المثاقفة النصية في شعر نجم الجابري.. حب في زمن الكورونا أنموذجاً
وليد شاكر النعاس
عن دار الصادق الثقافية صدرت المجموعة الشعرية الرابعة للشاعر نجم الجابري في 130 صفحة تضمنت قصائد نثرية في معظمها تراتيل حب ووجع واشتياق واسى وذكريات وهي في مجملها إتمام لمشروعه في كتابة قصيدة النثر.
والمعروف عن الشاعر نجم الجابري المثاقفة النصية ابداعا منه في اختلاق عالم جديد يبنيه على وفق علاقات منزاحة عن سياقها الاصل الى اخر يستدرجه صنعه جماليه كانه يطوع المفردات تطبيعاً جديداً ،مقصود في ارساليته رافدا فكريا يسعى من خلاله الشاعر الى إيجاد التكافؤ بينه وبين عالمه.
وقد حفلت مجموعته الشعرية حب في زمن الكورونا مثقفات نصية اجترها من مستودع ذخيرته الثقافية
حين استنطق ملفوظات متنه الشعري تواصلا منفتحا في فضاء استقباله حين استدعى دوالا مختلفة في مرجعياتها زمانا ومكانا ولعل ابرزها حضورا المثاقفة القرآنية فقط توسل الشاعر نجم الجابري الملفوظ القراني- مفرده وتركيبا بصورة واضحة في نسيجه الشعري ففي قصيدة اف منك يقول:
وفشلت لانك في الحب مريم
ان استدعاء لفظة (مريم) مثل انزياحا في مثقفته المرجعية القرانية التي ذكرت فيها مريم عليها السلام وقد عرف عنها خالص حبها للرب في محرابها فاعاد الشاعر صوغها سياقا جديدا موازنة مع معشوقته في صفه فشلها فكان نصه الشعري الاخبار عنها معنى جديدا مغايرا سياقها القرآني مثاقفة إزاحتها مع المصرح القرآني الى آخر متخيل كثفت الدلالة فيه إشارة ايجازا
-1-
وعطفا عليه كانت المثاقفة القرآنية متكئ استثمره الشاعر استنطاقا شعريا جديدا في إطار علاقات اجماليه في ابعادها التأويلية كما لاحظنا ذلك في قصيدته المعنونة تقمصات عاطفية يقول فيها
ساتقمص منك خيرا
سامري باحلامي ويقيني
اذ ان لفظه السامري تشير الى ذات بشريه ذكرها القران الكريم ومقام الحديث عنها سلبي لكن الشاعر اعاد تشفيرها نسقا جديدا عدولا من معناه الاصل الى اخر متحرر من علامات الاصل في سنن جديده صاغتها مخيلته الشعرية ليصبغ عليه السامري ملامح متخيله لاحلامه ويقينه كأنها صرخات الشاعر المتواشجه مع ذاته وصوته المقموع من حبيبته
ولم يكتفي الشاعر في استدعاء الملفوظ القرآني عند حدوده اللغوية والتفسيرية إنما اعاد مثاقفتها مثيرا جماليا حين قرنه بجدلية التلقي والابداع صيروره منفتحه صوب قارئ يعيد حبكتها حواريه مفصحة عن إحالة الدوال الى مدلولات غير مقيدة في معانيها وهو ما جسده متنه الشعري استدعاء من الموروث القراني ( رميم, هزي, رفث ولحم، حواء، بيت العنكبوت، طين لازب، اليم، فردوس، بلغت الحناجر....الخ) فسيفساء من الملفوظات التقطها الشاعر بشكل كلي او جزئي متشكلا معها مذوبا معانيها الاصل عبر تفاعلات نصيه خرقت اعرافها المألوفة في ذهنية القارئ،
ولم تكن المثاقفة القرانيه في لعب الشاعر الاغرائيه فثمه مثاقفه نصيه مع التاريخ ارتسمت في متنه الشعري تبادلا بين ذاكرتين كما في قصيدته قصه ملاك يقول فيها:
2
وانت الذي قيل الحق كله يوم القلوب بلغت حناجر العدى
فزت ورب الكعبه اذا ارادك خالقي
اقتراب مدهش في مثاقفه التاريخ تحديدا شخص الامام علي عليه السلام في مقولات اساسها حوادث اسلاميه الاولى ترتبط بمعركه الاحزاب والثانيه حين استشهاد الامام علي عليه السلام فثمت وعي بالعلاقه التضمينيه حين يلتقط الشاعر نجم الجابري النص القراني مع النص السيري انتاج جديد مقوله النبي صلى الله عليه واله وسلم للامام علي عليه السلام برز الحق كله ثم قراني بلغت القلوب الحناجر ثم مقوله الامام علي عليه السلام حين ضرب على راسه الشريف فزت ورب الكعبه مثاقفة تاريخيه في احداثها مشخصه في صوتها نحو الامام علي عليه السلام خطاب على خطاب تسكنه لغه التاريخ ولغه الشاعر في حواريته المعلنه على مستوي الشكل والمضمون كما حاك الشاعر نجم الجابري ضروب من مدونات التاريخ ساقفها حوارا صريحا مازجا اياها بانساق مختاله عند مقاصدها منفتحه على معان متكيفه مع قراءات تتجاوز معمارها الاول مثل تاريخ حدباء عاربه ومستعربه الشمر ...الخ وتمت مثاقفه ادبيه لا تخلو من مغامره الاختلاف عن صوتها الأصل كما في قصيدته شمس يقول فيها وتوحدنا والقدس عروس عروبتنا يا شمس اذ ان السطر الشعري القدس عروس عروبتنا تناص حرفي
3
مع أبيات قالها الشاعر الكبير مظفر النواب القدس عروس عروبتكم لكن الشاعر نجم الجابري أعاد توزيع تلك المقولة بقرائن دلالية تمس المقدس الاجتماعي والتاريخي عبر مثقفة نصية حولت النص القدس عروس عروبتكم من منظومته اللسانية الاولى الى تحويل آخر بنى عليه نسقا معرفيا جديدا فاسحا المجال للقراء ان يمارسوا معه لذه التساؤل في صوغه الجديد والمثاقفة الأدبية تتكرر في ثنيات المجموعه الشعريه من خلال زرع ملفوظات في نسيج شعره علاقة جديدة تبرز لديه على وفق المشاكله في انتقائها من سياقها الى اخر بنيوية يباب، ايا وجعي يا امراه والاخر ذاته في مثقفات الجغرافيا برمودا والعلوم نيوتن سنه ضوئية والفلسفة افلاطون وغيرها من مثقفات تعبر عن خزين الشاعر ثقافيا في تلفظات يجترها الى سياق آخر ينبئ عن معناها مماثلة او مشاكله او مخالفة او وبذات الوقت تنفتح على مسارب تاويل وانماط اصوات تحتمي بولاده معنى جديد لا تستنفذ مدلولاته الاشاريه