فاتح عبد السلام
اعرف انَّ هذا الكلام ليس موجهاً للسياسيين عميان البصائر الذين يتصارعون على مناصب لا يؤدون الخدمة العامة المطلوبة منهم، بل يجهلون معناها الوظائفي، ذلك ان فهمهم المتوارث منذ عشرين سنة عن المنصب في مجالس المحافظات او مجلس النواب أو كابينات الحكومة الصدئة يقتصر على التفكير بالغنيمة، كيف تكون وما شكلها وما مواصفاتها ومن هم الشركاء المحتملون فيها؟ واضيف اليها عامل اخر في الآونة الأخيرة: هو كيف التصرف بالغنيمة «الاسم المرادف للرشوة والسرقة والاختلاس» وكيف يكون اخفاؤها عن لجان التفتيش او النزاهة او المسؤولية القانونية، في حال تفعيل كل تلك الأجهزة بشكل حقيقي ذات يوم.
لذلك استبعدهم من أن يكونوا مخاطبين في أي حديث، واتحدث للناس العاديين الذين هم أربعون مليون عراقي ناقصا منهم بضع مئات من ذلك النوع المصنف بـ «السياسي» وهي الكلمة التي باتت تعني في العراق كل ما هو رديء ومتخاذل وكذّاب وضحل وانتهازي وعميل للخارج ومرائي وحرامي، إلا مَن رحم ربي وهؤلاء من النوادر.
البلد يحتاج الى الأفكار القابلة للتحول الى صيغ إنتاجية وتفاعلية لتقديم خدمات او انتاج ملموس للناس. هذه الأفكار غالبا ما تحتاج الى إمكانات بسيطة او معقولة في حدود قدرات الوزارات ومجالس المحافظات لتنفيذها وجعلها ذات نفع عام.
استقبال الأفكار المنتجة من الناس، يكون في الغالب من الخريجين او أصحاب الشهادات العليا او من ذوي الخبرات الطويلة في اختصاصاتهم التجارية، او الصناعية، او الزراعية او الخدمية، لكن ذلك يحتاج الى دوائر خاصة ترتبط بالمحافظات والوزارات لتحويل الفكرة الجيدة او الابتكار المتميز الى حالة خدمية ناجحة في النقل او السكن او السفر او المجالات العامة وكذلك في الناحية الإنتاجية ايضاً .
كنّا واهمين حين اعتقدنا انّ طواقم الحكم المتعاقبة في العراق في خلال عقدين تعيسين والتي عاشت في الغرب المتقدم ورأت كيف تتحول الأفكار الجديدة كل يوم الى منافع للناس، انهم سوف ينقلون شيئا من ذلك الى عملية إعادة اعمار العراق. لكننا اكتشفنا انهم كانوا في خلال اقامتهم في الغرب جهلة وعاطلين عن العمل ولا يدرون اين ذاهب هذا العالم المتطور.
هناك أفكار وابتكارات لا تحتاج ان نستورد شركات اجنبية تستنزف أموال البلد لتطبيقها، لكن نحتاج الى إعطاء العجين لخبّازه ليس أكثر.
رئيس التحرير-الطبعة الدولية