الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
(تحويل / دمج) الحشد الشعبي إلى قوة حماية حدود أو قوة تدخل سريع

بواسطة azzaman

(تحويل / دمج) الحشد الشعبي إلى قوة حماية حدود أو قوة تدخل سريع

ضياء واجد المهندس

 

طوال العقد الأخير، أثبتت فصائل الحشد الشعبي دورها في مواجهات كبرى مثل مكافحة تنظيم داعش، لكن توسّعها ووجود فصائل تعمل خارج إطار مؤسسات الدولة يطرح إشكاليات أمنية وسياسية. تحويل الحشد أو دمجه كقوة حدودية منظّمة أو كقوة تدخل سريع يمثل خيارًا عمليًا يُحاول الاستفادة من القدرات المتاحة مع تعزيز سيطرة الدولة على السلاح والقرار. هذا المقال يقدّم سيناريو مُفصّلًا (لتحويل/دمج) الحشد، مع خطوات تنفيذية وتقييم للمخاطر والفوائد.

 

لماذا هذا السيناريو وارد؟

 

1. الحاجة لقوات متخصصة على الحدود  وشبكة الصد الأمني: وجود خلايا داعش وخطر تسلل مسلّحين عبر حدود واسعة يتطلّب قدرة تدخل سريعة وقوات حدودية مُدربة.

 

2. استغلال خبرة وتجربة مقاتلين مُعتادين على قتال العصابات والتموضع في المناطق النائية بدل إبقائهم كقوّة شبه مستقلة قد تهدّد سلطة الدولة.

 

هدفان واضحان للسيناريو:

 

1. قوة حماية حدود (Border Guard Corps): قوة مُنظّمة مهمتها مراقبة، منع الدخول غير القانوني، وقف تهريب السلاح والمسلحين، وحماية النقاط الحسّاسة على الحدود.

 

2. قوة تدخل سريع (Rapid Reaction Force): وحدات مُتخصّصة قادرة على استجابة فورية للهجمات الإرهابية أو التفلتات الأمنية داخل البلاد، تعمل بتنسيق كامل مع قيادة الجيش والشرطة.

 

نموذج التنفيذ — خطوات عملية متدرّجة

 

1) قانون وإطار مؤسسي (الأولوية العليا)

 

تعديل/سنّ قانون واضح يُحوّل الحشد رسمياً إلى منظمة عسكرية/أمنية محدّدة الصلاحيات (وحدات حدودية / وحدات تدخل سريع) وتضعه تحت سلطة القائد العام ووزارة الدفاع أو وزارة الداخلية حسب المهام. هذا يمنح شرعية وإطارًا قانونيًا للقيادة والمسؤولية.

 

2) حصر وتفريز الوحدات (Mapping & Categorization)

 

إجراء حصر دقيق لكل الفصائل والوحدات: قوّات مناسبة للاندماج الفوري (وحدات دفاع عن الحدود، خبرة في العمليات البرية)، ووحدات تحتاج تدريب/إعادة هيكلة، ووحدات تُشير دلائل على ارتكاب تجاوزات وتحتاج إجراءات قضائية أو تسريح.

 

3) برامج DDR وتقديم حوافز (Demobilization, Disarmament, Reintegration)

 

لِمن لا يُناسب اندماجهم: برامج تسريح مدروسة تتضمن وظائف مدنية بديلة، برامج تدريب مهني، تعويض مالي مؤقّت، وخدمات اجتماعية لتقليل احتمالات العودة للعنف. دروس سابقة في برامج DDR توضح أن النجاح يعتمد على تمويل طويل الأمد وبرامج متابعة.

 

4) إعادة تدريب وبناء قدرات (Re-Training & Professionalization)

 

تحويل الوحدات المُدمجة إلى (وحدات حدودية/تدخل سريع) يتطلّب تدريب على قواعد الاشتباك، حقوق الإنسان، عمل الاستخبارات، الاتصالات، وإدارة الأزمات، بالإضافة لتزويدها بمعدات تتناسب مع المهام (مخابرات ميدانية، مركبات متخصّصة، طائرات مسيّرة للاستطلاع).

 

5) هيكلة قيادية واضحة ونظام محاسبة

 

دمج سلس في هرم القيادة العسكرية أو الأمني، مع آليات رقابية برلمانية ومدنية، نظام تقارير شفّاف عن الرواتب، النفقات والميزانية لتجنّب فساد الموارد أو تكرار حالات «الاستقلالية» في القرار.

 

6) إشراك المجتمع والدعم الدولي

 

إطلاق حملات تهدف لكسب ثقة المجتمعات المحليّة، دعم خطة الانتقال من قبل شركاء إقليميين ودوليين (مع مراعاة تعقيدات العلاقات الإقليمية)، واستثمار دعم تقني لتدريب ومراقبة حقوق الإنسان لتقليل مخاطر عزلة العراق أو عقوبات محتملة.

 

الجدول الزمني المقترح (نموذجي)

 

المرحلة الأولى (0–6 أشهر): قانونيّات، حصر الفصائل، إنشاء لجنة تنفيذية مشتركة (وزارات، قيادة الحشد، برلمان).

 

المرحلة الثانية (6–18 شهر): برامج DDR للتي لا تندمج، بدء إعادة التدريب والتسليح المدروس، تشكيل وحدات حدودية أولية.

 

المرحلة الثالثة (18–36 شهر): دمج تدريجي كامل لوحدات مختارة، تقييم، ضبط أوامر القيادة، مؤشرات أداء واضحة.

 

الفوائد المتوقعة

 

استعادة احتكار الدولة لوسائل العنف والقرار الأمني.

 

تحسين فعالية مراقبة الحدود والقدرة على ردع التهديدات العابرة للحدود.

 

تحسين تنسيق العمليات وتجنّب صدامات بين أجهزة الأمن المختلفة.

 

المخاطر والمعيقات الرئيسية

 

1. مقاومة الفصائل وقياداتها: بعض الفصائل قد ترفض فقدان نفوذها ومواردها، ما يهدّد استقرار الانتقال وقد يقود لمواجهات عنيفة.

2. ردود فعل إقليمية ودولية: تحويل فصائل لها ارتباطات إقليمية قد يستدعي ردود أفعال دبلوماسية أو اقتصادية (حساسية الولايات المتحدة والدول الإقليمية تجاه بعض التشكيلات).

3. المال والسياسة: الفشل في تأمين ميزانية مستدامة لبرامج DDR وإعادة التأهيل سيجعل التسريح عرضة للفشل والعودة للعنف.

4. فترة فراغ أمني: التنفيذ السيئ أو المتسرّع قد يخلق فراغات تُستغل من قبل داعش أو عصابات التهريب.

 

متطلبات مالية وبشرية (مؤشرات تقريبية)

 

رواتب وإعادة تأهيل: احتياج مبدئي لتخصيص ميزانيات طارئة لبرامج DDR والتدريب تمتد على 2–3 سنوات. التقارير تُظهر تخصيصات متزايدة للحشد في السنوات الماضية، مما يعني وجود عبء فعلي على الميزانية لا يمكن تجاهله.

 

دعم تقني: منصات استخبارات، طائرات مسيّرة للاستطلاع، مركبات حدودية، مراكز تدريبيّة إقليمية.

مؤشرات قياس نجاح السيناريو

1. نسبة الوحدات المُدمجة مقابل المسحوبة خلال 12 و 24 شهرًا.

2. انخفاض عدد الحوادث الحدودية والتسللات المُثبتة إحصائيًا.

3. معدّل عودة مفردات مُسرّحة للعنف خلال 3 سنوات (يجب أن يكون منخفضًا).

4. شفافية الميزانية ونظام تقارير رقابية يعمل أمام البرلمان والمجتمع المدني.

توصية :

(التحوّل/الدمج) إلى قوة حماية حدود أو قوة تدخل سريع ممكن ومرغوب فيه من زاوية الدولة والمصلحة الوطنية، لكنه يحتاج إلى خطة متكاملة: قانونية، مؤسسية، اجتماعية، ومالية، مع جدول زمني مرن وآليات محاسبة قوية. الأهمّ—النجاح يعتمد على القدرة على إدارة مخاوف الفصائل والفاعلين الإقليميين والدوليين، وتأمين ميزانية مستدامة لبرامج إعادة الدمج والتدريب..

 

رئيس مجلس الخبراء العراقي

مرشح مستقل

 


مشاهدات 28
الكاتب ضياء واجد المهندس
أضيف 2025/08/17 - 2:38 PM
آخر تحديث 2025/08/18 - 3:24 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 131 الشهر 12533 الكلي 11407619
الوقت الآن
الإثنين 2025/8/18 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير