الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
مكتبة الجوادين أبرز إنجازات هبة الدين الشهرستاني   2 - 2

بواسطة azzaman

سلسلة أبنية تراثية بغدادية

مكتبة الجوادين أبرز إنجازات هبة الدين الشهرستاني   2 - 2

صلاح عبد الرزاق

 

مكتبة الجوادين العامة في الصحن الكاظمي

 

تعد مكتبة الجوادين من أبرز إنجازات السيد هبة الدين الشهرستاني التي ما زالت تنبض بالحياة وتشع علماً وثقافة منذ تأسيسها عام 1941. فهي تحتوي على نفائس الكتب المطبوعة والمخطوطة ، وجلبت أنظار الباحثين والأكاديميين إضافة رجال الفكر والعلم والسياسية.

بعد نشوب الحرب العالمية الثانية عام 1939 قرر السيد الشهرستاني الانتقال من مركز بغداد إلى الكاظمية. وكان يقيم في بغداد ويمارس عمله كوزير للمعارف منذ عام 1921 وكرئيس لمجلس التمييز الجعفري في العاصمة بغداد. في 18 حزيران 1940 انتقل إلى الكاظمية مصطحباً مكتبته الخاصة معه.

 

وحينما انتقل المؤسس بمعية عائلته إلى الكاظمية، اتخذ من جوار الإمامين الهمامين الكاظمين (عليهما السلام) سكناً له، حيث كان يؤم المسلمين في الصلاة الجامعة في الصحن الكاظمي المقدس، كما اتخذ حجرة من الحجرات المحيطة بالصحن مركزاً له يستقبل فيه الزائرين والذين يقصدونه رغبة منهم في التزود من علومه ومعارفه خصوصاً في ضحوات الجمع والأمسيات الأسبوعية.

في مطلع الشهر الثامن من سنة 1940م عَلِمَ السيد هبة الدين أنّ في الركن الجنوبي الشرقي من الصحن الكاظمي – وبالتحديد بين باب القبلة وباب المراد- توجد قاعة كبيرة مهملة يتخذها القائمون على خدمة المرقد المقدس مخزناً لحفظ المواد التالفة والمستهلكة، فرغب باتخاذها مكاناً لمكتبته ليجعلها مكتبة عامة تؤدي خدماتها العلمية إلى طلاب العلم والمعرفة قربة إلى الله تعالى حيث نقل السيد المؤسس رغبته للأستاذ رؤوف الكبيسي مدير الأوقاف العام وأعرب فيها عن حاجته لهذه القاعة ليلقي فيها دروسه.

        في يوم الأحد 28 رجب  1359هـ المصادف 1 أيلول 1940  استلم السيد القاعة بعد موافقة مديرية الأوقاف التابعة لمجلس الوزراء يومها حيث وافق رئيس الوزراء رشيد عالي الكَيلاني على الطلب المقدم من قبل السيد المؤسس، حيث تم تنظيف القاعة وترميمها بما يتناسب ومكانة المكتبة مع تزويدها بهاتف لتلبية خدماتها.  (20)

وقد أرخّ سنة تأسيسها الشاعر العراقي وخطيب الكاظمية كاظم آل نوح بقوله :

هبه الدين كم له***من علوم وموهبة

   وتأليف جمّة***وتصانيف طيبة

    خدمة العلم دأبه***حسبما الدين أوجبه

     أرّخوا أنشئت به***للجوادين مكتبة

 

وقد قال السيد هبة الدين في بيان افتتاحها : ( بسم الله المتعال .. وبعونه الكريم وفضله المتوال. وضعت نواة هذه المكتبة المتواضعة في الكاظمية في ليلة القدر الثالثة (الليلة الثالثة والعشرين) من ليالي شهر رمضان المبارك لسنة (1360) ألف وثلاثمئة وستين هجرية الموافق ليوم الأثنين الثالث من تشرين الأول (1941م) الف وتسعمئة وواحد وأربعين ميلادية .

 ولقد أسميتها ( مكتبة الجوادين العامة) تيمناً بمجاورة الإمامين الجوادين (سلام الله عليهما) في هذا المكان ، ذلك حسبي في الله سبحانه أنْ يتقبلها مني بقبول حسن وينبتها نباتاً حسناً ، وأنْ يسبغ عليها يمنه  وبركته ، ويستقيها بوابل دائمة النفع لأرباب العلم ، وطلاب المعرفة ، مادام العلم ، وبقية البشرية ينهلون منها ما ينهلون ، ويذكروني بما أستحق من الرحمة إنْ شاؤوا أنْ يذكروني ، وأدعو الله أنْ يرعاها على الدوام بعينه التي لا تنام ؛ لتبقى كعبة العلم ، وباحة العرفان ، مفتحة الأبواب للأنام ، وأن لا يحرمني جيرة هذا المكان في الحياة والممات ، إنه سميع الدعوات ، فنمَتْ تلك البذرة المباركة في ربوع هذه البيوت التي أذن الله أن يرفع ويذكر فيها أسمه). (21)

        انتقل السيد الشهرستاني إلى الكاظمية لتكون مكاناً له يلقي فيها على طلبته الدروس صباحاً ومساءً، أما مكتبته فقد نقلها في مطلع سنة 1941م ليستفيد منها عموم الطلبة وعشاق العلم وجعل دوام المكتبة من الساعة الرابعة عصراً حتى السابعة مساءً من كل يوم، وكانت البداية الرسمية لممارسة المكتبة العامة دورها في تقديم الخدمات للجمهور في 1 كانون الثاني 1942 م .

  عهد السيد المؤسس بإدارة المكتبة لولده السيد جواد منذ سنة 1941 حيث أشرف على إدارتها ثم أصدر السيد المؤسس أمراً رسمياً بتعيين ولده أميناً عاما لها وذلك في 21 كانون الثاني 1956م حيث جاء فيه: (قررت إناطة إدارة مكتبتي (الجوادين العامة) في الكاظمية إلى ولدي السيد جواد الحسيني الشهرستاني مع استشارتي في شؤونها المهمة وعينته أميناً عاماً لها وناظراً ومسؤولاً عن كل ما يتعلق بشؤونها وخوّلته جميع الصلاحيات اللازمة لإدارتها وتمشية أمورها وتوسعتها متمنياً له التوفيق والنجاح وللمكتبة السعة والازدهار).

        وقد أدى السيد جواد الواجب الملقى على عاتقه وحافظ على الأمانة التي جعلها والده بذمته فصانها رغم المخاطر والمخاوف من غلقها أو مصادرة الكتب الموجودة فيها خصوصاً بعد مجي النظام البعثي سنة 1968م الذي نصب الحراب اتجاه الفكر الأصيل الحر ووجد في الكتب ومطالعيها عدواً يهدد بناءه بالزوال والانهيار.

         في عهد وزير الأوقاف أحمد عبد الستار الجواري بادرت الوزارة إلى ضم قطعة أرض مجاورة للمكتبة بدون بدل ورصدت مبلغاً لتشييد قاعتين وعدة غرف ودورة مياه صحية خاصة بالمكتبة، تبلغ المساحة المضافة للمكتبة حوالي (88  متر مربعاً).

 

المكتبة منبر فكري

   ولأهمية هذه المكتبة العلمية ومكانة مؤسسها بين أهل العلم والأدب ، اقترح بعض العلماء على السيّد المؤسّس بإلقاء دروس منظّمة فيها للاستفادة منها ، فشرع بإلقاء دروس في تفسير القرآن الكريم      ، شرَع السيد الشهرستاني بتفسير القرآن الكريم في الساعة العاشرة صباحاً من كل يوم في شهري رجب وشعبان سنة 1940م. وفي شهر رمضان مساءً حيث قامت إذاعة بغداد حينها بنقل الدرس مباشرة من قاعة المكتبة وقد حضر الدرس بعض المشاهير أمثال رشيد عالي الكَيلاني ومحمد أمين الحسيني مفتي فلسطين وكبار المسؤولين في الدولة.

وخصصت لها وزارة المعارف سنة (1945م) نصيباً من مساعداتها الماليّة ، وكذلك خصصّت مديرية الأوقاف العامّة حصّة مالية لمساعدة المكتبة سنويّاً.

 

        في مطلع عام 1947م أهدى أمير ولاية حيدر آباد الهندية المكتبة ( 600 كتاب) من الكتب الإسلامية المطبوعة باللغة الأوردية عن طريق السفارة الهندية في بغداد، وفي عام 1948 زار المكتبة أميران من أمراء المقاطعات الهندية وهم (الراجا حيدر خان والراجا محمود آباد) بمعية إحدى الشخصيات الهندية المعروفة فأهدوا للمكتبة خزانات كتب جميلة لجوانبها الثلاثة في القاعة المركزية فرتبت بنسق جميل وأزيلت الرفوف الخشبية البالية. (22)

في عام 1982 قامت وزارة الأوقاف بضمّ قطعة الأرض الملاصقة للمكتبة ، ورصدت مبلغاً لتعميرها ، وفي سنة (2001م)  ، وضمن حملات الاعمار التي قامت بها وزارة الأوقاف العراقية لسور الصحن الكاظمي الشريف ، فقد تمت أيضاً بعض أعمال الترميم لهذه المكتبة.

الأدوار التي مرت بها المكتبة:

       مرت المكتبة بأربعة أدوار هي:

 الدور الأول: مرحلة التأسيس وما تمخض عنها من إنجازات أثرت المكتبة من حيث تجهيزها بالكتب والخدمات اللازمة الأخرى، كما شكّلت هذه المرحلة بداية لجذب الرواد الذين سيشكلون الجانب الأكبر من الزوار للمكتبة وقد استمرت هذه المرحلة تقريباً ربع قرن حتى رحيل السيد المؤسس.

      بدأت المرحلة الثانية حينما صار السيد جواد السيد هبة الدين الشهرستاني أمينها العام حيث سار على خطى والده في خدمة المكتبة وتقديم كافة التسهيلات للمستفيدين منها، كما حافظ على انتظام انعقاد مجلس المكتبة الشهري والمحاضرات التي تلقى فيه، ولكن في هذه المرحلة تعرضت المكتبة إلى انتكاسة، إذ حاربها البعثيون ومنعوا فتح أبوابها . كما منعوا إقامة المحاضرات فيها. وكان الجواسيس ورجال الأمن يراقبون كل داخل وخارج للمكتبة، فضلاً عن مراقبتهم السيد جواد الذي ذاق الأمرّين من كثرة المضايقات حتى قرر إغلاق أبوابها على مضض، وظل يتردد عليها وحده ليطمئن على الكتب الموجودة فيها بشكل خاص وعلى وضع المكتبة ككل، هذا والسلطات لا يمكن الوثوق بسكوتها عن المكتبة فلا يدري السيد جواد متى تنقض عليها لتفترس تراثها النفيس وآثارها الخالدة ولكن الله جلت نعماؤه حماها ببركة وجود الإمامين الهمامين الكاظمين (عليهما السلام).

        شكلت المرحلة الثالثة التي بدأت بسقوط نظام البعث عام 2003م بداية جديدة حيث شمّر السيد جواد عن ساعديه مع أنجاله الكرام ليعيدوا للمكتبة دورها الأصيل ولتعود تخدم الهدف الذي تأسست من أجله فقد توجه إلى ترميم المكتبة وإعادة ما تضرر جرّاء السنين العجاف التي مرت حتى فتحت أبوابها للمطالعين. في عام 2004 زرت السيد جواد الشهرستاني وحدثني عن سيرة والده ومرافقته له ولقاءاته بالشخصيات العراقية والأجنبية.

        أما الدور الرابع فيبدأ برحيل السيد جواد الحسيني الشهرستاني إلى الدار الآخرة في 19 أيلول 2005 ، حيث أناط مهمة إدارة المكتبة بولده السيد محمد إياد الذي سار على نهج والده وجده في تحسين الخدمات المقدمة من قبل المكتبة وتيسير المصادر للباحثين، إضافة لقيامه بإحياء المجلس المنعقد في فناء المكتبة، حيث يعقد في أول يوم خميس من الشهر الميلادي مجلساً يتم خلاله إلقاء محاضرة لأحد الأساتذة أو المختصين في مجالات منوعة من العلم والأدب.

        منذ أن عاودت المكتبة نشاطها قام السيد جواد الشهرستاني رحمه الله بإدخال النظم الحديثة في أرشفة وفهرسة الكتب والمجلات باستعمال التقنيات الحديثة، حيث خصص جناحاً لذلك، واليوم يسعى السيد محمد إياد لتزويد المكتبة بكل تقنية حديثة من شأنها تطوير عمل المكتبة.

وكان المرحوم السيّد جواد الشهرستاني قد عهد إدارة المكتبة سنة (2000م) إلى الدكتور السيّد شادمان محمد نظيف البرزنجي ، يساعده في ذلك ولداه السيّد محمد أياد ، والسيد مصطفى الشهرستاني ، والشيخ عماد الكاظمي.

 

وصف المكتبة

   تقع  المكتبة في زاوية الجانب الشرقي من صحن الإمامين الكاظمين (عليهما السلام) ، وقد تأسست في شهر رمضان المبارك سنة (1360هـ) (1943م) على يد العلامة الكبير الحجة السيد هبة الدين الحسيني الشهرستاني (قدس) ، وتتألف بنايتها من طابقين أرضي وآخر علوي . والطابق الأرضي مربع الشكل يتوزع جوانبه الثلاثة عدد من خزانات الكتب الخشبية ، وقد جمعت هذه المكتبة بعض نفائس المخطوطات  فضلاً عن الكتب المطبوعة النادرة في مختلف اللغات كالعربية ، والفارسية ، والتركية ، والإنكليزية ، والاوردو  ويبلغ مجموع كتبها ثلاثون الف كتاب ، ومئات المخطوطات.

