الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
الموصل تستعيد مئذنتها

بواسطة azzaman

الموصل تستعيد مئذنتها

كمال جاسم العزاوي

 

عرفت بالمنارة الحدباء تلك التحفة العمرانية الاسلامية التي بنيت بجامعها النوري الكبير في العصر السلجوقي منذ تسعة قرون وبقيت كأطول منارة (56متراً) بين مثيلاتها الى عصرنا اليوم وقد تفردت بميزات الارتفاع والزخرفة المعمارية والميلان الجميل النادر في العالم الذي يرجع سببه على الأرجح الى عتو الرياح الغربية التي تهب على الموصل وتأثر المواد التي بنيت بها المنارة  وهي الآجر والجص ولقرب الانتهاء من اعمار الجامع النوري الكبير ومنارته الحدباء الشهيرة بنسختها الجديدة المطابقة للأصل (كما شاهدنا وتابعنا مراحل الاعمار بأعيننا) نورد هنا بعض الفقرات التي تخص هذا الموضوع بنيت المئذنة بمواد مقاومة منها حجر الآجر الفخاري ومادة الجص التي كانت سائدة في ذاك الزمان غير أن ما يميز بنائها هو الطراز المعماري الخاص المستوحى من النقوش والتراث الاسلامي فقد صممت المنارة على شكل حلقات أو مقاطع وعددها سبعة وفي كل مقطع نوع مختلف من الزخرفة والنقش مما يضفي لها مسحة مبهرة من الجمال والتفرد اضافة الى قاعدتها المربعة العالية التي انشئت فوقها المئذنة ان فكرة تصميم المنارة وشكلها والاسلوب الذي نفذ به البناء وجودة المواد الانشائية التي استخدمت في قاعدتها وهيكلها المنتصب ومتانة الاسس قد منحها الصلابة والقوة الكافيتين لمقاومة الزمن وعوامل التعرية من الرياح والأمطار ودرجات الحرارة مما جعلها شاخصة الى يومنا هذا بقي هذا الصرح المعماري الاسلامي شامخاً لتسعة قرون من الزمن عاصرت فيها أنظمة وسلطات متعاقبة على حكم مدينة الموصل رفع فيها نداء (الله اكبر) ولم ينقطع طيلة تلك القرون حتى دخول جيوش الظلام المدينة في عصرنا اليوم في العام 2014 حيث تم تفجيرها مع المسجد قبل دخول القوات المحررة للمدينة عام 2017 فسكت بذلك النداء وساد الصمت لسنوات عديدة حتى أزفت ساعة الاعمار.

بقي المسجد النوري الكبير مهدماً مهملاً ولم ترفع أنقاضه لعدة سنوات حتى وصل خبر اهماله الى بعض الجهات الخيرة المحسنة في العالم الاسلامي لتتبرع بالكلفة الباهضة لاعادة بناء المسجد والمنارة فباشرت اللجان المختصة المكونة من الآثاريين والفنيين المتخصصين بالتقييم ووضع الخطط المحكمة لتنفيذ هذه المبادرة المباركة فكان الاتفاق على اعادة البناء باستخدام نفس قطع الآجر الأثرية التي بنيت بها أول مرة وهكذا ستعود المئذنة بنفس شكلها المزخرف والمائل لتكون نسخة متطابقة مع الأصل وماهي الى أشهر قليلة وتزاح عنها سترة الاعمار لتعود من جديد وليرتفع من قمتها نداء الله أكبر وليكتب التاريخ قصة المنارة التي قاومت قسوة الزمن.

 


مشاهدات 210
الكاتب كمال جاسم العزاوي
أضيف 2024/10/19 - 12:58 AM
آخر تحديث 2024/11/24 - 7:02 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 376 الشهر 10294 الكلي 10053438
الوقت الآن
الأحد 2024/11/24 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير