العراق ومحافل الأمم المتحدة
قيادة الرئيس في ظل تحديات إقليمية معقّدة
كامل الدليمي
في خضم ظروف إقليمية مضطربة وأزمات متعددة تتقاطع فيها السياسة والأمن والإنسانية، برزت مشاركة فخامة رئيس الجمهورية الدكتور عبد اللطيف جمال رشيد والوفد المرافق له في فعاليات الأمم المتحدة كإشارة واضحة على قدرة العراق على التوازن بين تحديات الداخل وموقعه في النظام الدولي. فخامة الرئيس، الذي يمثل دولة خرجت قبل عقدين من النزاعات والاحتلال، استطاع أن يجعل من حضوره في نيويورك منصة لتعزيز الدور العراقي في القضايا العالمية الملحة.
شهدت المنطقة خلال العام الحالي سلسلة من الأزمات السياسية والأمنية، وكان من أبرزها الأحداث في قطاع غزة، التي تحولت إلى مأساة إنسانية مدوية. برغم هذه التحديات، حرص الرئيس العراقي على أن يبقى صوت العراق مسموعًا على الساحة الدولية، وأن يوضح موقف بلاده الثابت في دعم حقوق الشعوب ومبادئ القانون الدولي، خاصة فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية وضرورة وقف العدوان وعودة الأمن والاستقرار.
مشاركة فخامة الرئيس في فعاليات مخيم الهول
على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، شارك الرئيس العراقي في المؤتمر الدولي حول إعادة الأشخاص من مخيم الهول والمخيمات المحيطة وأماكن الاحتجاز، الذي نظم بالتنسيق بين العراق ومكتب الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب. وقد أوضح فخامة الرئيس خلال كلمته أن العراق نجح في استعادة نحو 18,830 فردًا من المخيم ضمن عملية شاملة ذات أبعاد إنسانية وأمنية وقانونية، مشددًا على أن خبرة العراق في هذا المجال يمكن أن تكون نموذجًا عمليًا يستفيد منه العالم.
هذا النجاح في التعامل مع ملف مخيم الهول أظهر قدرة العراق على إدارة القضايا الإنسانية المعقدة، حتى في ظل الظروف الإقليمية الصعبة، مع توفير برامج متكاملة للدعم النفسي، التعليم، وإعادة الاندماج، ما يعكس التزام الدولة العراقية بتحويل المأساة الإنسانية إلى قصة نجاح في التضامن الدولي.
لم تقتصر مشاركة فخامة الرئيس على الفعاليات الرسمية فحسب، بل حرص على إجراء لقاءات ثنائية مهمة مع ملوك وقادة ورؤساء دول، كان لها أثر كبير في تعزيز موقع العراق الدولي .
تعاون اقتصادي
وايضاً اجتماعات مع قادة الاتحاد الأوروبي لتثبيت موقف العراق بشأن القضايا الإنسانية والسياسية في المنطقة، وتعزيز التعاون الاقتصادي والأمني.
• لقاءات مع مسؤولين أمميين لتسليط الضوء على دور العراق في مكافحة الإرهاب وإعادة الاستقرار للمناطق المحررة.
هذه اللقاءات أسهمت في تثبيت موقع العراق كلاعب دولي فاعل، وقادرة على لعب دور الوسيط والحل في القضايا الإقليمية المعقدة.
وسعى فخامة الرئيس إلى أن تصل رسالته إلى أكبر شريحة من المجتمع الدولي من خلال لقاءات صحفية وتلفزيونية مع قنوات وصحف دولية ذات مصداقية عالية، مؤكداً على موقف العراق الثابت من القضية الفلسطينية، وضرورة التوقف عن العدوان على المدنيين. هذا الاهتمام الإعلامي عزز من قدرة العراق على تثبيت مواقفه على الساحة الدولية، ورفع من الوعي العالمي بقدرة الدولة على إدارة الأزمات الإنسانية والسياسية.
بالرغم من الضغوطات الإقليمية والصعوبات الداخلية، أظهر العراق خلال هذه الزيارة أن بإمكانه احتلال موقع الصدارة في العمل الإقليمي والدولي من خلال:
• إدارة ملف مخيم الهول بكفاءة.
• تعزيز العلاقات الثنائية مع الدول الكبرى والإقليمية.
• دعم المبادرات الإنسانية والسياسية على المستوى الدولي.
• الحفاظ على موقف مستقل وراسخ في القضايا الإقليمية المهمة، وعلى رأسها فلسطين وغزة.
إن حضور فخامة الرئيس في الأمم المتحدة، وإدارته لمجموعة اللقاءات الثنائية والمتعددة الأطراف، يظهر احترافية العراق في الموازنة بين السياسة الداخلية والدور الإقليمي والدولي، وهو مؤشر واضح على قدرة الدولة على أن تكون لاعبًا رئيسيًا في المحافل العالمية، حتى في ظل ظروف صعبة ومعقدة.
أثبتت مشاركة فخامة رئيس الجمهورية والوفد المرافق له في فعاليات الأمم المتحدة أن العراق قادر على التفاعل مع القضايا الدولية الكبرى بفعالية ومسؤولية.
من خلال إدارة ملف مخيم الهول، وإجراء اللقاءات الثنائية مع القيادات الدولية، ومواجهة التحديات الإقليمية، رسخ العراق مكانته كلاعب مهم في النظام الدولي.
مؤكدًا أن الدولة العراقية، برغم التحديات والضغوطات، تستطيع أن تلعب دورًا قياديًا في الحلول الإقليمية، وتبني مسارات للعمل المشترك على أساس العدالة الإنسانية والسياسية .