المصارف الإسلامية والتحوّل الرقمي والشمول المالي
زهير اسماعيل شهد
عملت سنوات كثيرة في المصارف العراقية بما في ذلك الاسلامية , وبعد ان اكلت السنين معظم عمري وجدت من المناسب ان اودع العمل الوظيفي وقررت ان اكتب خلاصة مما رأيته واراه ضروريا لتطوير هذا القطاع والتي استقيتها من تجاربي وتجارب اساتذتي الذين علموني اضافة للبيانات والمعلومات التي نستقيها مما اتاحته التكنالوجيا لنا ولغيرنا , علّ الساده والاخوة المعنيين ان يجدو من كلماتي فائدة ولو النزر قليل منها .
اول ما نقول ان تطوير المصارف العراقية هو عمل جماعي وليس عمل فردي و بشكل عملي وشامل، حيث يمكن اقتراح خطة مفصلة تتضمن عدة مراحل، تهدف إلى تحسين الأداء العام للمصارف ورفع كفاءتها وزيادة شفافيتها، مع التركيزعلى تبني التكنولوجيا المالية، وتوسيع قاعدة الزبائن، وتعزيز مبدأ انتشار المصارف والثقة بها طريقا للشمول المالي .
خطة مقترحة
والخطة المقترحة قد تكون الكثير من الصارف عملت مثلها او شبيهة لها وقد تستفيد بعض من مصارفنا بشيء منها وبالذات المحاور ذات البعد التكنالوجي التطبيقي وتشمل المحاور التالية :
. التحول الرقمي وتبني التكنولوجيا المالية 1-
- تطوير الأنظمة الرقمية: وهنا لا بد من التركيز على موضوع مهم واساسي في هذه المرحلة من التطورات المصرفية وذلك بتحديث الأنظمة المصرفية واعتماد أنظمة إدارة حديثة لزيادة السرعة في تقديم الخدمات وتقليل الاعتماد على الورق ..
- العمل على تطبيقات الهواتف الذكية: من الضروري تطوير تطبيقات سهلة الاستخدام تتيح للزبائن إجراء كافة معاملاتهم المصرفية عبر الهواتف الذكية وان يباشر بتدريب العاملين في المصرف واتقانهم ذلك ليشع عبرهم هذا النظام باستخدام تطبيقات الهواتف الذكية .
- العمل وفق المحافظ الرقمية: من الضروري ان يقوم المصرف إطلاق محافظ رقمية تتيح للعملاء إجراء معاملات الدفع الإلكتروني بسهولة وسرعة، مما يعزز الشمول المالي
- العمل على أتمتة العمليات: أتمتة العمليات الداخلية لتقليل التدخل البشري في العمليات الروتينية (مثل معالجة القروض والمدفوعات) وتقليل الأخطاء التشغيلية التي كثيرا ما تحدث وخصوصا في المصارف المتخلفة في الستخدام الاساليب التكنالوجية المتقدمة .
. 2 -ضرورة توسيع نطاق الشمول المالي
اولا التوسع في المناطق الريفية: وذلك بفتح فروع جديدة أو تقديم خدمات مصرفية متنقلة في المناطق الريفية التي تعاني من نقص الخدمات المالية حيث لازالت المصارف الاسلامية تتردد كثيرا في التفكير او العمل على مد نشاطاتها في المناطق غير مراكز المحافظات والمدن . وهنا احب ان اشير الى تجربة بنوك الفقراء كما هو في تجربة بنغلاديش , لا اقصد استنساخ تجربتها ولكن يمكن التمعن باسلوب الشمول المالي في المناطق التي لم تصلها الخدمات المصرفية .
ثانيا اضافة الى ذلك تمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة: على البنك المركزي ان يلزم هذه المصارف بوضع برامج تمويل تستهدف المشاريع الصغيرة والمتوسطة مع السعي لاقناع الحكومة لتقديم ضمانات حكومية لتشجيع المصارف على تقديم قروض لهذه الفئة , منهم المشمولين بالضمان الاجتماعي لحملهم على ايجاد اعمال لهم تزيد من مدخولاتهم الشهرية وتحسين ظروفهم المعاشية .
حملات توعية
وثالثا التوعية المصرفية: إطلاق حملات توعية تستهدف الجمهور لتعزيز ثقافة الادخار واستخدام الخدمات المصرفية الحديثة وان تساهم اجهزة الاعلام الحكومية بهذه الحملة لأهمية ذلك وطنيا اضافة الى فوائدها للمصارف والمواطنين . .
3 – التركيز على الشفافية و تعزيز الحوكمة
أ - إصلاح البنية التشريعية: التنسيق مع الجهات التشريعية لوضع قوانين وضوابط جديدة تعزز الشفافية وتمنع الفساد في القطاع المصرفي , وهنا تلعب هيئة النزاهة والبنك المركزي دورا فاعلا وايجابيا , اضافة الى الجهات ذات العلاقة . .
التدقيق والمراجعة المستقلة: تعيين شركات تدقيق مستقلة لمراجعة العمليات المالية للبنوك بشكل دوري .
ب - التاكيد على الرقابة الداخلية: ضرورة إنشاء وحدات مراقبة داخلية قوية تتبع مباشرة لمجالس الإدارة لضمان الالتزام بالمعايير المهنية والأخلاقية وان يكون لها الحق في مراجعة الاعمال الداخلية التي بأمرة المدير المفوض والاقسام التي بأمرته ..
4 – ضرورة تحسين قدرات الموارد البشرية وتشمل :
- - تدريب الموظفين: اعداد و تطوير برامج تدريب مكثفة للموظفين على أحدث التقنيات المصرفية وتطبيقات الحوكمة المالية وبالتنسيق مع البنك المركزي ويجوز الاستعانة بالمدربين من خارج القطر او ارسال بعض الموظفين للخارج لهذه الغاية .
- - استقطاب الكفاءات: تقديم حوافز لاستقطاب الكفاءات المتخصصة من الداخل واحيانا من الخارج لقيادة المشاريع التطويرية الجديدة التي لم يسبق للمصرف مما رستها ..
. 5 - تنويع المنتجات والخدمات المصرفية
- - تقديم منتجات جديدةوتطوير المعمول بها مثل : تطوير منتجات تمويل إسلامي، وقروض الإسكان، وخدمات التأمين.
وحسابات الاستثمار حيث لاحظت ان الكثير من هذه المصارف تتردد في تقديم خدماماتها لكثير من الزبائن معتبرة ان البنوك تأسست لخدمة اعمالها ونشاطاتها بصورة مباشرة او غير مباشرةبأعتبار هذه المصارف ملكها او ماهو بحكم ذلك .
- الاهتمام في القروض الاستهلاكية: ضرورة تشجيع العملاء على الاستفادة من القروض الاستهلاكية مع وضع سياسات واضحة ومرنة لسدادها لأهمية ذلك وانعكاساته على النشاط الاقتصادي العام
- دراسة امكانية إطلاق سندات مالية عبر البنوك الاسلامية باشراف والتعاون مع البنك المركزي العراقي لإطلاق سندات استثمارية حكومية تساهم في استقطاب رأس المال المحلي والدولي وفق ما ينسجم مع السياسات النقدية والمالية للدولة .
. 6 – ضرورة تعزيز البنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات
- ضرورة التركيز على الأمن السيبراني: تطوير أنظمة متقدمة لحماية المصارف من الهجمات السيبرانية وتأمين بيانات الزبائن وهذا يعني ضرورة الاستثمار في هذا النشاط الاساسي بالنسبة لأمن بيانات المصرف وجزء اساسي لتعزيز تكنالوجيا المعلومات
- الربط مع البنك المركزي: إنشاء نظام ربط مباشر مع البنك المركزي لزيادة الشفافية في العمليات المالية، وتحسين سرعة التقارير المالية وتطوير قاعدة البيانات المصرفية والاكثار من دورات رفع الكفاءة بما يعزز مستوى العاملين وخصوصا تكنالوجيا المعلومات والامن السيبراني .
. 7 - رقابة واشراف البنك الركزي وفق اسس علمية حديثة لتطوير الاداء
- - إشراف البنك المركزي: يجب أن تكون التكنالوجيا المتطورة وسيلة متطورة في اشراف وراقابة البنك المركزي على المصارف سواء التقليدية او الاسلامية وتقليل الاعتماد على الرقابة الورقية وانما وفق السطرة الالكترونية وما افرزته التكنالوجيا من وسائل في الاشراف والرقابة وبفرض رقابة صارمة على المصارف ومراقبة أدائها ومن خلال أنظمة و تقارير دقيقة وشفافة ايضا .
- - توحيد معايير قياس الأداء: على البنك المركزي وضع معايير لقياس الأداء المالي والإداري لكل مصرف وربط تقدير وتقييم أي من هذه المصارف بأداءها ومدى التزامها بالتحول نحو الاقتصاد الرقمي ووفق هذه المعايير..
على البنك المركزي ان يزيد من ضغوطه على المصارف الاسلامية وغيرها في وضع الجدول الزمني للتنفيذ للتحول الرقمي وان تلتزم به .ان ذلك قد يستغرق سنة كاملة تشمل الدراسات والبدء في التحول الرقمي ثم اطلاق المنتجات المصرفية الجديدة وبناء البنية التحتية الرقمية التي بعدها تجرى عملية التقييم للنتائج وتحسين الانظمة وتوسيع الشمول المالي .
بلا شك يتطلب هذا التحول ان تتوفر تخصيصات ماليه ضمن ميزانية المصارف تغطي نفقات التحول الرقمي وتدريب الموظفين بما في ذلك جذب الكفاءات سواء محلية اواجنبية وغير ذلك الكثير .
وبلا شك يبقى البنك المركزي هو صاحب القرار وبيده كافة وسائل التحكم والتطوير والنجاح في هذا التحول والاخذ بناصية المستجات العلمية والاسهام عبر سياسته النقديه في دفع عجلة التنمية الاقتصادية وتقدم العراق .