 

  تتكون المكتبة من طابقين ، الأول يحتوي على قاعتين كبيرتين الأولى مخصصة للمطالعين تعلوها قبة كبيرة عليها نقوش إسلامية وتحيط بجدران القاعة من جوانبها الثلاثة خزانات الكتب ، أما القاعة الثانية فهي عبارة عن مكتبة إلكترونية مجهزة بأجهزة حاسوب متنوعة من رسائل الماجستير ، وأطروحات الدكتوراه ، وبرامج علمية ، ودروس فقهية و حوزوية ، ولعب أطفال ، وتسلية ، وقد سميت هذه القاعة بقاعة الإمام موسى الكاظم (عليه السلام) ، ويحتوي الطابق الأول على غرفة ، وهي مخصصة لإدارة الشؤون الإدارية .

 أما الطابق الثاني من المكتبة فيحتوي على قاعة كبيرة مخصصة للدوريات حيث تمتلك المكتبة حوالي (600) عنوان دورية يستخدمها الباحثون ، وقد سميت هذه القاعة بقاعة الإمام الجواد (عليه السلام) ، وقد جهزت القاعة بجهاز حاسوب ، كذلك يوجد في الطابق العلوي قسم الاستنساخ ، والتصوير ، وايضاً توجد غرفة مخصصة للموظفين ، ويوجد في المكتبة قسم مهم جداً وهو قسم المخطوطات ، والكتب النادرة ، وهذه المخطوطات موجودة ، ومحفوظة في خزانات داخل إدارة المكتبة ولا يحق لأي شخص الوصول إليها إلا بموافقة الإدارة.

وهذه القاعة مرّبعة الشكل طول ضلعها سبعة أمتار، تعلوها قبة كبيرة عليها نقوش إسلامية رائعة الصنع ، وكتبت حولها سورة الدهر ، وقد اتخذ السيّد الشهرستاني هذه القاعة مقراً له ، إذ يلقي دروسه ومحاضراته فيها ، ويحضرها عدد كبير من طلاّب العلم والفضلاء. (23)

المجموعة المكتبية

  تعدّ المجموعة المكتبية الموجودة حالياً من المجاميع الجيدة والمتنوعة في موضوعاتها، تستعمل نظام الرفوف المفتوحة حيث تسهل للباحثين الوصول إليها ومعرفة ما يصل للمكتبة أول بأول ، كما وتستعمل المكتبة نظام الفهرسة التسلسلية  ، كما وتحتوي على : الكتب(العربية) تجاوزت الـ (22) الف كتاب ،  والكتب الفارسية:(2400) كتاب ، الكتب الاوردية(الهندية) (600) كتاب . فضلاً عن مجموعة صغيرة من الكتب الانكليزية لا تتجاوز الـ (200) كتاب ،  اما الرسائل الجامعية (400) ما بين رسالة واطروحة جامعية وفي مختلف العلوم . واغلب الطلبة الذين درسوا واستفادوا من المكتبة ومن مقتنياتها هم ممن اهدوا رسائلهم إلى المكتبة عرفاناً منهم ورداً  للجميل .

الدوريات : تجاوزت الـ (600) عنوان وفيها دوريات قديمة يعود اصدارها إلى 1870م و1900م وهكذا

المخطوطات : تمتلك المكتبة خزانة خطية فيها:

1-200  نسخة خطية من مقتنيات السيد هبة الدين فيها من نفائس الكتب الخطية ويعود تاريخها إلى القرن السابع الهجري وبعضها الآخر إلى القرن الثامن الهجري

2- مؤلفات السيد الخطية واوراقه الخاصة التي تجاوزت الـ (350) نسخة خطية

  كما وتمتلك المكتبة ارشيفاً وثائقياً مهماً تجاوز الـ (800) وثيقة .

  أما موجودات المكتبة الإلكترونية بالصيغة الرقمية Pdf :

1-الكتب الالكترونية : 50 ألف كتاب.

2- الرسائل الجامعية: 15 ألف رسالة واطروحة في مختلف التخصصات العلمية والانسانية.

