النظام الرئاسي يستعيد هيبة الدولة

صلاح الربيعي

يَمرُ العراق منذ عام 2003 ولحد الآن بتجربة سياسية معقدة لاملامح لها وقد أثقلتها المحاصصة وتشظي مراكز القرار مما أنتج حكومات ضعيفة مترددة ومقيدة بالتجاذبات الحزبية والإرادات الخارجية ومع إستمرار أزمات الأداء الحكومي المتعثر على مدى السنوات الماضية وغياب المسائلة والمحاسبة الفعلية للمتسببين بأذى العراق وشعبه المظلوم عاد الحديث والبحث مجدداً عن  إعتماد نظام الحكم الرئاسي باعتباره إنموذجاً يمكن أن يعيد للعراق هيبته ومكانته واستحقاقه ويمنحه قدرة أكبر على إتخاذ القرار وتنفيذ السياسات التي تخدم الشعب بشكل واضح  كون النظام الرئاسي كما هو معروف يقوم على وحدة السلطة التنفيذية وبيد رئيس منتخب مباشرة من الشعب وهذا  مايمنحه شرعية وصلاحيات واسعة ومسؤوليات معروفة بعيداً عن آليات المحاصصة والتدخلات الخارجية التي أضعفت الحكومات البرلمانية المتعاقبة وان  وجود رئيس واحد بصلاحيات  واسعة يعني تحمل المسؤولية أمام الشعب والدستور وسرعة في التعامل مع الملفات الحساسة واتخاذ القرارات المناسبة بشأنها  وقدرة على مواجهة الفساد دون الخضوع لضغوط الكتل

والأحزاب النافذة المشتركة في السلطة كما أن التحول نحو نظام رئاسي ينتهج الدستور والرقابة البرلمانية والقضائية قد يُعيد للعراق قوة الدولة وهيبتها  التي افتقدها بسبب تشتت القرار وتعدد مراكز التأثير السلطوي وان  الدولة المهابة هي الدولة التي تمتلك قراراً واحداً وخطاباً موحداً ومؤسسات تعمل وفق رؤية بعيده المدى لا وفق المصالح المتضاربة

ونجاح هذا التحول لا يعتمد على تغيير الشكل السياسي النمطي فحسب بل يتطلب بناء مؤسسات مستقلة وقضاء قوي وضمانات تمنع الاستبداد والاستئثار بالسلطة حتى يصبح النظام الرئاسي أداة إصلاح وليس باباً لهيمنة جديدة  وقد يكون النظام الرئاسي خطوة في هذا الاتجاه إذا ما جاء ضمن مشروع وطني شامل يعيد ترتيب البيت الداخلي للبلد وينهي فصول الضعف التي أنهكت البلاد وجعلته في مشهدٍ مرتبك لايُحسَد عليه .