كرة القدم بين المتعة والتشدّد
محمد رسن
ضجت مواقع التواصل الاجتماعي بدعوى بعض من رجال الدين، الى مقاطعة مباراة كرة القدم بين العراق والكويت، والتي اقيمت في ملعب البصرة الدولي، بحجة ان موعد المباراة تزامن مع مناسبة دينية.
على أثر ذلك نشرت بوست على احدى مواقع التواصل الاجتماعي، عبرت فيه عن استغرابي لهذا التدخل الغريب، موضحا ان تدخل رجل الدين في هذه التفاصيل يؤدي الى تسييس الرياضة دينيا، وتحويل المنافسات الرياضية إلى معارك أيديولوجية، مما يفسد متعة الرياضة وروحها التنافسية،
وإثارة الفتن بين الجماهير، فبدلاً من تعزيز الروح الرياضية، قد يستخدم البعض خطابات وشعارات تذكي التعصب بين المشجعين، وتتحول الرياضة من مساحة تجمع الناس وتوحدهم، تتحول إلى ساحة للخلافات بدلًا من كونها مجالًا للتنافس الشريف والمتعة، محاولة خلط الدين بالرياضة مثل محاولة فرض طقوس دينية معينة على الرياضيين أو الجماهير، فهذا الأمر ليس من شأن رجل الدين، الرياضة لها قوانينها الخاصة، وأهل الاختصاص هم من يضعونها وليسوا رجال الدين.
باتت لعبة كرة القدم في البلد الحلم الأخير لنا بعد ان تحولت كل الأحلام الى كوابيس، والفرحة الاخيرة في البلاد بعد ان بطشت بنا الاهات والويلات، يبدوا ان المتأسلمين يريدون افساد اخر حلم واخر فرحة، ليعتبروا الرياضة رجس من عمل الشيطان، والتشجيع ينسف الايمان، والتصفيق يبطل الوضوء، العجيب انهم لم يلتفتوا الى الفساد والظلم الذي ينهش بالعباد، بل تركوا منابرهم وتعلقوا بأستار المرمى وهذا هو قدرنا الأحمق ان يصل الأمر بنا الى رجل دين يحلل ويحرم ويحدد الوقت الملائم للعب كرة القدم.
الأغرب من ذلك كله،وقت نشري للتوضيح و اذا بجمهور كبير يمطرني بسيل من الشتائم والتضليل والتكفير، وكأنهم مخلوقات مسعورة ذات أنياب حادة وألسن تشبه ألسن الأفاعي التي تقطر سما زعافا، وأدمغة محشوة بالحقد والاستعلاء والادعاء، ووهم بأن الله خلقهم ولم يخلق سواهم، معتقدين أنهم يمتلكون الحقيقة المطلقة، مما يجعلهم يرون من يخالفهم على أنه مخطئ أو حتى شرير،حتى سألت نفسي هل رجل الدين يمثل هويتهم حتى باتوا يعتقدون انه جزءا أساسيا في حياتهم ومعتقداتهم، بالتالي أي نقد أو معارضة تثير لديهم ردود فعل قوية حد التوحش، ام انهم في بيئة تحفز العدوانية تجاه المخالفين، وتجعلهم يتصرفون بشكل هجومي دون تفكير، ثم داهمني سؤال اخر ماذا قدم رجال الدين (المتأسلمين منهم) وليسوا كلهم فهناك رجال دين يحملون مشعل التنوير، ويحاولون تقديم فهم متوازن للدين، يدعم الحرية والكرامة الإنسانية، أما المتأسلمين أصحاب العقلية القبلية الانتهازية الشهوانية لم يتذوق المجتمع منهم اي زاد يصب في فائدته، غير تثبيت ودعم الحكام الظالمين باسم الدين، وتبرير القمع والاستبداد،
نشر الخرافات التركيز على الشعوذة والتفسيرات الرجعية بدلًا من التشجيع على التفكير النقدي والعقلاني، وتحطيم العزيمة والترويج لفكرة الاستسلام للواقع والرضا بالظلم تحت شعارات مثل «الصبر» و»الابتلاء»، واستغلال العاطفة الدينية في توظيف الدين لتحقيق مكاسب مادية أو سياسية، سواء بجمع التبرعات بغير حق أو التحريض لخدمة أجندات معينة، ومحاربة التحديث والتقدم والوقوف ضد التطور العلمي والاجتماعي بحجة الحفاظ على «الأصالة» الأمر الذي يعيق نهضة المجتمعات، ويزجهم في كهوف الجهل.