هناك طرف يضحك في الزاوية
فاتح عبدالسلام
أكثر من عشرين سنة والوضع كما هو بين بغداد وإقليم كردستان وخاصة مع الحكومة في أربيل. دائما، هناك تصعيد قبيل الانتخابات العامة عبر ملفات اقتصادية ونفطية واستثمارية خارجية واحياناً شخصية، ثمّ تمرّ عاصفة الانتخابات بشدّ جديد بشأن التحالفات، ما يلبث كل شيء أن ينفرط لتولد حكومة عراقية، فيها تمثيل كردي وتمضي السفينة أمام الشاشات وفي الواجهات الاعلامية، لكنها في الحقيقة لا تمضي إلا الى حيث الأوهام المزروعة مثل حقول الألغام المجهولة التي لا نملك خرائط توزيعها ولا ندري في أي ساعة تنفجر.
هناك وفد رفيع المستوى من إقليم كردستان مكث في واشنطن أياما، ووقّع عقوداً بالمليارات مع شركات لاستثمار حقول النفط والغاز في الإقليم، إضافة الى الشركات التي تعمل هناك منذ سنوات، ولا تزال لديها مشاكل حول تمويل ودفوعات الاستخراج والتسويق.
في الميدان دعوى قضائية من حكومة العراق على حكومة الإقليم، بسبب عدم دستورية التعاقد خارج اطلاع ومشاركة بغداد بحسب الدعوى القضائية. وسندور في هذا الفلك المضطرب شهوراً وسنوات، هذا يرفعُ وذاك يكبس، وبينهما واحد يصعّد ثم ثم ينزوي في الزاوية يضحك او يعمز، لعل هذا هو التعريف الحقيقي للسياسة في العراق، و تأتي اثر ذلك لقاءات التسوية التي باتت محطات ترحيل المشاكل من فترة زمنية الى أخرى، لتجد الحكومات بعد عقدين أو عقدين آخرين انّ المشاكل الموروثة أكبر من طاقة بلد مكبل بأزمات كثيرة وعظيمة ونفطه على حافات النضوب او انّ كلفة انتاجه اعلى من ثمن بيعه.
هناك طرف يضحك على الاخر، أو طرف يجهل ما يدور حول الطرف الثاني، أو انّ طرفاً ثالثاً يراقب الاثنين المتناحرين باهتمام ويتابع مديات الازمات واتجاهاتها، وبعد ذلك يقرر التدخل بكامل ثقله. وهذا أيضا افتراض قد لا يتحقق.
ثمّة حقيقة ماثلة أمام العيون، لا أدري لماذا يجري تجاهلها، وهي انّ البيت الأبيض موافق على هذه التعاقدات التي تجريها الشركات الامريكية الكبرى، ولا يوجد شيء يمر من وراء ظهره، وكأنّ الرسالة المرسلة هي ان المتضرر عليه ان يلجأ الى البيت الأبيض لتسوية الازمة المفترضة أو أن ينساها أصلاً ويلتفت الى الملفات الثقيلة التي ينوء بحملها وقد لا يستطيع ان يمضي بها الى اجتياز عقبة أو عقبتين في طريق مزروع الألغام والاسلاك الشائكة والموانع.