الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
العامل‭ ‬والدرنفيس

بواسطة azzaman

العامل‭ ‬والدرنفيس

فاتح‭ ‬عبد‭ ‬السلام‭ ‬

 

‭ ‬عيد‭ ‬العمال‭ ‬العالمي‭ ‬انطلق‭ ‬في‭ ‬مخاض‭ ‬عسير‭ ‬ودموي‭ ‬من‭ ‬المعاناة‭ ‬عبر‭ ‬استراليا‭ ‬والولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬وكندا،‭ ‬منذ‭ ‬العام‭ ‬1856،‭ ‬وكان‭ ‬اصل‭ ‬هذا‭ ‬اليوم‭ ‬تظاهرات‭ ‬سقط‭ ‬فيها‭ ‬قتلى‭ ‬برصاص‭ ‬الجيش‭ ‬الأمريكي‭ ‬في‭ ‬اكثر‭ ‬من‭ ‬ولاية،‭ ‬والمطالب‭ ‬كانت‭ ‬محصورة‭ ‬بثماني‭ ‬ساعات‭ ‬عمل‭ ‬لا‭ ‬غير‭.‬

‭ ‬في‭ ‬العراق،‭ ‬واجهت‭ ‬الطبقة‭ ‬العاملة‭ ‬العجائب،‭ ‬فقد‭ ‬كانت‭ ‬مشاركة‭ ‬في‭ ‬الانقلابات‭ ‬السياسية‭ ‬منذ‭ ‬العام‭ ‬1958،‭ ‬وأداة‭ ‬بيد‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬حزب،‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬ان‭ ‬تنال‭ ‬تحسيناً‭ ‬في‭ ‬ظروفها‭. ‬في‭ ‬حقبة‭ ‬الثمانينات،‭ ‬صارت‭ ‬وقودا‭ ‬في‭ ‬موقد‭ ‬الحروب‭ ‬والجيش‭ ‬الشعبي،‭ ‬وألغى‭ ‬النظام‭ ‬السابق‭ ‬مصطلح‭ ‬“العمال”،‭ ‬قال‭ ‬انهم‭ ‬“موظفون”،‭ ‬وانّ‭ ‬تعبير‭ ‬“عمّال”‭ ‬ينتقص‭ ‬من‭ ‬قيمتهم‭ ‬الاعتبارية‭ ‬،‭ ‬في‭ ‬تبرير‭ ‬ساذج‭ ‬لمسح‭ ‬اخر‭ ‬علامات‭ ‬الروح‭ ‬الثورية‭ ‬من‭ ‬الطبقة‭ ‬التي‭ ‬تنتشر‭ ‬في‭ ‬مفاصل‭ ‬الحياة‭ ‬كلها‭. ‬وجاء‭ ‬النظام‭ ‬الجديد‭ ‬بعد‭ ‬حرب‭ ‬2003‭ ‬ليلغي‭ ‬المعامل‭ ‬ذاتها،‭ ‬فلم‭ ‬يبق‭ ‬من‭ ‬‮«‬العمال‮»‬‭ ‬سوى‭ ‬بعض‭ ‬الاعداد‭ ‬التي‭ ‬توزعت‭ ‬على‭ ‬المصانع‭ ‬الخاصّة‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬توقف‭ ‬المعامل‭ ‬الحكومية‭ ‬الكبرى‭ ‬او‭ ‬تدميرها‭ ‬بقنابل‭ ‬الحروب‭.‬

لا‭ ‬نحتاج‭ ‬الى‭ ‬عيد‭ ‬للعمّال‭ ‬في‭ ‬بلد‭ ‬باتت‭ ‬الصناعات‭ ‬الوطنية‭ ‬من‭ ‬الماضي‭ ‬المندثر،‭ ‬وانما‭ ‬نحتاج‭ ‬بقوة‭ ‬الى‭ ‬إعادة‭ ‬تعريف‭ ‬العمل‭ ‬لنكون‭ ‬جميعا‭ ‬بمختلف‭ ‬المسميات‭ ‬تحت‭ ‬لواء‭ ‬العمل‭ ‬بوصفه‭ ‬السلوك‭ ‬المقدس‭ ‬الذي‭ ‬يشبه‭ ‬العبادة‭ ‬كونه‭ ‬جهداً‭ ‬مبذولاً‭ ‬في‭ ‬خدمة‭ ‬الناس‭.‬

اليوم‭ ‬نحتاج‭ ‬أن‭ ‬يدرك‭ ‬السياسي،‭ ‬وزيراً‭ ‬وبرلمانياً‭ ‬ومديراً،‭ ‬معنى‭ ‬الخدمة‭ ‬العامة‭ ‬للملايين،‭ ‬بوصفها‭ ‬روح‭ ‬العمل‭ ‬وبغيابها‭ ‬يتحول‭ ‬البلد‭ ‬الى‭ ‬جسد‭ ‬قابل‭ ‬للتفسخ‭ ‬مع‭ ‬زيادة‭ ‬معدلات‭ ‬الهدم‭ ‬والفساد‭ ‬وتجهيل‭ ‬العقول‭ ‬بالخزعبلات‭ ‬والارتهان‭ ‬للخارج‭ ‬بدل‭ ‬الابداع‭ ‬الذاتي‭.‬

ما‭ ‬معنى‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬لنا‭ ‬عيد‭ ‬للعمال،‭ ‬ولا‭ ‬توجد‭ ‬طبقة‭ ‬عمالية‭ ‬في‭ ‬سياق‭ ‬انتاجي‭ ‬وليس‭ ‬استهلاكيا‭ ‬كما‭ ‬حالنا‭ ‬اليوم‭.‬

العامل،‭ ‬ليس‭ ‬هو‭ ‬ذلك‭ ‬الشخص‭ ‬الذي‭ ‬يمسك‭ ‬بالعتلة‭ ‬والدرنفيس‭ ‬والجاكوش‭ ‬في‭ ‬مصنع‭ ‬للأسمنت،‭ ‬او‭ ‬الغزل‭ ‬والنسيج،‭ ‬أو‭ ‬التعليب،‭ ‬أو‭ ‬الالبان،‭ ‬فحسب‭.‬

‭ ‬العامل‭ ‬هو‭ ‬كل‭ ‬شخص‭ ‬يبلغ‭ ‬السن‭ ‬القانونية‭ ‬التي‭ ‬تؤهله‭ ‬لممارسة‭ ‬وظيفة‭ ‬لخدمة‭ ‬الناس‭ ‬مهندساً‭ ‬ومعلماً‭ ‬وطبيباً‭ ‬واستاذاً،‭ ‬وادارياً،‭ ‬وعسكرياً،‭ ‬وأمنياً‭. ‬

كفى‭ ‬تسطيحاً‭ ‬للمعاني‭ ‬وركوب‭ ‬موجات‭ ‬لا‭ ‬نعرف‭ ‬اين‭ ‬ستقذف‭ ‬بنا‭.  

رئيس التحرير-الطبعة الدولية

fatihabdulsalam@hotmail.com‬


مشاهدات 126
الكاتب فاتح‭ ‬عبد‭ ‬السلام‭ ‬
أضيف 2024/05/01 - 2:02 PM
آخر تحديث 2024/05/17 - 7:56 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 131 الشهر 6602 الكلي 9244640
الوقت الآن
الجمعة 2024/5/17 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير