وهل تتعلّم أمريكا من أخطائها الكارثية ؟
عباس الصباغ
يبدو من واقع الحال المفروض على الساحة الدولية الان ان الولايات المتحدة لاتتعظ من اخطائها الكارثية التي وقعت فيها وقد دفعت الشعوب المبتلاة بالغطرسة الامريكية الثمن باهظا جدا كأفغانستان والصومال وليبيا وبنما وغيرها كثير ، واليوم ايران وبتحريض من اسرائيل ، واقرب مثال على ذلك هو العراق والتغيير الذي حصل في 2003 ، وبدون مظلة اممية او توافق دولي على ذلك بل قامت الولايات المتحدة منفردة بتجاوز الغطاء القانوني الدولي الذي من المفروض ان تمنحه هيأة الامم المتحدة وتفويض مجلس الامن الدولي التابع لها ، او التوافق الدولي المطلوب ولو عن طريق المجاملة فاستخدمت التفوق العالي لترسانتها العسكرية المتوحشة وتجييشها الهائل لحوالي ستين دولة لعدوانها ضد دولة ذات حجم متوسط من العالم الثالث عانت من حصار اقتصادي ظالم ومجحف (العراق) بحجة وجود اسلحة الدمار الشامل ومن اجل حقوق الانسان والحريات ، وفي الحقيقة ان اسلحة الدمار الشامل كانت وماتزال وستبقى من اختصاص اسرائيل ، وهي والكثير من الدول في الشرق الاوسط والعالم الثالث ماتزال تنتهك حرية التعبير والتجاوز على حقوق الانسان .
وتكرر الامر ذاته هذه المرة مع ايران بتحويل منطقة الشرق الاوسط الى بؤرة للصراع والتأزم المدمر وبحجة مشابهة للملف العراقي وهو استعداد ايران لتطوير امكاناتها النووية من اجل انتاج قنبلة نووية ، وتنفي ايران تلك الدعوة وتؤكد ان مشروعها النووي لأغراض سلمية فقط ولكن ترامب لوحده وبتآزر اسرائيل يقول ـ وليس المجتمع الدولي ـ ( من غير الممكن ان تنتج ايران القنبلة الذرية ) وهذا بحسب المخاوف الامريكية / الاسرائيلية تعرض امن اسرائيل للخطر بحكم تحالفها الاستراتيجي معها ، في حين ان الكثير من الدول تنتمي الى النادي النووي وعلى راسها اسرائيل البنت الامريكية ولاغراض عسكرية ـ عدوانية .
واذا استمر الامر على هذا المنوال في المستقبل ، ستتعرض اي دولة في العالم الى ذات السيناريو الذي تتعرض له ايران ومن قبلها العراق وحتى من قبل اقرب حلفاء امريكا الى ذات المصير بعد شيطنتها ، بل وحتى من قبل حلف الناتو في حال عدم الاستجابة للإملاءات الامريكية التي تستند الى غطرسة الاحادية وبدون غطاء قانوني دولي من قبل الهيئات الدولية وفق نظرية (امركة العالم) التي تعمل بها بعد تفكك الاتحاد السوفييتي في العقد التاسع من القرن المنصرم وبروز الولايات المتحدة كقوة عظمى وحيدة على الساحة الدولية .
وهي سابقة خطيرة في سياسة عنجهية تمارسها الولايات المتحدة في لعب دور شرطي العالم وتحديد مصير الشعوب والدول وفق مزاج امريكا المتغطرس ، قد يكون الحل في الوعي القومي للناخب الامريكي وقد تبرز قوى عظمى مكافئة للولايات المتحدة كالصين وروسيا المنبعثة من امجاد الماضي وبروز تكاتف اوربي يعيد سمعة اوروبا كقوة مناوئة لهيمنة امريكا اقتصاديا وسياسيا وينهي توصيف القارة (العجوز) من التداولات السياسية الامريكية تهكما ويبقى السؤال هل تتعلم امريكا من اخطائها ؟
ربما يكون الجواب بنعم وذلك في تولي قيادة حكيمة لأمريكا تتجاوز العنجهية والنظر بدونية الى بقية الشعوب كما نظر اليها هتلر من قبل فسقط وامريكا في ظل هذه السياسة في طور السقوط .