 3- المخطوطات الالكترونية: 3000 مخطوط إلكتروني

 

زوار المكتبة من الشخصيات

         تعد مكتبة من أهم المكتبات لما تحتويه من نفائس الكتب سواء ما كان منها المطبوع أم المخطوط، لذا أصبحت محطاً لأنظار الباحثين والمهتمين بالشأن الثقافي والعلمي حيث زارها – حينما كانت ببيت المؤسس السيد الشهرستاني في بغداد- جملة من المفكرين المستشرقين، الذين سمعوا بما تضمه فسعوا بجدهم لكي يطلعوا عليها عن كثب وليتعرفوا على ما يفيدهم في بحوثهم ودراساتهم ومحاضراتهم. وكان للشهرستاني مراسلات وعلاقات مع عدد من المفكرين العرب أمثال الشيخ محمد رشيد رضا (1865-1945) صاحب (تفسير المنار) و عباس محمود العقاد (1889-1964) ، والمستشرقين منهم:

1-السنيور كارلو الفونسو نالينو (1872-1938) مستشرق إيطالي طبعت محاضراته بالعربية عن تاريخ علم الفلك عند العرب في روما سنة 1911، كما طبعت له محاضرات عن تاريخ الآداب العربية من الجاهلية وحتى نهاية العصر الأموي، تولت طباعتها ابنته المستشرقة ماريا نالينو، وقد زار العراق عندما كان أستاذاً لعلم الفلك في جامعة القاهرة.

2- الفرنسي لويس ماسينيون (1883-1962) أستاذ مادة التاريخ الإسلامي في جامعة باريس، من أكبر مستشرقي فرنسا وأشهرهم، شغل مناصب عديدة أهمها سكرتير وزارة المستعمرات الفرنسية في شؤون شمال إفريقيا، له عدة مؤلفات أهمها تاريخ الصوفية وسيرة الحلاج، الإسلام والتصوف، تاريخ الكوفة.

3- الألماني جوزيف شاخت (1902-1969) أستاذ الأدب العربي بجامعة برلين، مستشرق وباحث في الدراسات العربية والإسلامية، متخصص في الفقه الإسلامي، له عدة مؤلفات أهمها بداية الفقه المحمدي في فقه الإمام الشافعي، تحليل نشأة علم الحديث، وكتابه الشهير (تراث الإسلام).

4- الألماني هلموت ريتر (1892-1971)  أستاذ التاريخ الإسلامي بجامعة اسطنبول ورئيس جمعية المستشرقين الألمان في اسطنبول.

5- جيمس نورمان أندرسون أستاذ الشريعة الإسلامية في جماعة أكسفورد وكامبردج.

  

6- كلير بانغ: أستاذ تاريخ الشرق الأوسط في جامعة برنستون الأميركية. (24)

7- في 28 آب 2021 قام الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (1977 - ) بزيارة العتبة الكاظمية وضريحي الأمامين الكاظمين عليهما السلام. وزار مكتبة الجوادين العامة حيث اطلع على المخطوطات النفيسة والكتب النادرة. وقد كتب في سجل الزيارات باللغة الفرنسية:

(تأثر وتواضع كبيرين أشكركم على فتح أبواب مكتبتكم لنا. هذه الرحلة في مخطوطاتكم ستكون محفورة في ذاكرتي. آثار التاريخ الديني، معرفة الهوية، الحوارات الدائمة، هي نصوص أنا متأكد من انها ستساعد في إلقاء الكثير من الضوء على المستقبل. على أمل أن نكون قادرين على مساعدتكم على الاستمرار، مع احترام وثقة متبادلة. إيمانويل ماكرون ). (25)

ذكرياتي وزيارتي للمكتبة

في تشرين الثاني 2004 تعرض منزلي المستأجر لهجوم إرهابي ليلاً مما اضطرني في صباح اليوم التالي لترك البيت والانتقال مؤقتاً إلى منزل شقيقتي. وبعد أسبوعين تمكنت من استئجار منزل آخر في الكاظمية قريباً من العتبة الكاظمية المقدسة. وخلال تلك الفترة كنت أتردد بشكل متواصل على العتبة للزيارة. وفي أحد الأيام تلقيت دعوة لحضور ندوة فكرية ، فحضرت واعجبت بجو المكتبة الثقافي وبمشاركة نخبة مثقفة وأكاديمية. ولأول مرة اكتشفت هذا المنبر الثقافي والاجتماعي. كما اكتشفت أن قبر السيد هبة الدين الشهرستاني يقع في وسط المجلس. وعلمت أن المكتبة تعقد مجلساً شهرياً تستضيف فيه أحد الباحثين أو الأكاديميين أو الشخصيات الأدبية أو العلمية.

في 4 كانون الأول 2008 ألقيت محاضرة بعنوان (القانون الدولي والشريعة الإسلامية) وبحضور كثيف ومداخلات واستفسارات لكون الموضوع يبدو جديداً. وكنت معتمداً على أطروحتي في الماجستير التي حصلت عليها عام 1998 من جامعة لايدن بهولندا وهي بعنوان (العالم الإسلامي والغرب ، دراسة في القانون الدولي الإسلامي).

بعد شهر أي في الأول من كانون الثاني 2009 حضرت لندوة للدكتور حسين علي محفوظ. وكانت مميزة لما قدمه من عمق وموسوعية واطلاع وإحاطة بالتاريخ والأدب. وصرت متواصلاً لحضور الندوة الشهرية لمكتبة الجوادين.

في الأول من نيسان 2024 زرت المكتبة بهدف كتابة هذا المقال ، وللاطلاع على آخر التطورات فيها. وقد استقبلني السيد حسين أياد جواد الشهرستاني حفيد السيد هبة الدين الشهرستاني ، وهو شاب حسن الخلق ، يهتم بالجانب الرقمي والحاسوب والإعلام الخاص بالمكتبة. وقد زودني بصور قديمة للسيد هبة الدين وصور لي لحضوري في نشاطات المكتبة أكثر من عقد من السنوات ما زال يحتفظ بها في أرشيف المكتبة. وأخذني في جولة في أرجاء المكتبة وما حصل فيها من إعمار.

جلست في القاعة الكبيرة التي تحيط بها رفوف الكتب من كل جوانبها ، وتصل الرفوف إلى سقف القاعة. وما تزال الخزانات القديمة كما هي وتبدو معتنى بها جيداً. كما تصطف تحت الخزانات مجموعة من الأرائك يجلس عليها المشاركون في الندوات الشهرية وغيرها من النشاطات الثقافية.

في وسط القاعة يوجد صندوق زجاجي فوق قبر السيد هبة الدين الذي دُفن فيه يوم 6 شباط 1967 أي منذ سبع وخمسين عاماً. تحيط بالصندوق شريط كتابي مكتوب فيه نسب السيد هبة الدين جاء فيه:

(هذا مرقد العلامة الحجة آية الله هبة الدين الشهرستاني ، ولادت 24 رجب 1301 هـ ، وفات 26 شوال 1386 هـ ). ثم يسرد النسب حتى يصل إلى (الحسين ذي الدمعة بن زيد الشهيد بن الإمام زين العابدين علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب). (كتبه محمد الحسين الحسيني الشهرستاني 1387 هـ). وعلى القبر وضعت عمامة سوداء تعود للسيد هبة الدين الشهرستاني.

وبجوار القبر تم دفن ولده السيد جواد ، ويوجد لوح فوق القبر مكتوب عليه:

(هذا مرقد سماحة الحجة العلامة نقيب نقباء السادة الأشراف العلويين في العراق.

السيد جواد هبة الدين الحسيني الشهرستاني ، نور الله مرقده المبارك.

ولد في الأول من صفر الخير سنة 1325 هجرية ،

توفي في السابع من رجب المرجب سنة 1426 هجرية ،

الفاتحة

تشرفت نقابة السادة الأشراف العلويين في العراق بنصب هذا الضريح الشريف

في غرة الخامس عشر من شعبان سنة 1426 هجرية 

المصادف يوم التاسع عشر من أيلول 2005 ميلادي ).

من التغييرات التي حدثت في المكتبة هو غلق باب مدخل المكتبة الذي يطل على الصحن الكاظمي مباشرة. وتم فتح مدخل جديد من خارج الصحن ، ويقع مقابل مرقد الشريف المرتضى الذي هُدم كلياً ويجري بناء جديد يشمل قبة جديدة ومصلى وباقي المرافق.

وما زالت بعض اللوحات القديمة معلقة على جدران المكتبة ، منها لوحة من الخشب مكتوب فيها (مكتبة الجوادين العامة ، مؤسسة السيد هبة الدين الحسيني الشهرستاني. تأسست سنة 1360 هـ - 1941 ).

كما توجد لوحة قديمة تؤرخ لتاريخ إعمار المكتبة من قبل وزارة الأوقاف. وهي من الكاشي الكربلائي بأرضية زرقاء داكنة ، وبخط أبيض مكتوب فيه:

(هذه بناية مكتبة الجوادين العامة ، مؤسسة السيد هبة الدين الحسيني ومقبرته. شيدتها وزارة الأوقاف سنة 1402 هـ الموافق 1982 م ، بسعي متوليها السيد جواد هبة الدين).

وثائق وصور

وعُلقت على الجدران وثائق نادرة وصور قديمة منها:

1-قصاصة من دورية أجنبية اسمها الصوت (The Voice ) مؤرخة في (حزيران / تموز / آب 1953) تضم  مقالاً للسيد هبة الدين مترجماً إلى الإنكليزية بعنوان (نور الدين ، أمل الإنسانية). ونشرت صورة السيد هبة الدين مع المقال. وجاء في المقدمة (هذا المقال كُتب خصوصاً للنشر في (الصوت) من قبل أوسكار فاوس Dr. Oscar C. Pfaus الساكن في شارع هامبورغ 14 ، المنطقة البريطانية في ألمانيا والذي تم تعيينه مؤخرا السكرتير الأوربي وممثل لدائرة العراق لسماحة السيد هبة الدين الحسيني الشهرستاني).

2- رسالة من السيد هبة الدين الشهرستاني إلى ف. جوليو- كيري رئيس لجنة مؤتمر السلام مؤرخج في 7 تموز (....) جاء فيها:

(سعادة رئيس مؤتمر السلام المحترم

تلقيت دعوتكم الكريمة إلى تأييد السلام بمزيد الشكر والاحترام في هذا الظرف العصيب. الذي ترائى في الأفق العالمي شبح الحرب الرهيب. لا يسعني إلا أن أضم صوتي إلى أصوات دعاة السلم في العالم أينما كانوا. ومن أي عنصر كانوا ولحفظ المعمورة من ويلات الحرب والدمار.

وإنني باسم الشريعة الإسلامية السمحاء التي تحرّم استعمال الوسائل الفتاكة التي (....) المجرمين والأبرياء على السواء. أهيب بأقطاب العالم (....) وأولي الأمر من رجاله أن ينقذوا الإنسانية المهددة وسط هذا التأزم الدولي من حرب لن تبقي ولن تذر. وأن يستغلوا القوى الذرية لإسعاد البشرية ورفاهيتها بدلاً من استعمالها لإزهاق الأرواح وإبادة معالم الإنسانية تلك الإبادة التي لا تتفق وقوانين العالم أجمع. وليرفقوا بهذه النفوس التي لم تندمل جروحها بعد.

هذا وأبتهل إلى الله ... الكون أن يرحم العالمين برحمته ، ويهدي ساسة العالم إلى طريق الصلاح والسلام ويكلأ البشرية .... السكينة والطمأنينة وإلا فالإنسانية إلى هاوية الفناء (....) وليس لها من الله كاشفة )

بغداد 22 رمضان 139.. ، 7 تموز 195... ، المخلص هبة الدين الحسيني الشهرستاني )

 3- رسالة من شيخ الأزهر مصطفى المراغي (26)

 إلى العلامة هبة الدين الشهرستاني جاء فيها:

(مكتب شيخ الجامع الأزهر

بغداد – العراق

حضرة الأستاذ العلامة الفاضل الشيخ هبة الدين الحسيني الشهرستاني

السلام عليكم ورحمة الله ، وقد سررت جداً بخطابكم المؤرخ قرة المحرم ، وأسفت أشد الأسف لمرضكم. وأسأل الله لكم صحة دائمة وعونا. وإني لشاكر لكم هذه العاطفة المباركة ، عاطفة توثيق العرى بين المسلمين . وهذا هو الذي أعمل عليه دائماً ، وأرجو نجاحه بمساعي إخواننا المخلصين ، وأن مصر لتعتز بالرابطة المباركة بالشعب الإيراني العظيم. وإني أرجو أن أوفق للاجتماع طويلاً بالسيدين الكريمين معالي مظفر أعلم وفخامة محتشم السلطنة. ولا شك عندي إني سأسر بهما إن شاء الله. ولكم تحياتي الخالصة.

11 مارس (آذار) 1939 ، محمد مصطفى المراغي (توقيع) )

4- برقية عثمانية من السيد مصطفى الكاشاني (27) إلى السيد الشهرستاني تبدو أنها أثناء حرب الجهاد عام 1915 جاء فيها:

( توسط حمزة متصرف حضرت .... السلام ....

وصلنا .... وسرنا ..... بشارتكم ونحن في وشك الهجوم .... النصر والفقير ....السادات العظام والمشايخ الكرام وسائر المجاهدين جزاهم الله عن الإسلام وأهله خير جزاء ، منتظرين بشائركم.

سيد مصطفى الكاشاني)

5- رسالة من محمد الصيرفي مدير تحرير صحيفة (هدى الإسلام) المصرية التي صدرت عام 1937 ، إلى السيد الشهرستاني جاء فيها:

(هدى الإسلام ، صحيفة أسبوعية تعنى بنشر الثقافة الإسلامية والمباحث العلمية والأدبية

الإدارة: 6 شارع الترجمان بأمل شارع محمد علي ، العتبة بمصر ، تليفون  57507

القاهرة في ..... سنة 193

حضرة صاحب الفضيلة العلامة هبة الدين الشهرستاني

السلام عليكم ورحمة الله وبعد:

فقد طلب إلينا حضرة صديقكم العلامة الفيلسوف طنطاوي جوهري (28)  أن نرسل لفضيلتكم مجموعة من أعداد مجلتنا هدى الإسلام الذي يعتبر هو الدعامة الأولى في تشييد بنائها ، ويغذي قراءها في كل حدب وصوب بنبرات قلمه ، وتحقيقات بحثه الذي دوّى صداها في أذن الشرق والغرب ، ولم يسعنا إلا أن وافيناكم بالمجموعة من المجلة لأنه يتوسم أنها تروقكم وتتفق مع وجهتكم المتحمسة للدعاية الإسلامية:

وإنه ليأمل كذلكم أن يكون لها بينكم ذكر نابه ، وعيون تطمح إليها لقاء ما يبذل من مجهود واسع. وها نحن يا صاحب الفضيلة نتحين أن تضيفوا إلينا مهمة تعن لكم ، فنحن جنودكم السائرون على ضوئكم الهادين والمهتدين على هديكم. وتقبل أزكى تحيات صديقكم وتحيات أسرة هدى الإسلام. والسلام عليكم ورحم الله وبركاته . محمد الصيرفي (بلا تاريخ) )

6- بيان السيد هبة الدين الشهرستاني قبل الذهاب إلى الجهاد ضد القوات البريطانية التي غزت العراق تشرين الثاني عام 1914 ونزلت في الفاو ، جاء فيها:

(بسم الله الرحمن الرحيم

يا قومنا أجيبوا داعي الله

السلام عليكم وعلى عباد الله الصالحين المهاجرين إلي الله المجاهدين في سبيل الله

أما بعد السلام التام وتقديم فايق الاحترام. فإن الله سبحانه وله الحمد قد وفقنا وإياكم للقيام بنصرة دينه المبين والنهضة للدفاع عن بيضة الإسلام وثغور المسلمين. وها نحن بعون الله نتحرك يوم السبت متوجهين إلى الجهاد في سبيل الله مع الشهم الجليل الشيخ مبدر الأفخم وجملة من مشايخ آل فتلة المحترمين ونخبة من رجالهم الشجعان المجربين ، متوسلين إلى الله تعالى وإلى أجدادنا المعصومين عليهم السلام أن يسعدنا بالانتصار والافتخار في هذه النهضة الإسلامية.

وحيث أن مسيرنا بحمد الله واحد ومقصدنا واحد ومصالحنا مشتركة ، فيلزمنا أن نصبر في مسيرنا هيئة واحدة ، ننزل متحدين ، ونرتحل متحدين تحت لواء القرآن العظيم ، ونتشارك متفقين في أعمال حركتنا المباركة ، فإن الأمر خطير والعمل كبير لا يتم بالخير إلا بالاجتماع والاتحاد والتشاور والاستعداد وطلب النصر والتوفيق من الله ، إنه لا يخيب من دعاه . والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

(7 صفر الخير 1333 هـ / 24 كانون الأول 1914 م)

    تحرير خادم شريعة جده الشهرستاني (ختم)  )

الهوامش

1- محمد باقر أحمد البهادلي (السيد هبة الدين الشهرستاني ، آثاره الفكرية ومواقفه السياسية) ، ص 28 ، مؤسسة الفكر الإسلامي ، بغداد: 2001

2- محمد مهدي العلوي (هبة الدين الشهرستاني) ، ص 6 ، مطبعة الآداب ، بغداد: 1929 

3- محمد مهدي العلوي ، مصدر سابق ، ، ص 6

4- محمد باقر أحمد البهادلي ، مصدر سابق ، ص 65

5- هبة الدين الشهرستاني (الهيئة والإسلام) ، ص 9 ، مطبعة الآداب ، النجف الأشرف: 1961

6- محسن الأمين (أعيان الشيعة) ، ج 10 ، ص 261

7- هبة الدين الشهرستاني (الهيئة والإسلام) ، ص 10

8- محمد باقر أحمد البهادلي ، مصدر سابق ، ص 92

9- م


مشاهدات 135
الكاتب صلاح عبد الرزاق
أضيف 2024/04/27 - 1:05 AM
آخر تحديث 2024/05/07 - 10:07 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 380 الشهر 2803 الكلي 9140841
الوقت الآن
الثلاثاء 2024/5/7 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير