الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
إسرائيل إنتصرت مرة وخسرت ثلاث مرات

بواسطة azzaman

إسرائيل إنتصرت مرة وخسرت ثلاث مرات

جاسم مراد

 

تغيرت معادلات الصراع ليس في منطقتنا العربية ، وإنما في عموم الشعوب التي تخوض نضالات باسلة من اجل التحرر والاستقلال ، فبيع الأوهام الغربية والأمريكية للشعوب العربية بالحرية والديمقراطية ، أصبحت واحدة من ( الخرخاشات ) التي يلعب بها أطفال القرى والنواحي والاقضية العراقية ، ومسألة قتل مليون طفل عراقي في التسعينيات من القرن الماضي بسبب الحصار الذي استمر (12) عاما هو من اجل الديمقراطية الذي وصفته ذلك اولبرايت وزيرة الخارجية الامريكية السابقة  عندما سؤلة من صحفي امريكي ( بأن الهدف الأمريكي يستحق ذلك ) . فالقضية إذن واضحة ، قتل وتشريد وتجويع وتهديم المدن وتدمير البنى التحتية من ماء وكهرباء ومجاري وماء صافي ، كل ذلك من اجل إسرائيل ( وديمقراطية ) الغرب ؟  ، والأهم من ذلك إن إبادة الأطفال في غزة والضفة الغربية ولبنان هو عملاً يندرج ضمن مشروع الديمقراطيات وحقوق الانسان ..؟

مقاومة فلسطينية

الان لنأخذ موضوع الانتصار الإسرائيلي في الحربين الدائرتين في فلسطين ولبنان ، فمنذ السابع من أكتوبر عندما نجحت المقاومة الفلسطينية بقيادة حركة حماس تحقيق طوفان الأقصى وشلت قدرات إسرائيل العسكرية والأمنية والاستخبارية تداعت معظم الدول الغربية في تقديم المساعدات العسكرية والمالية والسياسية والدبلوماسية وتعطيل كل هيئات الأمم المتحدة لصالح إسرائيل ، وهو حدثاً قل نظيره في هذا العالم ، فبعد افاقة إسرائيل وحكومة نتن ياهو من الصدمة ماذا فعلت ، فقد وظفت أطنان الأسلحة والقنابل المرسلة اليها والتي تزن الواحدة منها ( 2000) ضد البيوت والمستشفيات والمدارس والبنى التحتية والأطفال والنساء والشيوخ حيث بلغ عدد المواطنين الذين قتلتهم إسرائيل اكثر من ( 41) شخصاً ثلثهم من الأطفال .

إذن اسرائيل انتصرت في اكبر جريمة قتل عرفتها الإنسانية في التاريخ الحديث ، لكنها وفي واقع الاحداث لم تتمكن من حسم معركة غزة لصالحها ، فمنذ سنه تقريبا والقتال في غزة مستمر وحماس وفصائل المقاومة تخوض معارك ضارية في غزة وتوقع افدح الخسائر بالجيش الإسرائيلي بالجنود والضباط والمعدات العسكرية على حداثتها وقوة تصنيعها ، وعلى وفق اعترافات الجيش الإسرائيلي والمراقبون العسكريون بأن الالاف من الجنود والضباط قتلوا في غزة والاف مماثلة أصيبوا بخلل عقلي ونفسي ودمرت المئات من الدبابات وناقلات الجند ، والمهم في ذلك المعركة مستمرة رغم فضاعتها وإسرائيل لم تتمكن من حسمها ومئات الاسرى الإسرائيليين لازالوا تحت تصرف المقاومة ولم يتحقق اعادتهم الى اهاليهم إلا باتفاق سياسي وانسحاب إسرائيل من غزة وكافة المحاور المقابلة لمصر واطلاق سراح عدداً من الاسرى الفلسطينيين .

هذا الذي جرى في غزة غير من قوانين الحروب ، واثبت بأن الشعوب المناضلة من اجل حقوقها في حرية واستقلال اوطنها هي التي تنتصر ، فالمعادلة اثبتت بأن ما كان العدو الإسرائيلي ولازال يمتلكه من الة الحرب لا تحسم الصراع ،    فالحركات المقاومة هي ايضاً بدأت تفتش وتصنع ما يمكنها  من المواجهة وايقاع الخسائر بعدوها ، خسائر تخطت حسابات الكيان الإسرائيلي والوزارة اليمينية البربرية الإسرائيلية .

أما العدوان على لبنان فهو بالتأكيد لا يختلف من حيث الأهداف والمضمون ، فقد ركزت المئات من الغارات للطائرات الحربية الإسرائيلية على المدن في جنوب لبنان وقتلت حتى يوم 24 ايلول الجاري اكثر من ( 500) مواطن لبناني بينهم ( 50) طفلاً وهؤلاء مواطنون مدنيون لبنانيون بالإضافة الى العشرات التي تفجرت بهم وسائل الاتصال (التلفونات) بدعوى مواجهة حزب الله اللبناني .

خسائر بشرية

وفي هذه المعادلة أيضاً لم يتخلى حزب الله عن غزة ، وهدفه واضح أوقفوا الحرب في غزة تتوقف الحرب في كافة المحاور ، والان رغم القصف الجوي الشديد والخسائر البشرية بين صفوف المواطنين لم يتوقف القصف ضد مواقع القوات الإسرائيلية وفي المستوطنات والمنشئات والمعسكرات والمطارات الإسرائيلية، وهذا لأول مرة يحدث في تاريخ إسرائيل ملايين الإسرائيليين في الملاجئ وتوقفت الاعمال والدراسة  والزراعة والصناعة وبات المشي في الطرقات الاسرائيلية نادراً بسبب الصواريخ المنطلقة من جنوب لبنان ، وهكذا فأن تغيير المعادلات العسكرية في هذا القرن تشكل خرقاً فعلياً في التركيبة السياسية والعسكرية الإسرائيلية ، فبدلا ما كانت إسرائيل هي الجهة الوحيدة التي تهجر المواطنين العرب عن منازلهم واوطانهم أصبحت الان إسرائيل هي المهجرة ، حيث بلغ عدد المهجرين في شمال فلسطين حوالي ( 100) الف وان الاعداد الهائلة من العوائل المختفية في الملاجئ تعتبر أيضا مهجرة عن منازلها ولهذا لا تستطيع إسرائيل عودة مهجري الشمال بل عليها ان تستقبل الاعداد الكبيرة الأخرى بالإضافة الى الخسائر الاقتصادية والبشرية ، والحل الوحيد هو وقف القتال بغزة ، بدون ذلك لا تتوقف لا في غزة ولا في لبنان ، وقد تأخذ ابعاداً أخرى يصعب بالتالي وقف تداعياتها وامتداداتها .  

 

 

 

 


مشاهدات 183
الكاتب جاسم مراد
أضيف 2024/09/25 - 10:39 PM
آخر تحديث 2024/11/23 - 10:22 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 327 الشهر 10245 الكلي 10053389
الوقت الآن
الأحد 2024/11/24 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير