الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
للمرة الأولى في العراق مكتبة رقمية تصل خدماتها لكل القارات

بواسطة azzaman

للمرة الأولى في العراق مكتبة رقمية تصل خدماتها لكل القارات

 

بغداد - هاشم حسن التميمي

لا تصدق العين انها ستكتحل برؤية انجاز علمي عراقي سيرى النور قريبا ويسجل فيه العراق بعد انتظار ثلاثة عشر عاما سبقا حضاريا على دول الجوار واخرى في الشرق الاوسط يتمثل في المكتبة الرقمية العراقية التي تجاور مبنى دار الكتب والوثائق في الباب المعظم.

 كانت لنا وقفة تاملية امام هذا المبنى الشامخ بطبقاته الخمس المشكلة  من الطراز العباسي باقواسه وفضاءاته المغمورة بالضوء والمتداخلة مع الشناشيل البغدادية الخشبية الملونة لترسم صورة بل هوية يمتزج فيها التاريخ مع التراث  مع معالم العصر ورفاهيته..... وقبل ان نتجول في اروقة وقاعات هذا الصرح الجميل بمعية المهندسين الذين تعايشوا بمحبة مع مراحل انشاء هذه المكتبة وكانت احلامهم تكبر مع كل طبقة من البناء تتصاعد مع الزمن واصابهم الحزن حين تعطل وتوقف العمل لسبع سنوات لانشغال البلاد بموجات الحرب على الارهاب ثم عادت الحياة لمشروع وضع حجر اساسه  عام 2012 بتخصيص مالي 22 مليار دينار ويفترض انه سيدخل الخدمة نهاية هذا العام بعد استكمال نصب الاجهزة والمعدات التقنية الحديثة والتي تكفلت ذات الشركة السويدية ( ايس هاوس ) المنفذه باستكمالها ومواصلة صيانتها ويفترض ان تضع برنامجا لتاهيل العاملين لادارة ابرز التقنيات الخاصة بالخزن الالكتروني والاتصالات والمعالجات الرقمية واستخدامات الذكاء الاصطناعي حيث ستكون الخطوة الاولى رقمنة كل التراث العراقي من الكتب والصحف والوثائق والمخطوطات وتصنيفها باحدث الطرق العالمية لتكون مهيئة للتداول والتبادل عالميا.... ونؤكد على اهمية اختيار نخبة مميزة من الموظفين الشباب واتاحة الفرصة لهم للانخراط والمعايشه في مشاريع مماثلة في العالم لنرتقي بالاداء لاعلى مستوى فالتعامل ليس مع بضاعة اعتيادية انما مع جوهرة الذاكرة العراقية وايصالها لكل الباحثين وعامة المواطنين في مختلف القارات  تصلهم المعلومة والصورة والوثيقة بسرعة البرق وهم في مقراتهم دون الحاجة لعناء السفر  والروتين في استحصال كل ما يتعلق بعراق اليوم والامس العريق.

مشروع حضاري

مدير عام دار الكتب  والوثائق بارق رعد علاوي وصف هذا المشروع بالقول ان  مشروع المكتبة الرقمية الذي يقع في قلب بغداد  يعد من المشاريع العملاقة في العالم الرقمي والرائدة والمهمة في العراق والشرق الاوسط  وهو  يجمع بين التاريخ والحداثة.. ولانبالغ بوصفه  مشروعا حضاريا يستحق ان نتفاخر فيه لضخامته وتميز تصميمه واتساع مساحته وطاقته الاستيعابية وتعدد خدماته المكتبية والثقافية باعتماد ادق الاساليب الرقمية والاتصالية  تشكل منصة معرفية تنتج وتنظم المحتوى على شكل رقمي فهو يحتوي على منظومات  رقمية وصوتية وصورية ثلاثية الابعاد  تحافظ وتصون موروثنا الفكري وتنشره في ارجاء المعمورة بعد ان كان حبيسا في الرفوف والمخازن لقرون طويلة .

 وكانت لنا تاملات  في الملفات والخرائط مع المهندسة المقيمة للمشروع شناي مؤيد محمد واشارت لدور الدائرة الهندسية في وزارة الثقافة في وضع التصاميم والتنسيق مع الشركة المنفذة وهي من الشركات العالمية الرصينة... تتكون المكتبة من خمس طبقات شيدت على مساحة الفي متر مربع تتوزع فيها قاعات المطالعة واخرى للمحاضرات ومسرح كبير وغرف خدمية متعددة الاغراض وكافتريا وموقف للسيارات مع سرداب  وجهزت بعوازل لمنع الضوضاء مع تكييف مركزي، استكمل المرحلة  الاولى بتصاميم مميزة  تجسد الهوية العراقية وتنسجم مع طبيعة الوظيفة الرقمية التخصصية التي تحتوي على منظومات متقدمة لمختلف مراحل المعالجات الرقمية ومستويات حفظها وتداولها عالميا . اما المرحلة الثانية فستشمل التاثيث المكتي ونصب الاجهزة والمعدات  الرقميةالمتطورة ومن المفترض ان تدار من قرابة ثلاثمائة موظف اغلبهم مؤهلين لهذه المهام وهنالك خطة للتمكين وتطوير المهارات...

مركز اشعاع

وقادنا المهندس المدني حسين ظافر للتجوال داخل هذا الصرح المميز فعلا وقدم لنا شرحا ميدانيا لكل زاوية من هذا المكان الذي سيكون مركز اشعاع وتعريف بالفكر العراقي ,,, فالبناية مجهزة بالعديد من مصاعد  بانورامية شفافة بسعات كبيرة.. وشاهدنا مسرح كبير يتسع لاربعمائة شخص تتاح لهم مشاهدة مباشرة او عبر شاشات رقمية عملاقة مع وجود ثلاث قاعات كبيرة للمطالعة وقاعتين للمحاضرات وكافتريا تستوعب عدد كبير من الزوار وغرف للخزن والدعم اللوجستي الخدمي ومنظومات للحماية من الحرائق وحالات الطوارىء.

 وفي الختام نؤكد ونقترح ونذكر على اهمية ربط هذه المكتبة بدار الكتب لتقارب الاختصاص وان   تتشكل ادارتها  على اسس معرفية رقمية وتقنية من الشباب والشابات خاصة بعيدا عن المحاصصة وطريقة  الاختيار بما يشبه صفقة  المستشارين والسفراء سيئة الصيت.... وعسى ان نرى في حفل الافتتاح تكريما خاصا لرواد العاملين في المكتبة الوطنية من شيخهم العلوجي...

واخرين حملوا لنا  في ثمانينات القرن الماضي اطنانا من الكتب  والمجلدات الثقيلة للصحف وكانوا يعملون لساعات طويلة تمتد حتى الليل  بشفافية واريحية بدون تذمر بل بمحبه لمهنتهم ويكاد كل واحد منهموان يحفظ عناوين عشرات الالاف من الكتب ويخمن مكانها الصحيح وهو مغمض العينيين اذكر منهم نزيه واسماعيل رستم واخرين  من العاملين في الدوريات واصبحوا اصدقاء للباحثين والمطالعين في تلك الايام حين كانت تزدحم قاعات المطالعة  بفئات من مختلف الاعمار غابوا اليوم عن البحث والمطالعة وتكاسلوا عن المتابعة شغلهم عصر التفاهة بالدردشات ومتابعة اخبار البلوكرات.. عسى ان يكون ظهور مكتبتنا الرقمية حافزا و وسيلة لاسترجاع جيلنا الضايع فان تحجج بصعوبة مجالسة الكتب في المكتبات العامة  فسيصله الكتاب لعقر داره وفي قلب موبايله  وسنختم مقالنا بالشكر لكل من ساهم بادخالنا للعالم الرقمي وزرع فينا روح الامل بعودة الحياة لقيمة المعرفة وقيمة المفكر والباحث.


مشاهدات 70
أضيف 2025/09/01 - 3:29 PM
آخر تحديث 2025/09/02 - 6:36 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 569 الشهر 1299 الكلي 11419172
الوقت الآن
الثلاثاء 2025/9/2 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير