الليلة الأخيرة في حرب لبنان
ما بعد وقف إطلاق النار .. التحدّيات كبيرة
غفران حداد
على مدى أكثر من ستون يومان على اندلاع حرب عدو أيلول على بيروت وضاحيتها لم افكر بالخروج من بيتي والمبيت في مكان آخر ، ربما لأن صدى الغارات في مناطق العاصمة والضاحية لم تكن قوية لترعبني بما يكفي وتجبرني على النزوح ، لكن الليلة الأخيرة مع بدء العد التنازلي لإعلان وقف إطلاق النار، كانت هنالك غارتان الأولى على شقة في منطقة بربور التي تبعد عشرات الأمتار عن بيتي والثانية في حي سكني بمنطقة كورنيش المزرعة حيث أسكن، هزت العمارة السكنية وخرج جميع سكان البناية ،خرجت بملابس البيت مع ابنتي الصغيرة وتوجهنا مشياً على الأقدام الى منطقة طريق جديدة وحركة نزوح كبيرة في شوارع بيروت ، ولا سيارة أجرة تتوقف ،الجميع بحالة رعب ذاهبا لأخذ أفراد اسرته ، الناس مثلي تسير على جانبي الطريق ، خرجت من منازلها ، صراخ الأطفال والنساء عمّق شعور الخوف في قلبي ، ومع تقدم ساعات الليل تزداد غارات العدو الإسرائيلي على مناطق بيروت في زقاق البلاط ورأس النبع ، والنويري ،وشارع الحمراء، ونحن بانتظار الساعة الرابعة فجراً .
فجر النصر
ما ان دخلنا وقت وقف إطلاق النار وانا استمع لرصاص في الهواء من شباب الحي وزغاريد النسوة مبتهجين بفرح غامر بإتفاق وقف القتال الذي دام أكثر من عام عبر الحدود، والذي قتلت القوات الإسرائيلية خلاله أكثر من 3700 شخص، غالبيتهم مدنيون، ودفعت أكثر من 1.2 مليون لبناني للنزوح ، ومنذ ساعات الصباح الأولى ورغم البرد القارس ،بدأ النازحون في مراكز الأيواء والمدارس بالعودة إلى منازلهم وقراهم ،حزموا ملابسهم وفرشهم وأغراضهم المتواضعة ، لكنهم مصرون على العودة رغم مرارة الفقدان بعض افراد العائلة ومن أحبة ، وجيران ، رغم رؤية جرف مزروعاتهم من اشجار الزيتون والمحاصيل الزراعية التي يعيشون من خيراتها.
كيف حال بيتكم؟
بعض المواطنين خسر بيته في الجنوب اللبناني وآخر في ضاحية بيروت ويشاهد اللبنانيون يوميا الأبنية والمنازل وهي تُدمّر مباشرة على الهواء، خاصة الأبنية التي تتبلّغ بالإنذارات الإسرائيلية قبل قصفها، مما يعطي مجالا للإعلام والناس كي يعاينوا المشهد ويوثقوه. كذلك يشاهد أصحاب هؤلاء المنازل دمار منازلهم عبر الصور أو الفيديوهات التي تنتشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي عقب كل غارة إسرائيلية، ولكن ماذا يشعر هؤلاء الأشخاص حيال منازلهم المدمرة أو المعرضة للتدمير؟
،تقديرات أعلنتها الوكالة الوطنية للأنباء حول المنازل المدمرة في الجنوب، في الخامس من نوفمبر/ تشرين الثاني، وجاء فيه : «37 بلدة مسحت بالكامل ودمرت منازلها، وأكثر من 40 ألف وحدة سكنية دمرت تدميرا كاملا، وهذا يحدث في منطقة في عمق ثلاثة كيلومترات تمتد من الناقورة حتى مشارف الخيام،
أما البنك الدولي فنشر تقريرا في 14 نوفمبر/تشرين الثاني، يقيّم فيه أثر الصراع على الاقتصاد اللبناني وقطاعاته الرئيسة، وذكر التقرير أن قطاع الإسكان هو الأكثر تضررا في لبنان بين كل القطاعات، حيث أصيبت نحو 100 ألف وحدة سكنية جزئيا أو كليا، وبلغت الأضرار والخسائر في القطاع 3.2 مليارات دولار
، أرقام الخسائر مرعبة ويحتاج اقتصاد لبنان الى أعوام واعوام حتى يستعيد عافيته.
شروط الاتفاق
بالعودة الى الاتفاق إلى الذي دعى لوقف القتال وانسحاب الجيش الإسرائيلي خلال 60 يوما، مع إلزام حزب الله بإنهاء وجوده المسلح في مساحة واسعة من جنوب لبنان. وقال الرئيس الأميركي المنتهية ولايته جو بايدن إن الاتفاق «صُمم ليكون وقفا دائما للأعمال العدائية».
وبموجب الاتفاق، من المقرر نشر آلاف من أفراد الجيش اللبناني، وقوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة (اليونيفيل) في المنطقة الواقعة جنوب نهر الليطاني ، وستراقب لجنة دولية بقيادة الولايات المتحدة امتثال جميع الأطراف للقرار ، لكن السؤال الكبير هل من الممكن ان يخرق العدو الإسرائيلي هذا الاتفاق او من جانب حزب الله؟
هل سيكون هذا الاتفاق نهاية حرب بكل المقاييس ام قد نشهد عودة الغارات الجوية على الأراضي اللبنانية بعد مرور 60 يوماً؟ نتمنى السلام لأرضنا ، وأهلنا، نتمنى عودة الحياة ،ونلملم جراحاتنا وانكساراتنا ، ورؤية الفرحة في عيون اطفالنا وهم يواصلون تعليمهم ، من دون خوف ، من دون سماع وَنِين سيارات الإسعاف ، نريد أن نعيش الحياة بسلام.