أصبوحة الجرح
عمار كشيش
عَرَفْتُ أَنَّ الجُرْحَ
نَابِتٌ فِي رُوحِي
مِثْلَ بُرْغِيٍّ صَدِئٍ وَمَنْسِيٍّ.
حَاوَلْتُ أَنْ أُمَازِحَهُ قَلِيلًا،
وَأَتَحَمَّلَ الجَحِيمَ .
الأَلَمُ عُمْرُهُ دَقَائِقُ.
مَنْ قَالَ إِنَّ عُمْرَ الجُرْحِ سَنَوَاتٌ؟
وَعَلَى كُلِّ يَوْمٍ كِيسُ حَصًى أَوْ رَمَادٍ؟
هَذَا زَيْفٌ،
أَيَّتُهَا الشَّجَرَةُ. أَيَّتُهَا الشَّجَرَةُ،
ظَلِّي كَمَا أَنْتِ:
المُحَامِيَ الأَوَّلَ لِمَشَارِيعِي
الشَّبِيهَةِ بِقِطَعِ الصَّفِيحِ وَالجَرَائِدِ...
أَوْ قِطَعِ الغُيُومِ.
قُلْتُ لِلشَّجَرَةِ:
سأَصْنَعُ مِنْ جُرْحِي،
وَمِنْ قِطَعِ قُمَاشٍ مُتَنَاثِرَةٍ فِي الحَوْشِ،
رَبْطَةَ عُنُقٍ.
أَنَا الَّذِي لَمْ أُجَرِّبْهَا يَوْمًا،
صَنَعْتُهَا
وَأَدَرْتُهَا حَوْلَ عُنُقِي،
تُشْبِهُ المِشْنَقَةَ...
وَحَبْلَ غَزَالَتَنَا الجَمِيلَةَ.
أَقَمْتُ حَفْلَةً فِي شَارِعِنَا
المَحْفُورِ مِثْلَ نَهْرٍ،
شَارِعُنَا... نَهْرُنَا...
وَشَجَرَتُنَا الصَّابِرَةُ أَمَامَ وَجْهِي.
حَضَرَ الأَطْفَالُ،
وَرَمَوْنِي بِالحِجَارَةِ.
سَيَهْدَأُ الأَطْفَالُ بَعْدَ نِصْفِ سَاعَةٍ،
وَيَعْرِفَ الكِبَارُ أَنَّ لَدَيَّ جُرْحًا مُقَدَّسًا،
كَمَا هُمْ يَمْلِكُونَ جِرَاحَاتٍ يُصَلُّونَ لِأَجْلِهَا.
الأَمْرُ عَادِيٌّ جِدًّا:
أَنَا أُقِيمُ أُصْبُوحَةً لِجُرْحِي،
لَا أُزْعِجُ أَحَدًا فِي هَذَا الشَّارِعِ
الَّذِي يُشْبِهُ نَهْرًا
مَصْبُوغًا بِلَوْنِ الفَحْمِ وَالحِنَّاءِ.