الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
 العنوان في سرديات فاتح عبد السلام

بواسطة azzaman

 العنوان في سرديات فاتح عبد السلام

كمال عبد الرحمن

 

لاشك أن دراسة العنوان بوصفه معبرًا بين القارئ والنص يحظى بأهمية كبيرة في الدراسات النقدية الحديثة، فهو بمثابة التضاريس في رسم خارطة النص وفضاءاته المتنوعة, كما يعد ثيمة قرائية مركزية لكشف خفايا النص، وطريقًا ممهدًا للولوج إلى دهاليز النص، وهو عتبة من مجموعة العتبات التي تسيج النص وتمنحه رؤية قرائية معينة ما عادت الدراسات النقدية قادرة على تجاوزها في قراءة أي منجز إبداعي أو نقدي أو في غيرها من مجالات المعرفة، لذا فقد أخذت صداها في الاهتمام من قبل النقاد والدارسين بمختلف صنوفهم، ومن هذا المنطلق جاء اختيار الباحث عبد الأمير غازي سالم كاظم  لعتبة العنوان في سرديات فاتح عبد السلام، التي تميزت كثيرًا في حسن ودقة وقصدية اختيار المؤلف لعناوين مؤلفاته السردية، ونحسب أن هذه الدقة والقصدية وحسن الاختيار نابعة  من مسائل ثلاث: أولًا: امتلاك فاتح عبد السلام لخزين معرفي ونقدي وثقافي واسع، مكّنه من الكتابة السردية على نحو متمكن وكبير، ثانياً: اشتغاله النقدي والأكاديمي بوصفه حاصلا على شهادة الدكتوراه في الأدب العربي الحديث ونقده، وقد مارس التدريس في الدراسات الأولية والعليا لسنوات في جامعة الموصل، وناقش وأشرف على العديد من الرسائل والأطاريح الجامعية. ثالثًا: ممارسته للفعل النقدي على الساحتين العراقية والعربية.

وممكن أن نضيف إلى ذلك سببًا آخر هو أصالة إبداعه الذي بدأ يأخذ مكانة مميزة على المستوى المحلي والعربي، وأن الدرس النقدي العراقي والعربي سلط الضوء على جوانب عديدة من منجزه السردي فيما عدا العنوان الذي وجده  االباحث الاكاديمي عبد الأمير غازي سالم ميدانًا يستحق الدرس والتنقيب الدلالي انطلاقًا من مبدأ أن دراسة العنوان لا تقل أهمية من دراسة النص، وأن العنوان هو هوية النص وبطاقته التعريفية.

مداليل العنوان

وقد جاءت خطة الرسالة على تمهيد وفصلين, تناول الباحث في التمهيد مداليل العنوان ومفاتيحه القرائية، الذي تفرع إلى محورين، جاء الأول بعنوان، العنوان: المفهوم والحدود،  ثم وقف عند العنوان لغة واصطلاحًا، ومن ثمَّ نشأة العنوان وأهميته على الصعيد القرائي، وعلى صعيد الدراسات النقدية، وقف الطالب أيضًا عند وظائف العنوان وأهم الدراسات التي تطرق اليه، وجاء المحور الثاني خاصًا بشعرية العنونة في سرديات فاتح عبد السلام. وتناول في الفصل الأول الذي جاء بعنوان البنية التركيبة للعنوان، وقد أستُهِلَّ الفصل بمدخل تنظيري عن طبيعة الاشتغال التركيبي للعنوان بأنواعه المختلفة بنائياً وصياغياً وأسلوبياً، وتمحورت في مباحث ثلاثة، اختص المبحث الأول بالجملة الاسمية وقد جعله الباحث في المبحث الأول مقدما إياه على العنونة الشبه جملية والمفردة لأنه سلسل المباحث حسب هيمنة كل نوع على الرقعة العنوانية لسرديات فاتح عبد السلام. وتضمن المبحث مدخلًا تنظيرياً لطبيعة العنونة في الجملة الاسمية وكيفية اشتغالها في المتون الابداعية ومنها السردية، وجانبًا تحليليا لمجموعة من العناوين المنضوية تحت هذا العنوان  ثم اختار العناوين الآتية: ( عين لندن– قطارات تصعد إلى السماء- حديقة عباس في ساوث هول- خماسية الأحذية المعدنية )، أما المبحث الثاني فقد جاء خاصًا بالعنونة شبه الجُملية، أستهلت بمدخل تنظيري خاص بهذا الجانب وجانب تحليلي حوى تحليلًا لمجموعة من العناوين هي ( عندما يسخن ظهر الحوت- من بغداد إلى ديالفي (ديفالي)- تحت سماء القبعات )، وجاء المبحث الثالث خاصًا بالعنونة المفردة التي شكلت حضورًا أقل من الاثنين في سرديات فاتح عبد السلام، وقد ضم مدخلًا تنظيرياً، ومن ثمّ الشروع بتحليل نماذج من العناوين المفردة واقعًا الاختيار على العناوين الآتية: ( العنقود- التحجير- الرأس).

ونحتت الدراسة منحى آخرَ في الفصل الثاني حين تناولت وظائف العنوان بوصفها من الموضوعات المهمة والحيوية في الدرس العتباتي الخاص بالعنوان، بوصفه نصاً جمالياً  وإبداعياً يحوي في طياته الكثير من الجماليات والمقصديات الدلالية، وقد ضم الفصل مدخلًا تنظيرياً تناول الباحث فيها تجليات هذه الوظائف وتمثلاتها في الدرس النقدي وكيفية اشتغالها على العناوين، ثم قسّم الباحث هذا الفصل على مباحث ثلاثة، جاء المبحث الأول بعنوان (العنونة الوصفية) بمدخل تنظيري درس فيه كيفية رصد المشاهد الوصفية المنبثقة من مثل هذا النوع من العنوان الذي يلعب دوراً هامّاً في تمثيل المتون وتوصيفها وصفاً دقيقاً، على نحو يجذب القارئ ويجعله يتخيل المشاهد بدءاً من العنوان ودخولاً إلى المتون السردية, وانتخب الباحث في التحليل عناوين معينة هي: (الضفدع الرمادي- المرأة القطة والرجل القنفذ )، أما المبحث الثاني فقد اختص بــ (العنونة الإيحائية ) التي تعد من أكثر العناوين التي تشتغل على الجانب الانزياحي وتحتاج إلى شعرية عالية في الصياغة، وقد جاء المدخل لتسليط الضوء على هذا الجانب، أما الجانب التحليلي فقد وقع الاختيار على العناوين الآتية: ( بريّة في قطار- صهيل منفرد لشعرة بيضاء)، وجاء المبحث الثالث بعنوان (العنونة الإغرائية ) وبمدخل تنظيري سلط الضوء على الجانب التشويقي والإغرائي للعنوان ودور مثل هذه العناوين في جذب وسحب القارئ إلى النص، أما الجانب التحليلي فقد اختص بتحليل العناوين الآتية: (الشيخ نيوتن – خيول نادر شاه )، وبذلك لم يدرس الباحث عنوان الرواية الاخيرة  الصادرة في بيروت ، لفاتح عبد السلام الذي جاء بعنوان "الطوفان الثاني" لأنه وجده مدروسًا من قبل الدكتور محمد شيرين والمنشور ضمن الكتاب المشترك الذي أعده وقدمه وشارك فيه الناقد الدكتور محمد صابر عبيد و الباحث طلال زينل سعيد، وقد صدر مؤخرًا عن منشورات الاتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق. واختتمت الدراسة بخاتمة توافرت على مجموعة من النتائج التي توصلت إليها الدراسة.

بحث نقدي

أما منهج البحث النقدي في هذه الرسالة فقد استند بشكل أساس إلى المنهج البنيوي الذي يتعامل مع النص تعاملًا نصياً بعيداً عن المعطيات الخارجية التي تتدخل في توجيه معطيات النص الداخلية، مع الأخذ بنظر الاعتبار إمكانية الإفادة من المناهج الأخرى لإضاءة هذا الجانب أو ذاك من الدراسة مع الاحتفاظ بتطبيق المنهج الأساس المتبع في الدراسة.

أما عن الصعوبات التي اعترضت الرسالة فقد ذكرها الباحث بأنها: هي من القلة التي لا تحتاج إلى الذكر أو الوقوف عليها، وهي لم تثن عزيمة الباحث كما ذكر في رسالته عن مواصلة المشوار والسعي الدؤوب لإكمال الرسالة على حسب ما يمتلك الباحث من قدرات  ويقول إنه في أول مشوار حياته البحثية.

ومن الجدير بالذكر أن لجنة المناقشة  في جامعة الحمدانية، قد تكونت من الأستاذ الدكتور فيصل غازي النعيمي رئيسًا، والأستاذ المساعد الدكتور فيصل صالح القصيري عضواً، والمدرس الدكتور فرح أدور حنا عضواً، والأستاذ والدكتور خليل شكري هياس عضواً ومشرفًا وقد أُجيزت بتقدير جيد جدا.

{ ناقد من العراق

 

 


مشاهدات 812
أضيف 2022/10/28 - 11:54 PM
آخر تحديث 2024/11/23 - 7:00 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 283 الشهر 9754 الكلي 10052898
الوقت الآن
السبت 2024/11/23 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير