الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
حكاية عسل الكلام ومر المهام

بواسطة azzaman

نقطة ضوء

حكاية عسل الكلام ومر المهام

محمد صاحب سلطان

 

كم نواجه من الصعاب والتحديات، التي تدفعنا إلى الضغط على النواجذ، والعض على الأصابع،كي نكون طبيعين في زمن غير طبيعي،فعالم اليوم،غريب الأطوار كغرابة ساكنيه، بعد أن شوهتهم الصراعات والتناحرات ،وفرقتهم دوافع الأنانية وحب الذات، ونرجسية التصرفات لدا البعض،وكأنهم خلقوا من قطع غير متجانسة،ومن نسيج في غاية التشوه والاختلاف،حتى باتوا مختلفين عن أنفسهم بتوقيتات اليوم وساعاته ،هم في الصباح شكل وما بعد الظهر شكل ،وفي الليل شكل آخر!.

لاحظوا موظف الخدمة العامة،كيف يتصرف مع زبائنه من المراجعين ، وجهه يتغير طبقا لمفردات علاقاته ونزعاته العاطفية والمادية ،فالمرتشي منهم،تجد كلامه حلوا ولسانه يقطر عسلا مع من يفهم ألغازه ويستجيب لمراميه!، وكلامه خشنا كالصخر مع من لم يستجب ،بل يجعل (المعاملة)،مكب نفايات وارض طمر للعديد من الطلبات التعجيزية، مرددا جملته الشهيرة (أتركها وعد بعد يومين)،وعند المراجعة ثانية،يقال لك ضاعت بين عشرات الأوراق المكدسة،ويطلب منك التقديم مجددا ، وعندها ،كيف تكون طبيعيا في هذا الظرف غير الطبيعي،سوى أن تستل من جيبك حافظة النقود،وتضيف من محتوياتها لأوراق القضية!!.

وفي خطوط النقل العام والخاص بين المحافظات أو عند الرحلات السياحية،يجبرك السائق على الانصياع الاضطراري لمطاعم الطريق ، هو ينال (مجانا) الألذ من الطعام والشراب والدخان،مع زوادة طريق إضافية و(خرجية) للاولاد!، وأنت تصدمك الأسعار ورداءة ما يقدم،مع الاستعداد النفسي المسبق لمراجعة الأطباء لاحقا ،وما أسوء الندم بعد الرحيل!.

وفي محيطك المجتمعي (العائلة، الأصدقاء ،زملاء العمل)بل وحتى مجايلي المجالس في المقاهي والنوادي وعابري السبيل،فحدث ولا حرج،وأرجوك،لا تستغرب إذا سمعت قصة عن نفسك،أنت لا تعرفها!،تتعلق بعملك ودراستك ووضعك الاجتماعي وما تنوي فعله،وعن أحوالك المادية والعاطفية وو قصص لم تخطر على بالك يوماً،لكنك عشتها بعيون المتطفلين لا بعيونك!،مثلما نشاهدها اليوم في برامج الفضائيات وقصصها المختلقة، كي يحققوا الإثارة المطلوبة وعمل (شو) يهدف من ورائه حصد (الترند)أو (الطشة) كما تسمى هذه الأيام ،متناسين أصول الحوار الذي يفضح العقول، فيأتي الرد مزلزلا، عن طريق الغضب الذي يفضح الأخلاق!،عبر برامج المقالب والترفيه غير السوي الذي غزى الشاشات في الشهر الفضيل ، حتى بات بعضهم مختلفا عن ذاته فما بالكم بمدى اختلافه عن الآخرين ،وكلما رأيت أحدهم في مقابلة،أتذكر طرفة عن شاب جاء الى جده المتعب والمستلقي الذي يروم القيلولة قبل الإفطار ،يسأله:كيف يا جدي أتجاهل المزعجين؟،فأستدار صاحبنا الى الجهة الأخرى وأكمل قيلولته!، وهذا حال أغلب المسلسلات التلفزيونية المعروضة حالياً ،فهي كالقرب المنفوخة هواء لا يتمخض عنها  شيئ نافع، مجرد زعيق وألسنة بلاء بدلا من أن تكون علاج داء!.. ناهيك عن أحوال اليوم وما يكتنفها من تخبط في التعامل وفي تدخل دول في شؤون دول أخرى والتحكم بمصالح شعوبها ومصائرهم وتضييق الخناق على حياتهم ،تدفعني إلى القول بإن من يستقرئ المشهد الحالي ، يجد نفسه أمام تفسيرين لا ثالث لهما ،يؤديان إلى قناعة واحدة ،الاول بإن ما يحدث ما هو إلا مسرحية ،أو بالاحرى فصل من مسرحية طويلة ،تفضي خاتمتها الى ترجمة أفكار مخرجها ،والثاني إن من يعتاش على آلام الآخرين ،ستبقى بثور حقده تأكل جلده حتى يهلك ، والدليل ما يفرض اليوم من أمر واقع لن يجد له متنفس إلا في ذاكرة من لا عقل له، ونهايته السحق كما يسحق الغاضب عقب سيكارته لا غير!!.

 


مشاهدات 52
الكاتب محمد صاحب سلطان
أضيف 2025/03/15 - 1:14 AM
آخر تحديث 2025/03/15 - 6:42 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 146 الشهر 7510 الكلي 10568459
الوقت الآن
السبت 2025/3/15 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير