المتبادلة. وإذا كانت الملفات الكبرى مثل اليمن وإيران حاضرة في المشهد، فإنها تظل في نظر واشنطن أدوات تفاوض، لا أهدافاً نهائية. الشرق الأوسط إذاً على أعتاب مرحلة جديدة من إعادة التموضع، لا تُدار بالبيانات، بل بلغة المصالح الصريحة، ومنطقة الخليج تجد نفسها من جديد في قلب هذه المعادلة المعقدة.
ورغم أن زيارة ترامب لا تحمل مصلحة مباشرة للكورد، فإن تأثيراتها غير المباشرة قد تتجلى في مسارات عدة. ففي حال أدى تصعيد الضغوط الأمريكية على إيران إلى تقليص نفوذها في العراق، فقد يُتيح ذلك للكورد هامشًا أوسع للمناورة السياسية واستعادة التوازن في علاقتهم مع بغداد. كما أن انفتاح دول الخليج، بدفع أمريكي، على أربيل، قد يشكل نافذة دعم سياسي واقتصادي مهمة. وعلى المدى الأبعد، قد يجد الكورد أنفسهم أمام فرصة لإعادة التموضع في إطار توازنات جديدة، شرط الحفاظ على الاستقلالية والقدرة على قراءة التحولات بذكاء.
أما على مستوى تركيا، فإن الزيارة قد تُسهم في تعزيز التنسيق الأمني بينها وبين الولايات المتحدة، خاصة بعد إعلان حزب العمال الكردستاني (PKK) عن حل نفسه وإلقاء السلاح. ورغم استمرار بعض التباينات بين أنقرة وواشنطن، خصوصاً فيما يتعلق بدعم قوات سوريا الديمقراطية، فإن الزيارة قد توفر فرصة لإعادة ترتيب الأولويات الأمنية بين الطرفين، وفقاً لحسابات المصالح المشتركة. وفي هذا السياق، قد يؤدي انحسار التوتر العسكري إلى خلق بيئة أكثر استقراراً للكورد في سوريا وإقليم كوردستان، ويُعزز من فرص الانفتاح السياسي والاقتصادي مع تركيا، إذا ما توفرت إرادة متبادلة لتجاوز إرث المواجهة .

 


مشاهدات 54
الكاتب سوزان ئاميدي
أضيف 2025/05/15 - 2:05 AM
آخر تحديث 2025/05/15 - 6:01 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 326 الشهر 18211 الكلي 11012215
الوقت الآن
الخميس 2025/5/15 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير