العبرة بالأعمال لا الأقوال
حسين الصدر
-1-
قال كاتب السطور :
قد يبرعُ المرءُ بالأقوال يُطلعها
يَقطُرنَ حُسناً ولكنْ دونما عَمَلِ
ما أكثر أصحاب القول الجميل وما أقلّ أصحاب العمل الجليل .
والعبرةُ بالأعمال لا بالأقوال حيث أنَّ الاقوال لا تسمن ولا تغني من جوع وهي بضاعة الفاشلين
-2-
ومن أصحاب المصداقية الخليل بن احمد الفراهيدي – رحمه الله – ذَكَرَهُ الثوري فقال :
« اجتمعنا بمكة ،
أدباء كُلِّ أفق ،
فتذاكرنا أمر العلماء ،
فجعل اهل كل بلد يرفعون علماءهم ويصفونهم ،
حتى جرى ذكر الخليل فلم يبق أحدٌ منهم الاّ قال :
الخليل أذكى العرب
وجاء في ترجمته :
كان الخليل من أزهد الناس وأعلاهم نفسا واشدهم تعففا .
ولقد كان الملوك يقصدونه ويتعرضون له لينال منهم فلم يكن يفعل وكان يعيش من بستانٍ خلّفه له ابوه .
راجع المنتظم لابن الجوزي ج7 ص280-281
ويرن في الاسماع القول المأثور :
{ اذا رأيتم العلماء على أبواب الملوك فبئس العلماء وبئس الملوك واذا رأيتم الملوك على أبواب العلماء فنعم الملوك ونعم العلماء }
كان الخليل يرى أنَّ الغنى هو غنى النفس ، وأنَّ الفقر هو فقرها
هو القائل :
والفقرُ في النفسِ لا في المالِ تعرفُهُ
ومِثْلُ ذاك الغِنى في النفسِ لا المالِ
وغنى النفس هو الذي منعه من قبول الأموال من الحكام والامراء
وقد ردّ الدنانير الالف التي أرسلها له { سليمان بن علي الهاشمي }
حين أرسلها اليه ورغب ان يتولى تعليم أولاده .
والخليل هو القائل :
يكفيك من دهرك هذا القوتُ
ما أكثر القوت لمن يموتُ
انّ الكثير من كبار الأغنياء بأموالهم لا يملكون النفس الغنية فتراهم يركضون وراء اقتناص الأموال ويحرصون على تكديسها وهم في الواقع لا يجمعون الاّ للحادث والوارث، ولن يذوق طعم الرضا الذي يعيشه الفقير.
انّ الطمّاع فقير وأنْ ملك الثروات الهائلة، وإنّ القنوع غنيٌّ وانْ قلّ ما في يديه .
قال الشيخ الشبيبي رحمه الله :
ففقيرٌ مَنْ غناهُ طمعٌ
وغنيّ مَنْ يرى الفقر غنى
وقد مجدّ التاريخ أصحاب النفوس الغنية وأشاد بهم ، فيما بقي الطمّاعون مصباً لازدرائه ونقمته عليهم .