دولة المؤسّسات أم دولة الحراسات ؟
أكرم سـالم
تواجه الدولة العراقية تحديات عميقة تتعلق بمنظومتها المؤسسية التي يتطلع اليها المواطنون جميعا بحسرة وشغف ،اذ تبرز وتتغوّل ظاهرة الاطر البيروقراطية التي تثقل كاهل الادارة العراقية وتعيقها عن الحراك وعملية التغيير البنّاء وتحقيق اهداف التنمية المستدامة ومكافحة الفساد المستشري كالنار في الهشيم والذي بات ثقبا اسود يتسع بمرور الزمن ومرضا عضالا مزمنا !!في ظل ظاهرة «دولة الحراسات» القائمة بشكل مؤسف و التي تؤثر بشكل بشع على استقرار البلاد وتقدمها من خلال هيمنة بعض الحلقات والاطر الأمنية والعسكرية على مفاصل الدولة المهمة والتي تلعب دورا مركزيا في ادارة الشؤون العامة ،مما يعيق بناء مؤسسات فاعلة وقوية ومستدامة .فبدلا من ان تضطلع المؤسسات الحكومية بدورها المأمول كمحرك رئيس للسياسات العامة ،تجد التداخلات الواسعة للاجهزة الامنية والحلقات البيروقراطية النافذة في كثير من المجالات السياسية والاقتصادية الامر الذي يشيع الارباك والغموض وعدم الاستقرار في معظم القرارات الاستراتيجية وعملية التنفيذ ،وهو يكرس ظاهرة الفساد الاداري والمالي المقيتة ويسهم بشدة في اتساع بيئة المحسوبيات ويفاقم الولاء الشخصي ويرجحه على الكفاءة والخبرة المهنية.ذلك يؤول الى تآكل وانحسار الثقة بالمؤسسات الحكومية ويجعل المواطنين عاجزين عن الانخراط بعملية التغيير بل يجرهم الى الانسحاب من المشاركة السياسية الضرورية للتنمية واشاعة الاستقرار الوطني. كما انه يعمق الحاجة الاكيدة الى تعزيز النظام القضائي ورصانته ،وتطوير منظومة الحوكمة وإعمام تطبيقها الفعال في جميع المفاصل الحيوية في الدولة العراقية ، ولاسيما الشفافية وانسيابية المعلومات وعملية المتابعة المستمرة من قبل اعلى الجهات والسلطات الصانعة للقرار الاستراتيجي في الدولة العراقية ، حيث الملاحظ ان هناك فراغا ملموسا في هذه العملية الحيوية وثغرات عملية واسعة على الرغم من اهميتها الحيوية البالغة في ارساء ركائز الحوكمة والمتابعة التي تبنى على اسس الشفافية والافصاح والمساءلة ،وهي اسس ضرورية وأصيلة لتفعيل دور المجتمع المدني وانشاء مؤسسات حكومية راسخة في اعتماد الجدارة والكفاءات الضامنة لحقوق المواطنة والمعززة للتنمية المستدامة ..وذلك يتطلب بلا ادنى شك ارادة سياسية واصلاحا شاملا ينشد الامان والاستقرار لجميع العراقيين .