الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
كلام الطمأنينة للنفوس العربية

بواسطة azzaman

كلام الطمأنينة للنفوس العربية

فؤاد مطر

 

تحضرني ونحن نعيش ذكرى البيعة العاشرة لخادم الحرميْن الشريفيْن الملك سلمان بن عبدالعزيز موقفان من كثيرة تتمحور حول ما يروم التعاضد العربي ونبْذ ما من شأنه تعويق حدوث الوفاق العربي والتعويل على صيانة مقومات الاهتمام بما يرفع شأن الأمة تنموياً وإقتصادياً في المشهد الدولي عوض التناحر وعدم شد الإزر لإنجاز إستحقاقات من كل نوع.

خطبة المناسبة

ولقد شاء الملك سلمان تحديد الموقف الأول منذ أن بدأت البيعة يوم الجمعة 23 يناير/ كانون الثاني 2015 يتمثل ذلك بقوله في خطبة المناسبة ألقاها في قصر اليمامة يوم الثلاثاء 10 مارس/ آذار 2015 برسم الملأين السعودي والعربي على حد سواء وحدد فيها خارطة عمل الحقبة السليمانية من خلال قوله «أبتهل إلى الله أن يمدني بعونه ويرزقني إتباعه ويريني الباطل باطلاً ويرزقني إجتنابه». وبدا في ذلك كمن يقول ضمناً للأشقاء أولياء أمور الحكم في العالم العربي، إن موقف المملكة من قيادات في هذه الدول العربية أو تلك أن تكون هذه القيادات من التي ينطبق عليها ما حدده الملك سلمان سلفاً وهو نبْذ الباطل، وهذا يعني أن أي طرف عربي يعيش حالة العكس وبحيث تصبح الدولة دويلات فإن الواجب الأخوي للمملكة هو النصح بالتدرج ثم بالمزيد من التنبيه لمضار الأجواء التي يأخذ الباطل مداه في أكثر مؤسسات الدولة وذلك على حساب النزاهة والمبدئية والحس الوطني. والمتأمل في الأحوال العربية يلاحظ أن كثرة في لبنان لا تنتبه إلى مضار الباطل يحدث في وزارات ومؤسسات سيادية، ومآل هذا الإستشراء أن الدولة الأكثر إقتدراراً وإحساساً بمشاعر الأخوة تتعامل مع ظروف هذه الدولة العربية أو تلك على أساس نبْذ الباطل سياسياً وكلامياً. ومثل هذا المنحى كفيل بتعديل ممارسات من هو في نهاية الأمر لمَن كان مبتلى بمتاعب الأزمات المفتعلة والمتوارثة تأخذ من مهابة الوطن فضلاً عن المآزق التي يواجهها السعي لإستقراره. ولنا على سبيل المثال لبنان الذي خصته المملكة من الاهتمام بعلاج أمر ما لم تفعله دولة قادرة مع دولة متعثرة. ومن مآثر الإهتمام «إتفاق الطائف» الذي حاولت المناكفات بعثرة جوهره، وهو الآن أعدل علاج يداوي الأخذ به ويلات ربع قرن مضى من الحكم وييسر الأمر أمام حقبة إستقرار يبدو الوطن العسير عليه حسم بناء مؤسساته الدستورية في أشد الحاجة إليه. وهو في ذلك مثل حالة مريض تزايد شعوره بالألم فيما علبة الدواء إلى جانب سريره لكنه متردد لدواع في إبتلاع حباتها.

وأما الموقف الثاني للملك سلمان فإنه المتعلق بالتنافر العربي – الإسلامي غير المستحب. وهذا الموقف جاء في ضوء ما أشرنا إليه لجهة البغضاء والتنافر بين الأشقاء مما يضعف شأن إرادتهم في مواجهة التطورات الدولية. ولقد بدا الموقف جلياً يوم الثلاثاء 19 مايو/ أيار 2015 في رده على تسليمه «وسام البرلمان العربي» وقوله «إن السياسة التي نسير عليها منذ عهد الملك عبدالعزيز وأبنائه سعود وفيصل وخالد وفهد وعبدالله والتي نسير عليها الآن وهي لم شمل الجميع من العرب والمسلمين. هذا عز لنا، لكنه مسؤولية كبرى ولا بد أن نتحمل المسؤولية...».

ويبقى الموقف الثالث وهو الذي حدد معالمه في زيارته الأولى كملك للولايات المتحدة وصودف أن رئيس أميركا تلك الحقبة كان باراك أوباما الذي أوجز الملك سلمان أمامه موقف سادس ملوك السعودية بالتأكيد على «أهمية مبادرة السلام العربية التي قُدمت عام 2002 وعلى الحاجة إلى الوصول إلى تسوية شاملة وعادلة ودائمة للنزاع الفلسطيني – الإسرائيلي قائمة على حل الدولتيْن لتحقيق الأمن والسلام وتشجيع الطرفيْن على القيام بخطوات بهدف المحافظة على حل الدولتيْن وتطويرها...».

عامل الزمان

وبدا الملك سلمان في تأكيدة على «التسوية الدائمة»  يؤكد سلفاً أن ما قاله وتم تثبيته في البيان المشترَك عن محادثاته للمرة الأولى كملك مع رئيس أميركي، هو ما ستنتهجه المملكة في ظل قيادته وأن عامل الزمن بمعنى مرور ثلاث عشرة سنة (حتى ذلك اللقاء مع أوباما) لا يلغي هذه المبادرة التي بلغت ربع قرن من دون أن تحرك الإدارة الأميركية والحكومات الأوروبية ساكناً في شأن تفعيلها وبما يحقق حلاً عادلاً للقضية الفلسطينية،  خلاف ما فاجأنا به الرئيس ترمب من طلب من كل من الأردن ومصر تفريغ غزة من سكانها «وإستضافتهم» ساكنين ربوع دولتيْن تشكوان أصلاً من تعقيدات أيديولوجية إسلاموية وسكانية. ان الإستضافة تكون لشخص أو لعائلة إنما ليس لشعب بكامله. كثيرة هي ملامح الحقبة السلمانية وكلماته لجهة الطمأنينة في النفس العربية والحرص على لم الشمل العربي والقضية الفلسطينية والتي تجسدت في ربع قرن من البيعة لخادم الحرميْن الشريفيْن.

لكن تبقى مشاعر الأخوة في طباعه لافتة سواء لحرصه على تقبيل رأس الملك عبدالله الذي كان في المستشفى في الساعات الأخيرة للرحيل، وقبل ذلك دمعته التي لاحظناها على محياه عندما إستذكر الأخ الراحل الملك فهد خلال كلمة ألقاها لمناسبة تدشين «الندوة العلمية عن تاريخ الملك فهد» وجاء في كلماتها التي أفرزت دمعة «كان فهد عبدالعزيز والدي الثاني تربيتُ في صغري تحت ظله ورعايته...». وكأنما هذه الحال تحدُث للمرة الثانية من جانب الملك سلمان مع الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز الذي في ضوء تربية الظل والرعاية رأى فيه خير من تبدأ المملكة معه وفي رحاب هالة والده مرحلة التأسيس الثاني. حفظ الله الأب الراعي والإبن البار.. والمملكة الموعودة بالكثير عام 2030.


مشاهدات 74
الكاتب فؤاد مطر
أضيف 2025/01/28 - 10:13 PM
آخر تحديث 2025/01/30 - 5:49 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 168 الشهر 14625 الكلي 10294590
الوقت الآن
الخميس 2025/1/30 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير