خطوط وطرق المرور والعبور
ضرغام الدباغ
قال لي من له خبرة ومعايشة في اليمن، وهذا في حتى ستينات القرن الماضي، أن القبائل كانت تقيم نقاط سيطرة على الطرق في مناطق نفوذها، وترغم كل من يجتازها أن يدفع لها (للقبائل) أتاوة ، أو ابتزاز أو تسليب، التسميات لا تهم ولا تغير الجوهر.
في العلاقات بين الدول، يعتبر المرور من أراضي دولة أخرى لأغراض سياسية معادية، عملاً معادياً، وإذا كان العبور عسكرياً فيعد من أعمال الحرب. ومن المعروف كقاعدة أن لا تتخذ أي دولة من أراضيها مقراً أو ممراً للعدوان على دول أخرى. أما العبور لأغراض تجارية، فهذا مسموح، بل ومرحب به، ولكن بعد دفع رسوم يطلق عليها برسوم “ الترانزيت “، وقد تكون السلعة / البضاعة / المادة العابرة لأراضي الدولة لها طابع استراتيجي،(كالنفط والغاز، والطاقة)، فهنا يتطور الأمر إلى شروط أخرى، من خلال وضع تعرفة خاصة، وربما وضع أاتفاقية خاصة، تحصل منها دولة العبور على مزايا كالحصول على حجم معين من مواد العبور بأسعار خاصة / تفضيلية، أو تعرفة عالية إذا كانت المواد العبرة كترانزبت توصف بأنها مواد خطرة..
إلى هنا والأمر مفهوم، رغم أن بعض دول العبور تستغل موقعها الجغرافي، وتستغل اضطرار الدولة المرسلة لقبول أي مقترحات أو بالاحرى، فتغالي في طلباتها، وأحيانا بما يفوق المعقول، وهنا تنشأ أزمة، ولكن تحل على الأرجح عبر مفاوضات معقدة، وهنا تلعب دولة العبور دور من يمارس الابتزاز.
ولكن وهنا رباط الحديث: قد يخترق طريق المرور مناطق خارجة كلياً أو جزئياً عن سيطرة الحكومة، وتقع تحت هيمنة : كيان سياسي منشق، حركات سياسية، عصابات محترفة، وهذه قادرة على عرقلة الاتفاق والتعرض لخطوط العبور وعرقلة التجهيز .. وهنا تضطر الدولة المصدرة إلى التفاهم مع الكيانات السياسية أو العصابات، ولكن يصادف أحياناً أن يكون عددها أكثر من جهة واحدة، وتبدأ التعقيدات ..!
العصابات تلعب دور اللصوص الشرفاء (مثل روبن هود)، لص له هدف نبيل ..! (حسب زعمه)، وأحيانا تلعب الدول دورا سياسيا منحطاً بقصد تحقيق مكاسب إضافية، فتتعثر المفاوضات الدبلوماسية، وتسوء العلاقات، وأحياناً تعمد الدولة المصدرة، إلى فعل المستحيل لتجنب المرور بأراضي الدول المغالية المتعبة، وتتحول القضية إلى إشكالية .. تستحق التفكير والتأمل. الدول تضطر أحياناً إلى التفاوض مع من يفرض الابتزاز ويمارس اللصوصية بدواعي الواقعية ..! وبعض الدول تنتهج البراغماتية في تحقيق مصالحها بحجة أن “ المضطر يفعل كل شيئ “