التربية الأمنية في المناهج الدراسية ضرورة أم رفاهية؟
مقداد ميري
تعدّ التربية الأمنية أساسًا في تعزيز الوعي الوطني و المسؤولية المجتمعية ، و لها دور كبير في حماية الفرد و المجتمع من المخاطر التي تهدّدهما .فالحاجة الملحّة إلى التربية الأمنية دفعت بعض الدول إلى الإهتمام بها ، و توجد تجارب دولية طبّقت في كوريا الجنوبية و فنلندا ، حيث أدرجت هاتان الدولتان التربية الأمنية لتعليم الطلبة مفاهيم الأمن السيبراني و الجرائم و خطورتها .فأستتباب الأمن هو مسؤولية مشتركة تتعاون عليها الأسرة و المدرسة معًا ، حيث أصبح من الضروري أن يدرس المعنيّون أهمية إدراج التربية الأمنية في المناهج الدراسية لطلبة المدارس الإبتدائية و المتوسطة و الإعدادية ، و أختيار مواد تهدف إلى توعيتهم و تثقيفهم من أجل حمايتهم من المخاطر و الآفات و الجرائم ، كالإرهاب و المخدرات و الجرائم بمختلف أنواعها . و كذلك حمايتهم من غسيل الأدمغة و أستغلالهم عبر نصوص التكفير و الكراهية التي تهدّد السِّلم المجتمعي ، إضافةً إلى بيان أهمية تطبيق القانون .فالفضاء الإلكتروني و شبكة الإنترنت و أستخدام مواقع التواصل الإجتماعي و التطبيقات المتاحة في أجهزة الموبايل ، مثل الأندرويد و الآيفون ، و أجهزة الكمبيوتر و غيرها من التقنيات الحديثة ، قد يشكّل خطرًا على الطالب والأسرة والمجتمع إذا لم يُحسن استخدامه . كما يمكن أن يتعرّض الطلبة للإستغلال من قبل أشخاص مجهولين في مواقع التواصل الإجتماعي أو تُنتهك خصوصيتهم . لذا فإن الثقافة الأمنية تلعب دورًا كبيرًا في حماية الطلبة ، و تعريفهم بكيفية أستخدام التقنيات الحديثة ، وأيضًا حماية حساباتهم الشخصية ، و توعيتهم بالمخاطر و عقوبات إنتهاك القوانين ، و الإبتعاد عن الجرائم .كما تكفل الثقافة الأمنية مواجهة التحديات الحديثة ، التي تهدّد أمن المجتمع و الفرد ، و تساهم في إنخفاض نسب الجريمة في المستقبل .لذا فإن مقترح التربية الأمنية مهم جدًّا ، و يمكن لوزارة التربية أن تكتب منهجًا جديدًا أو مواد في المنهج الدراسي . و أقترح أن يكون ذلك ضمن مادة الإجتماعيات ، بحيث يتضمّن دروساً عن أمن العراق و غرس مفاهيم حب الوطن ، و بيان مخاطر الإرهاب و التطرّف الفكري و الديني و طرق تجنّبه ، و أحترام القانون و تعريف الطلبة بطريقة التعامل الآمن مع التكنولوجيا ، و حماية البيانات من الخداع و الإختراق و السرقة ، و توعيتهم بضرورة الحفاظ على الأمن ، بأعتباره أساسًا في أستقرار المجتمعات و تقدّمها .
و يمكن تطبيق تدريس منهج التربية الأمنية من خلال طريقتين : هما المواد النظرية التي يقدّمها المعلم أو المدرّس ، مع توفير وسائل الإيضاح ، و التدريب العملي الذي يمكن أن يقدّمه أهل الأختصاص في العلوم الأمنية ، من ضبّاط و منتسبي وزارة الداخلية ، نظرًا لما يمتلكونه من خبرة في هذا المجال ، أو تدريب المعلمين و المدرسين على المواد العملية . و بالرغم من الدور الكبير الذي تلعبه وزارة الداخلية في عموم العراق ، من خلال المحاضرات و الورش التي تُلقى في الجامعات و المدارس ، للتعريف بخطورة الجرائم المادية و الجرائم الإلكترونية و طرق حماية المجتمع و الطلبة منها ، فإنّ التربية الأمنية باتت ضرورة ملحّة و ليست رفاهية ، لأنها تساهم في بناء جيل واعٍ ، متسلّحٍ بثقافة أمنية عالية ، ينعكس أثرها إيجابياً على أمن العراق و أستقراره و مستقبله .