قراءة في حالة ظهور الفنانين بإطلالات غريبة

الآء الصوفي

يُشترط في الفن المسرحي الحقيقي أن يتمتع الفنان بجملة من المهارات والضوابط التي تُسهم في أداء العمل المسرحي بمستوى راقٍ. فالفنان المسرحي الحقيقي يجب أن يكون قادرًا على توظيف جسده، صوته، حضوره، وتفاعله مع الفضاء المسرحي، باعتبار هذه العناصر أدوات تعبير لا تقل أهمية عن عناصر أخرى كالأزياء، التي تُعد جزءًا من التكوين البصري العام للعرض،مع ذلك، تبقى هذه الأدوات خاضعة لرؤية فنية عميقة، خاصة في بعض أنواع المسرح مثل المسرح الاستعراضي الموسيقي أو المسرح الطقوسي، حيث تُختار الملابس بما يتناسب مع مضمون النص، وتُوظف بطريقة تكمّل التعبير الحركي والرقص، اللذين يُعدّان من أدوات التعبير الجمالي، ويُسهِمان في إيصال رسالة العرض الفني ،أما في حالة ظهور الفنانين وهم يرتدون ثياب غريبة وبأشكال وهيئات مختلفة عن المألوف ، فنحن لا نتحدث عن المسرح بالمعنى الكلاسيكي، بل نراهم يميلون إلى تقديم عروض استعراضية تستند إلى الإبهار البصري أكثر من الاعتماد على العمق الدرامي أو الرسالة المسرحية ،بل منذ اللحظة الأولى، قد يطرح العرض سؤالًا جوهريًا:

هل نحن أمام عمل مسرحي؟ أم أمام “شو” بصري يهدف إلى الفرقعة أكثر من تقديم رسالة فنية؟ كما في حالة اختيار محمد رمضان لـ”بدلة الرقص” تحديدًا لا يمكن قراءته فقط ضمن إطار الجرأة أو الانتماء لأسلوب استعراضي بحت، بل يمكن اعتباره مشهدًا متعمّدًا لامس جوانب جسدية وربما حتى جنسانية، ما يجعل منه استفزازًا مقصودًا – وربما ذكيًا – لبعض التيارات السياسية والاجتماعية، بل وحتى الاقتصادية ، من وجهة نظر البعض، فإن ما قام به رمضان تجاوز تحدي الأعراف الجندرية، ووصل إلى التلاعب ببعض الثوابت التي تتمسك بها المجتمعات المحافظة، بما في ذلك مفهوم الهوية الثقافية، كما بدا وكأنه نوع من “التطبيع البصري” لأنماط تعبيرية دخيلة على الثقافة العربية السائدة .

البلاغ المُقدّم ضد محمد رمضان، والذي اتهمه بالإساءة للدولة المصرية ورموزها، جاء بسبب رفعه للعلم المصري أثناء ارتدائه ملابس وُصفت بأنها “بدلة رقص”وقد تم الدفاع عن هذا التصرف باعتباره توظيفًا لتراث فرعوني، لكن المشهد بالنسبة لكثيرين لم يكن بريئًا أو عفويًا،

من وجهة نظري، فإن ظهور مثل هذه الحالات من قِبل مشاهير يتم التحضير له مسبقًا، بحيث تُؤخذ بعين الاعتبار ردود الفعل القانونية والمجتمعية المتوقعة، وهو ما يثير تساؤلًا مشروعًا :هل ما قدمه محمد رمضان يُعد إساءة للذوق العام ..!؟

الإجابة على هذا السؤال، في النهاية، متروكة للقارئ.