ثورة العشرين الخالدة.. عشر ليرات ذهبية تركية تنقذ شعلان أبو الجون
جواد الرميثي
تقع مدينة الرميثة على احد فروع نهر الفرات ، شمالي مدينة السماوة ( مركز محافظة المثنى ) ، وتبعد عنها بمسافة (25) كم ، وتربطها عدة طرق معبدة ، كانت في بدايات نشوئها ، قرية صغيرة لها أهمية في العهد العثماني ، اتخذتها قوات الإحتلال البريطاني إبان الاحتلال ، معسكراً للتموين والمواصلات ، لتغذية القوات الزاحفة من البصرة والناصرية باتجاه ولاية بغداد ، يُقدَّر عددُ سكانها 120 ألف نسمة ، وكانت ناحيةً تابعةً لقضاء السماوة ، ( قبل أنْ تُستحدث قضاءً عام 1969 ) التابع هو الآخر آنذاك للواء الديوانية ( محافظة القادسية حاليا ) .
زراعة صيفية
تمتاز بالزراعة الصيفية والشتوية. وأغلب سكانه ريفيون ، يميلون إلى الالتزام بعرفهم القبلي المشدود إلى أعماق غائرة في التاريخ .
في عام 1920 كان لوجود القوات الإنكليزية على أرض العراق ، حساسية لها تأثير خاص ، أخذ الجانب الديني منها مأخذاً مؤثراً ، ولم ينظر لوجودها آنذاك إنقاذاً فعلياً من هيمنة السلطة العثمانية المقيتة التي أخرّت تقدم العراق لقرون ، وأطاحت بطموحات رجالاته في السير مع ركب الحضارة الإنسانية .
وكان انْ حدثت الشرارة من ( الرميثة ) ومن العمق الريفي البسيط ، اندلعت اثر اعتقال ( شعلان بن عناد أبو الجون ، ويكنى شعلان الشهد أحد شيوخ عشيرة الظوالم ) . عندما سمع الميجر ديلي الحاكم العسكري لناحية الرميثة في 25 من شهر حزيران ، أن عشيرة الظوالم ، وهي فرع من قبيلة بني حجيم ، قد أعلنت العصيان على الحكومة ، وأنها ستكون في حرب معها ، ومن أجل كسر شوكة العشيرة ، اختلقت السلطة دعوى عدم تسديد شعلان ابو الجون ديوناً تقدر بثمنمائة روبية كمبرِّرٍ لاعتقالِه ، كما تشير المسز بيل في كتابها ( فصول من تاريخ العراق القريب ) ، فَسيقَ إلى مركز شرطة المدينة موقوفاً ، ليرسل في قطار الليل إلى مد
تقع الرميثة على احد فروع نهر الفرات ، شمالي مدينة السماوة ( مركز محافظة المثنى ) ، وتبعد عنها بمسافة (25) كم ، وتربطها عدة طرق معبدة ، كانت في بدايات نشوئها ، قرية صغيرة لها أهمية في العهد العثماني ، اتخذتها قوات الإحتلال البريطاني إبان الاحتلال ، معسكراً للتموين والمواصلات ، لتغذية القوات الزاحفة من البصرة والناصرية باتجاه ولاية بغداد ، يُقدَّر عددُ سكانها 120 ألف نسمة ، وكانت ناحيةً تابعةً لقضاء السماوة ، ( قبل أنْ تُستحدث قضاءً عام 1969 ) التابع هو الآخر آنذاك للواء الديوانية ( محافظة القادسية حاليا ) .
تمتاز بالزراعة الصيفية والشتوية. وأغلب سكانه ريفيون ، يميلون إلى الالتزام بعرفهم القبلي المشدود إلى أعماق غائرة في التاريخ .
في عام 1920 كان لوجود القوات الإنكليزية على أرض العراق ، حساسية لها تأثير خاص ، أخذ الجانب الديني منها مأخذاً مؤثراً ، ولم ينظر لوجودها آنذاك إنقاذاً فعلياً من هيمنة السلطة العثمانية المقيتة التي أخرّت تقدم العراق لقرون ، وأطاحت بطموحات رجالاته في السير مع ركب الحضارة الإنسانية .وكان انْ حدثت الشرارة من ( الرميثة ) ومن العمق الريفي البسيط ، اندلعت اثر اعتقال ( شعلان بن عناد أبو الجون ، ويكنى شعلان الشهد أحد شيوخ عشيرة الظوالم ) . عندما سمع الميجر ديلي الحاكم العسكري لناحية الرميثة في 25 من شهر حزيران ، أن عشيرة الظوالم ، وهي فرع من قبيلة بني حجيم ، قد أعلنت العصيان على الحكومة ، وأنها ستكون في حرب معها ، ومن أجل كسر شوكة العشيرة ، اختلقت السلطة دعوى عدم تسديد شعلان ابو الجون ديوناً تقدر بثمنمائة روبية كمبرِّرٍ لاعتقالِه ، كما تشير المسز بيل في كتابها ( فصول من تاريخ العراق القريب ) ، فَسيقَ إلى مركز شرطة المدينة موقوفاً ، ليرسل في قطار الليل إلى مدينة الديوانية مركز اللواء لمحاكمته . عندها أخبر شعلان أحد أتباعه أن يذهب إلى الشيخ (غثيث آل حرجان) شيخ عشيرة الظوالم ، وبسرعة ليجلب له عشر ليرات تركية ، ويبدو أن هذه كانت شيفرة ما بين شعلان وغثيث ، وكان أن قدِمَ في نفس الليلة عشرةُ رجالٍ أشداء ، اقتحموا المركز الذي يعتقل فيه شعلان ، ولم يكن في المركز آنذاك سوى أربعة من الحراس ، قَتل المهاجمون اثنين وفرَّ الاخران ، فأُطِلق سراح شعلان ، الذي اشعل الشرارة التي أتت على ألوية العراق طولاً وعرضاً .لقد سبق قيام ثورة العشرين اندلاع ثورة النجف الأشرف عام 1918 ، التي قمعها البريطانيون بكل قسوة ، وأعدموا كثيرا من الرموز الوطنية آنذاك ، ثم تسارعت وتيرة الأحداث التي دعت إلى قيام ثورة شاملة ضد البريطانيين ، وإنهاء فكرة إلحاق العراق بمحمية عدن وجعله مستعمرة تابعة لها .
شيوخ الديوانية
على إثر ذلك ، اجتمع بعض من زعماء الفرات الأوسط في بيت الشيخ هادي المكوطر ، أحد كبار شيوخ محافظة الديوانية ، وكان بين الحاضرين الشيخ خيون العبيد ، وهو من كبار شيوخ ذي قار ، ودار النقاش حول القيام بالثورة ، لكن الشيخ خيون اقترح القيام بتوعية الشعب للتحضير لذلك ، ولا سيما أن منطقة المنتفك او
المنتفج( قبيلة عربية تستوطن جنوب العراق حول البصرة ، دخلوا العراق مع الفتوحات الإسلامية واستقروا في منطقة آجام القصب بين البصرة والكوفة وهي تنتسب إلى عامر بن صعصعه ) كانت في حالة صراع مع العثمانيين والبريطانيين خلال الفترة 1908-1918.بعد ذلك خرج الجميع من الاجتماع بفكرة واحدة ، هيت توعيه الناس وحشد الجهود ، وأنشئت جمعية الرابطة الإسلامية للقيام بذلك .
دخلت ثورة العشرين في الأدب والشعر ، وأصبحت درسا للحركات والثورات والاحتجاجات التي وقعت فيما بعد ، وتغنّى بها الشعراء والأدباء وخلّدوها بأبيات كثيرة من الشعر ، حتى إن الثورة مع انطلاقها كان قد رافقها أشهر بيت شعر عرفه العراقيون ( الطوب أحسن لو مكواري ) في إشارة إلى المقارنة بينه وبين السلاح الناري الفتاك الذي يستخدمه المستعمرين الانكليز ، ( المكوار عصا غليظة تستخدم للقتال ، وتوضع عند أحد أطرافها مادة القير لتكون صلبة وقوية ) .