الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
عقرة محاطة بالجبال والأنهار.. مدينة الجَمال والخيرات وعاصمة نوروز

بواسطة azzaman

عقرة محاطة بالجبال والأنهار.. مدينة الجَمال والخيرات وعاصمة نوروز

 

عقرة -غزاي درع الطائي

عقرة بلدة تاريخية يعود تاريخها إلى (580) ق.م، بناها أمير كوردي، يُدعى (الأمير زند)، وهي مفروشة على سفوح الجبال بطريقة جميلة، وتتدرج بيوتها على السفوح من الأسفل إلى الأعلى كما في بقية المدن والقرى الجبلية الكوردية، صعودا إلى مسافة قريبة من القممم بشكل أخاذ، ومن الجبال التي تحيط بها وتلتف عليها وتزهو بها: سبيلك، كلاكڤن، كلي عقره وكرى توبا وكلاشوش وبيرس، وهي إداريا (قضاء) يعود إلى محافظة دهوك بإقليم كردستان العراق، وتتبعه ثلاث (نواحٍ) هي: بجيل، دينارته، وكرده سين، وتضم (324) قرية، ويبلغ ارتفاعها عن سطح البحر (450) مترا، مما أكسبها جوا بديعا، وتطل المدينة على واديين فسيحين فيهما بساتين الفاكهة، وفي داخل الوادي الشرقي شلال (السيبه) الذي يؤمه الزوار والمصطافون للتمتع بمنظره الخلاب وطقسه البارد صيفاً، وقد وردت عقرة باسم (ئاكري)، وهذا الاسم هو الأصل الذي يتداوله أبناؤها وأبناء المنطقة وهو مشتق من (آكر) أي النار التي تدل على النقاء والحب والبركة، وتبعد عقرة عن الموصل بمسافة (70) كيلومترا وتبعد عن أربيل بمسافة (90) كيلومترا، فيما تبعد وعن مدينة دهوك بمسافة (110) كيلومترا.

وقد رد اسم عقرة في (معجم البلدان) لياقوت الحموي الذي زارها سنة (604هـ)، ووصفها في الصفحة (195) من الجزء السادس من معجمه (بأنها قلعة حصينة في جبال الموصل، أهلها أكراد، وهي في شرق الموصل تُعرف بعقر الحميدية، خرج منها طائفة من أهل العلم، منهم صديقنا الشهاب محمد بن فضلون ...العقري اللغوي النحوي الفقيه المتكلم الحكيم...) ونشير هنا إلى أنها عُرفت بعقر الحميدية نسبة الى (عشيرة الحميدية) الكوردية العريقة التي كانت تقطنها قديما.

عهد عثماني

ويتحدث المؤرخ والخطيب الموصلي ياسين خيرالله العمري عن مدينة عقرة في العهد العثماني في الصفحة (96) من كتابه (غاية المرام في تاريخ بغداد دار السلام)، الصادر عن دار منشورات البصري، مطبعة دار البصري، بغداد، 1968م، فيقول ((وأهل العقر أكراد، وكثير منهم يعرف العربية لكثرة أسفارهم إلى الموصل، وكذا أسفار الموصل، يقصدونها لكثرة خيراتها، حتى أنهم يسمونها (كجك إسلامبول) أي إسلامبول الصغيرة، لفرط خيراتها وكثرة ما ينقلون منها، مثل: العفص، والأرز، والغزل والقطن، والدباغ والرمان وشرابه، والعسل، ومَنّ السَّما وحلوه، وأمثاله)، وفضلا عن ذلك يوجد (في العقر اللبن الجيد والفواكه الكثيرة من جميع الصنوف وبالجملة، فهي كما قيل ...مرتع الفقير).

ويقول المؤرخ العراقي عبد الرزاق الحسني في الصفحتين (264 ــ 265) من كتابه (العراق قديما وحديثا)، الصادر عن مطبعة العرفان، صيدا، 1958م عن عقرة إنها ((كائنة في المرج أو مرج الموصل، وقائمة على منحدر جبل عقرة الأجرد، ويشبه هذا الجبل بتكوينه الطبيعي مدرجا رومانيا، فيخال الناظر إليها من بُعد أنها تتكون من طبقات بعضها فوق بعض، تطل على واد فسيح بساتينه محفوفة بالأزهار، وأشجاره مبدعة بالثمار، فإذا مدَّ الشتاء رواقه لبس الجبل المذكور ثوبا قشيبا من الثلوج)، ويضيف: (وفي عقرة من الفواكه اللذيذة والأشجار المثمرة الكثيرة ما يفيض عن حاجاتها فتمون بها القرى الملحقة بها، وبطيخها من أجود أنواع البطيخ في العراق، وتينها مشهور بنكهته وحلاوته، أما الأرز الذي تجود به تربتها فقد نال شهرة واسعة)، وفضلا عن ذلك هناك (في جنوبي عقرة شلال جميل جدا يزيِّن البلدة، ويروي البساتين والحدائق، فإن الماء الذي فيه يتدفق بغزارة وارتفاع هائل يسمّيه الأهلون (سي به)، ومعناه ثلاثون، ولعلهم يقصدون بهذه التسمية أن ارتفاع هذا الشلال ثلاثون مترا، وهو كذلك).

اطلاق ألعاب

وتُسمّى عقرة بـ (عاصمة نوروز)، إذ تُقام فيها احتفالات كبيرة لمناسبة عيد نوروز في الحادي والعشرين من آذار من كل عام، وفي هذا العيد يقصدها الكورد من كل مكان ويتسلقون جبالها صعودا نحو القمم، وتبدأ الاحتفالات وسط إطلاق الألعاب النارية وإشعال المشاعل التي تنير تلك الجبال في منظر بهي قل نظيره.وعقرة اليوم زاهرة بالمرافق السياحية والمطاعم والكازينوهات والخضرة الدائمة والينابيع العذبة، والبساتين الكثيرة المثمرة بأجود أنواع الفاكهة، وفيها العديد من المواقع التاريخية، والمعابد، والكهوف، وعيون المياه التي تسقي بساتين الزيتون والرمان والتين والأجاص والتفاح، من أبرز معالمها: (الجامع الكبير) الذي جرى بناؤه في عهد الخليفة الراشد عمر بن الخطاب، سنة (21) للهجرة، وضريح الشيخ عبد العزيز الكيلاني الذي يقع غرب البلدة على قمة واد محفوف بالأشجار، والذي يزوره عشرات الآلاف من الزوار من الهند وباكستان وإيران وافغانستان وتركيا، وغيرها، كل عام، وصاحب الضريح الشيخ عبد العزيز هو أحد أولاد الشيخ عبدالقادر الكيلاني قطب الطريقة القادرية، وتستمر زيارة الضريح والتكية على مدار السنة، ويشار إلى أن الشيخ عبد العزيز قد شارك في عام 1187م في تحرير القدس بقيادة صلاح الدين الأيوبي، وتزهو عقرة اليوم بجامعة عقرة للعلوم التطبيقية وكلياتها الزاهرة، وطلبتها الذين يؤمونها من كل مكان.

تحية مباركة لعقرة ذات الجمال العاصف ولجبالها الراسخة ولأحجارها ولأشجارها ولعيون مياهها العذبة ولبيوتها التي تزيِّن سفوح الجبال ولأهلها الكرام الطيبين.


مشاهدات 124
أضيف 2024/09/03 - 11:01 PM
آخر تحديث 2024/09/14 - 1:49 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 335 الشهر 5599 الكلي 9994221
الوقت الآن
السبت 2024/9/14 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير