لا شك ان ادارة الوقت تلعب دوراً حيوياً في حياة الإنسان والمجتمع، لا بل وان عليها تتوقف مدى عطاءه وسعادته. واستطيع أن أجزم بأن ادارة الوقت في جوانبها المتنوعة هي ما يحدد ضعف وقوة الإنسان وبالتالي تقدمه وتخلفه.
ومن الجوانب الهامة في ادارة الوقت هو الجانب الاجتماعي في قيمه وعاداته وتقاليده وسلوكياته وعلاقاته الى جانب الجوانب السياسية والاقتصادية والثقافية، والتي تساهم جميعاً في تحديد كفاءة استخدام الوقت والتمتع به باعتباره مورداً متاحاً لجميع البشر بصورة متساوية وعلى حد سواء.
القيم والعادات والتقاليد الاجتماعية بالعلاقة مع استخدام الزمن:
تلعب القيم والعادات والتقاليد دورها في كيفية التعامل مع الوقت واستخدامه: كثيراً ما نعيش أن الأصول الاجتماعية القائمة على تلك القيم والعادات والتقاليد تفرض استخداماً مستنزفاً للوقت المتاح على حساب القيام وانجاز أعمال أخرى.
ان التركيبات القبائلية والعشائرية تتزين بأصولها في الأعراف والتقاليد وحتى باللغة المستخدمة في التفاعل الاجتماعي. كما ان الحرص على تأدية الواجبات الاجتماعية، والتي هي تعبير عن تلك الأصول، في غثها وسمينها، إنما تشكل هدراً للوقت لا يعوض.
لنمتلك الوعي والجرأة ونصرخ بأدب:
إن كثيراً من عاداتنا وتقاليدنا هي ضرب من محاكاة ببغائية، لا بل ونفاق اجتماعي هدفها الجاه والسمعة الفارغة والنفاق الاجتماعي وبناء العلاقات من أجل الكسب السياسي أو الاقتصادي.
انماط العيش الاجتماعي:
ونريد بها أنماط السكن وعلاقات الجيرة والحارة والحي وطبيعة العلاقات الاجتماعية السائدة وانعكاسات ذلك في استخدام الوقت. اننا بحاجة الى وقت طويل لكي نؤمن احتياجات سكننا بالصورة الاجتماعية التي نطمح اليها، وكذلك الى اشباع حاجاتنا وإرضاء جيرتنا وذوي القربى والاصدقاء بتواصلاتنا الاجتماعية.
لا أريد بهذا الدعوة الى المقاطعة أو العزلة الاجتماعية، لا سمح الله، ولكني أدعو الى عقلنتها بعض الشيء وتنقيتها من المحاكاة العمياء والزيف الاجتماعي، من أجل أن يتوفر لنا من الوقت ما نستفيد منه ونفيد به أكثر.
واذا كانت الحياة الاقتصادية في ظروفها الحالية قد ذهبت في اتجاهات الضغط على استخدامنا للوقت في الجوانب الاجتماعية، توجب علينا أن ندرك أن ذلك ضرورة ولا ينبغي أن يسبب ذلك لنا ضيقاً نفسياً أو تذمراً في العيش، لأن من شأن ذلك أن ينعكس على إحساسنا بالسعادة في الحياة.
اننا بحاجة الى مراجعة واعية وجريئة لطبيعة حياتنا الاجتماعية بالعلاقة مع استخدامنا للوقت في قيمها وعاداتها وأعرافها التي ينبغي أن تتطور مع تطورات جوانب الحياة الأخرى.
برلين، 11.06.2024