عام جديد ..وداعا غودو
إيناس البدران
هنالك مواقف ايقظتنا..جعلتنا نرى الدنيا من منظور اوسع وأشمل،وتجارب قاسية شكلتنا..صنعتنا من جديد كأننا بها نعيد ولادة انفسنا على الشكل الذي يرضينا، وهنالك علاقات توقعنا منها الكثير ولم نجن الا القليل والعكس صحيح،ودروس كصفعات لم تكن في الحسبان لكنها علمتنا الانتباه زودتنا بالخبرات فهيأتنا بالتالي للنجاح.هنالك اوقات تذكرنا بكل ذلك كأنعطافات الطريق الطويل او كصوت يدعونا للمسير فتستفيق ذرات التراب تحت اقدامنا..صوت يدعونا لنعيش لنعشق الرحلة أكثر من الوجهة ولنرى الدنيا بعيون طفل.يقال ان الحياة بكل تعقيداتها ما هي الا نسبة ضئيلة مما يحدث لنا وأن ما يهم هو استجاباتنا لها!!.في ليلة باردة وبينما كان العالم مشغولا بتوديع عام مضى وأستقبال آخر جديد وفي احدى ردهات مستشفى الكاظمية رأت عيناي النور لأول مرة ،قيل لي أن المكان كان باردا خال الا من سرب حمائم بيضاء او ملائكة رحمة كما يحلو لنا تسميتهن ومنذ ذلك الحين ولأكثر من ستين عاما وأنا ادعي التواضع حين يقول لي احد احبتي أن العالم كله يحتفل معي .يرى شكسبير ان النصيحة هي اردأ انواع الفضيلة ،لعله ادرك بعبقريته ان الاقوال اسهل بكثير من الافعال وأن ترجمتها وتحويلها من عالم الافتراض الى الواقع هي من حصة ذوي الارادة والعزم فقط، ذلك ان النصيحة تظل عصارة الحكمة التي استخلصتها تجارب البشر على مر العصور.وأن يهلّ علينا عام جديد يعني فرصة طازجة لإعادة النظر في اولوياتنا ،في علاقاتنا بمن حولنا،ودعوة للاهتمام بنا وبمن حولنا ..لأن نملّي أعيننا من احبتنا صغارا كانوا ام كبارا لنلتقط لهم صورا لا تمحى في الذاكرة قبل ان يبتعدوا لأي ظرف الى أبعد نقطة في ..القلب.اجمل ما في الخصام وقفة تصالح ووئام ولعل افضل صلح هو ذلك الذي نعقده مع انفسنا،وأروع لحظة في العمر هي تلك التي نوقظ فيها الضوء داخلنا ليشع على كل من حولنا،ضوء يجمع كل الوان السماء ولا يصيبه عمى الالوان،ضوء لايكف عن اجتراح الوان جديدة بمسميات احلى وأسمى.يقول تشيخوف»المهم في الحياة أن لا تقف متفرجا»أجل ففي كل يوم تشرق الشمس وتغرب وهذا الامر ليس بيدنا لكن الذي نستطيع فعله هو ان نفتح ستائرنا لتشرق الشمس بداخلنا،أن نرمي ركام الذكريات الاليمة أن نرتب الفوضى داخل عقولنا فحياتنا من صنع افكارنا ،لنجرب اشياء جديدة ..نقبل كل الدعوات الطيبة،نحلم كثيرا فالفجر يبدأ بصحوة حلم..ولنذكر انفسنا أن الحياة منحة غالية،لذا لنحرص على ان نلعب بها دورا يليق بآدميتنا ففي القاع زحام شديد ودور الكومبارس لايليق بالنفوس السامية،ولنبرع احيانا بالخروج عن النص،فلا شي يقتل المسافات ضجرا مثل خطوط سكك الحديد الجامدة..لنبذر الخير في كل مكان وسيدلنا المطر عليه لاحقا،لنكفّر عن اخطائنا فالخطأ قرض نأديه لاحقا ونحن في اضعف حالاتنا،وليكن ايماننا اكبر من خوفنا وأخيرا لنتجنب الانتظار اللامجدي..انتظار غودو،اما اذا حدثت المعجزة وظهر ذات صدفة فسأقول له وداعا..غودو.