قراءة نقدية في مجموعة سعد سباهي السماوي واتيت اليك ثانية

نحم الجابري

 

ضمن منشورات الاتحاد العام لادباء وكتاب العراق صدر للشاعر سعد سباهي ديوانه الجديد واتيت  إليك ثانية  ب47 نصا شعريا من قصائد الشعر الحر والنثر ومازح فيها بين مدرستين مختلفتين مدرسة السياب ونازك الملائكة

أتيت ثانية اليك

رأها على الدرب وجال في قرى الاشباح وسوق المتنبي مستنفرا ذاكرته واتى ثانية لمعشوقته رغم انه قال الف وصلى صلاته الاخيره في محراب عشقه وهو يردد من انتِ وبينما هو كذلك بسادن الليل الطويل سمع هتاف حبيبته تناديه تعال معي فهناك كابوس زرعته ذاكرة الصحراء باشباح في ليلة الليلات لم يبق له إلا ان يذهب مسافرا ويردد وراء من رحل كن لي وتخت وسادته عزفت ايقاعات قصائده المبعثرة المبللة بالندى والشوق لكنه مسك مسا امسه مساء الانتظارات لمن يحلمون مرددا قول معلمه اليك عني من صدى المدن ناداهوكتب الشعر في عينيه وهو مازال بقيد انتظاره الجميل يردد إهجعي ياروح فقد رحلوا وغدا سياتون ببابك ببراءة قال ذلك وهو يداري ارباكه عند اسوار ذاكرة ليله اليتيم يراقب العامفون في ثلاثية النجوم خلف الغيم المسافر بالعطش مان هناك يصرخ خذ بيدي فقد اتاتي نمل القرى وحديث الاطلال ارهقني مازلت مرتابا من ايماءات العشق لكنه صمت ثم ردد خلف المدى كانت هناك واتيت ثانية اليك

وجهة نظر

كي لااكون مقيدا لابد من اتخذ منهجا ما حتى لا اقع في المحظور واكتب قراءة نقدية منحازة تفقد مصداقيتها فبعيدا اوقريبا من كل المذاهب بعد طائر الليل ديوان سعد سباهي اظن اني ارتكب مغامرة وانا اقارب تلك النصوص الدافئة لهذا المربي الفاضل دون استشراف مقاصده ومكامن مصاديقة ورسالته التي يريد

لان قيمة العمل الادبي في هذا الشعر السردي الذي له نهايات ليست متداوله

معظم قصائد المجموعة قصيرة عدا ثلاث او اربع قصائد انصافا تفاؤلات وانتظارات وعذابات ونظرة الى الماوراء فنظرتة الفلسفية للحب والحياة تزخر فيها متون نصوصه اجمالا وان بدت غامضة المعنى في استخدام تكنيكي للغه يحسب له.

قصائد المجموعة

وخدة مترابطة ومتناسقة لكنها تختلف في الرؤية والافكار ويبقى مجملها في الليل والاحبة والوطن وحتى الموت وانخيازات اخرى لغد اخر

فالوطن والطبيعةوالوجد والتأمل والوفاء يستوطن ماوراء النص الشعري في كل جمله الشعرية وانا اكرر التاكيد كل الجمل الشعرية

ورغم ان الديوان لم يات بأهداء كما العادة يكون لشقيقه الشهيد سامي سبهي الذي سقط في مجزرة جسر السماوه في حرب الخليج  الاان النصوص فيها رائحة التضحية والشهادة والعشق فشاعرنا يحتفي بالشهداء

في نص على الدرب ص5 يحتل الوطن مساحة واسعة من هواجسه ووجدانه حتى انه يدمج اشياء كثيرة وعناوين ظاهره بعناوين مستتره ففي هذا  النص الحبيبة واوروك مسقط راسه ومدينته التاريخية يقول

الليلة سوف آضيف التاريخ

مدينة اوروك ربيعا أخر

وحديثا يوجز

ارث سنين القوالات

ومجد الشعراء

الباكين على الاطلال

هنا قدم الشاعر رؤية مختلفه فقدم خلود الشاعر ومحده على اطلال الحضارة المنهوبة في اشارة لما حل في بلده بعد الحروب

ص6يقول

ياسيدتي

اتت الساعة وانشق القمر

المبتل بنور الله

وحاق المكر السيء بالماكر

.

.

.ص14

في قرية الاشباح

جئتك محمولا فوق جناح الطير

كأني بعض رسائل ليل

هام بها النورس من جرف العاشق

لجرف أخر

هنا يتجلى بعض مكنونات حبه لوطنه وقد اتصحت هذه الصوره في مجمل قصائده بشكل واضح في نصوص سوق المتنبي ايقاعات قصائد قصيرة

سعد سباهي شاعرا مثابرا لايبحث عن فزارة الانتاج بل في تقديم المائز وهذا ديدن المبدع لان القصائد التي تستوطن جمجمة المتلقي افضل من دواوين تجتر نصوصها لكنه بدأ مؤخرا يتفرغ لعمله الابداعي مع تقدمه باالسن وصار الشعر يداعب خياله وهواجسه بسبب بلوغه مرحلة النضج العاطفي ورغم ان قصائده الاول كلنت تنم عن موهبة فريدة وبمناسبات عديدة كانت مثالية ونمذجية الرؤيه لم تغادر محطاتها الوطن والحبيبة وقدم في دواوينه الاربعه طائر الليل وهناك انتظرني والعزف على الوتر الخامس ثم اتيت ثانية اليك قدم فيها خلاصة حقيقية لتجربته وماديء القصيده عنده وجاءت تتماهى مع مخزونه الثقافي والفكري وذهنية المربي والشاعر والناقد الحاذق المتمكن من لغته بحكم التخصص

حيث غادر فيها منطقة التعطش المستمر للانتاج الشعري والظهور الاعلامي

فكان وحده منصة

وبعد خروجه من اطار الوظيفة المغلق ليقدم هذه النصوص في عامي21-22

ص22قدم نصامميزا اخر يتحدث عن ذاكرة

الموت والقطار والقضية والمراة التي اودعها حكايات ايامها الحالمات وجاء بقيس وليلى

يالك بلواك بلوى

وليلك ليل

وانت التي اتت

مااودعت في خطاك السنين

في مبالغة للتاكيد

ص24في قصيدته التي وسم الديوان فيها

مليئة بالتاملات القلقة وهو ملتزم ان يقدم نصا بعيدا عن التغني بالشخوص فهو شاعر ملتزم بقضية امته  ويساير مستجدات الوطن بموقف فهذا النص يمازج بين واقعية المعاني والمفردات ورمزيتها ولغته الشعرية المتخيله وهو هنا كانه لايدري ان يرهق المتلقي في قصيدة الف لا

جئت وفي عيني الف لا ولا

حبيسة كالدمع مع البكاء

كجرحك القاطن في ذاكرتي

انت الذي انت

مااودعت في خطاك السنين.

رغم الشاعر بنى في قصائده ضمن اسلوبه الايقاعي والتشخيصي باختيار لغة ذات منظور انساني ووجداني لكنه جعل من النص الشعري في كل المجموعة لغة ابداع وخلق متوازن باشارته الى دلالات غير معروفه او مالوفة وتفوق بهذا على يعتبر النص لغة الشعر نحوية موسيقية فقط؟

في سادن الليل ص30

اثبت الشاعر ان القصيدة صناعة خاصة لها قواعدها واصولها وظروف ولادتها وهو لم يلسط الفكرة فيدهذا النص لكنه اراد ان يرفع مستوى ذانقة المتلقى الى منطقة ماوراء النص والجمله الشعرية متعمقا بهذا السهل الممتنع يقول

ياسادة ليل الهامي في جرحي

والراحل في قافلة الجنازين

اطل ساعات حظورك

في مقبرة الشهداء

وإذن حين تودع

في اخر ليلك احلام العمر

فما ابهاك وانت تقيم

صلاة الفجر

هنا في صومعة الشعراء!

ص35اصبح الشاعر جزء من النص يستلهم كل مايحيط به لكنه في الاغلب لم يكن كلاسيكيا وغادر هذه المنطقة ولم يفرط بتحربته الاولى القصيده العمودية ويكون مقلدا لغيره استطاع بعصاميت وشفافيته ان يجمع هذا الاختلاف في شخصيته الى قوة اخرى تطوع نصوصه لقضايا الوطن

في نص اخر يقول

لم يبق منها في دمي

الا جنون صولة غبية

تناسلت

من الف عام في ضمير ادم

لم يبق في قلبي لها

الا سويعات وداع طافح بغربة اللقاء!

الخاتمة

 هذه المجموعة الشعرية عبارة عن مجلس حب وديوان لوعه ومحاولة لتوضيح جمال الوصف واللغة وتوضيح ارهاصات الشاعر وانفعالاته حبا وكرها فيها الانثى بكل شعور المرآة الجنيل والتزام الشاعر باخلاق نصوصه ومبادء وعيه وخبرته

قرأت فيها قرارات كل النصوص واغلبها شاعت فيها روح التساول والامل الحذر واعدها شاهد تاريخ على مرحلة حرجة في تاريخ الانسانية عموما وبلدنا خاصة فاسلوب الشاعر بادخال تفاصيل اقل لعناوين كبيرة لهذا احتوت اغلب النصوص جمال الرؤية النافذة وفي كل القصاىد كان بناء القصيده العام قويا ونافذا

يجعل المتلقي اسير اسطر النص مستخدما ادوات عديده يضمرها في النص ويمكن للمتلقي ادراكها دون عناء كما استخدم التناص القراني في مواضع عديده

مثل اقتربت الساعة وانشق القمر

كما نجح في توظيف الرموز التاريخية والاسطورية في استخدام امثل للميثلوجيا الشعبية

واستعان بعناوين فرديه مختلفه في توظيف ممز حيث نجد المطرب وحادثة نبي وقصة عشق ومدينة مثل اوروك وداخل حسن وبئر يوسف ونهر العطشان ونخل

كما مازج بين الومضات والقصاىد فقد تضمن الديوان بمساحة كبيرة ومضات عبارة عن لافتات شغلت والمجموعة وسيتوقف القاريء امامها طويلا فهي سلسلة هادفه

لا اريد ان احكم على شاعرية سعد سباهي وابشعر عنده فن لانه يحيل المشهد الى صورة ترسم بها وجه الكون وتمزق ذراته ان اردت ان تهشمه كي توسس لنظرية ان الشاعر مشروعا لقيادة العالم بعد الانبياء عندما يريد ان ينشيء ويوسس الواحا تتحرك فيها شمس اخرى وياتيها قمر اخر صورةتراهاعيون الاخرين الحالمين والمتالمين والمتاملين ،

والشعر حقيقة لانه لايتسامى الا بصدق الصيحة ونبل الضجيج وهو الحقيقة الاسمى التي لاتمتلك غير الجراة والحرف كي تحرر الاما غافية تحت كثبان الزمن وايامة الباكية الفانية وساعاته الحائره.

قدم سعد سباهي اليماوي في هذه المجموعة واحدة من اروع مجاميعه الشعريةوقد لا احد المساحة لمقاربة كل نصوصها مكتفيا بما قاربت اضافة حديدة للمكتبة الشعرية العراقيه والسماوية ووضع بين يدي المتلقي والناقد المبدع خلاصة تجربته الزاخرة بالاخلاص والوفاء لوطنه وشعبه وتحتاج الى ناقد يقارب المجموعة كلها.