سمكة غريبة في شط الديوانية تثير الذعر وتكشف أزمة بيئية مقلقة
غالب الحبكي
في واقعة أثارت دهشة وقلق سكان محافظة القادسية، اصطاد عدد من الصيادين المحليين سمكة غريبة الشكل واللون من مياه شط الديوانية، أحد فروع نهر الفرات، السمكة التي عرضت في الأسواق المحلية بلونها الأسود الداكن وهيئتها الغير المألوفة، أثارت موجة من التساؤلات والامتناع الشعبي عن شرائها، وسط مخاوف من مصدرها، وتأثيرها على البيئة والصحة العامة.
ورغم أن الحادثة بدت في ظاهرها مجرد غرابة بيولوجية، إلا أن مختصين حذروا من أنها قد تكون مؤشراً على أزمة بيئية أعمق تهدد النظام المائي العراقي، إذ أن تزامن ظهور كائنات دخيلة أو متحورة في بيئة نهرية مستقرة غالباً ما يرتبط بعوامل خارجية، أبرزها التغيرات المناخية، وتفاقم نسب التلوث، وتراجع مناسيب المياه.
مياه مجاري
من أجل بيئة مائية نظيفة وغير مضطربة
تشير التحليلات الأولية الى أن السمكة الغريبة قد تكون نتاجاً لتراكم ملوثات صناعية وصحية في مياه النهر، لا سيما في ظل استمرار تصريف مياه المجاري والمصانع دون معالجة كيميائية، كما ساهمت شحة المياه، وتراجع الإطلاقات المائية من الجانب التركي في ركود الجريان الطبيعي، ما أدى إلى تركيز مثل هذه الملوثات، مما خلق بيئة خصبة لظهور كائنات غير مألوفة. كما وقد حذر «خبراء البيئة» من أن غياب الرقابة على مصادر التلوث، وعدم تحويل مجاري الصرف الى مصبات آمنة، فاقم من الأزمة، وفتح الباب أمام تحولات بيولوجية قد تكون لها تبعات خطيرة على التنوع الإحيائي في الأنهار العراقية.
المخاطر لا تقتصر على البيئة فحسب، بل تمتد الى الصحة العامة، إذ أن تراكم مثل هذه السموم في السلسلة الغذائية قد ينعكس سلباً على صحة الإنسان، خصوصاً في المجتمعات التي تعتمد على الأسماك كمصدر غذائي رئيسي، كما أن تراجع ثقة المواطنين في سلامة مياه الانهر قد يؤدي إلى عزوف عن الصيد، وتدهور في الاقتصاد المحلي المرتبط بالثروة المائية.
دعوات شعبية
في ضوء هذه التطورات دعت فعاليات بيئية ومجتمعية الى تشكيل لجان تحقيق مشتركة تضم خبراء من وزارات البيئة والصحة والزراعة، لإجراء فحص شامل ودوري للمياة نسبة تلوثها وسلامتها ،وفحص هذه السمكة الغريبة، والتحقق من مصدرها، ما إذا كانت تمثل تحوراً بيئياً أو نوعاً دخيلاً. كما شددت الدعوات على ضرورة تفعيل الرقابة على مصادر التلوث، وتحويل مجاري الصرف الى مصبات آمنة، وإطلاق حملات توعية شعبية حول مخاطر التلوث المائي وسبل الوقاية منه.
يرى مراقبون أن ما حدث في شط الديوانية ليس مجرد حادثة عابرة، بل يمثل جرس إنذار مبكر، يستدعي مراجعة شاملة لسياسات إدارة الموارد المائية في العراق، وإعادة الاعتبار للأنهار كمصادر حياة لا كمجاري للملوثات والنفايات.