فاتح عبد السلام
كانت هناك اجتماعات ثلاثية بين العراق ومصر والأردن، في فترة الحكومة العراقية السابقة، وجرى النظر الى هذا المحور الاقتصادي الثلاثي على انه مفتاح الخلاص من مشكلات كبيرة منها الطاقة الكهربائية. لم نعد نسمع كثيرا عن ذلك المحور في السنتين الاخيريتين، ولم نرَ انعكاسا للمحور على تحسن التيار الكهربائي، بل شاهدنا زيادة في فترات القطع بالقياس على فترات سابقة.
المسألة لا تقف عند الكهرباء والغاز، فتلك مشاريع عملاقة تحتاج زمنا كافيا لتنفيذها وقد يطول، لكن هل تسير المشاريع المقررة بحسب توقيتاتها الزمنية المنضبطة، وهل يوجد تأخير او معوقات او مستجدات لم تكن محسوبة، وما هي الجهة التي تتابع ذلك، فالبرلمان العراقي ساكت لا يتحدث عن متابعات من هذا النوع، وكأنه غير معني بها.
اسوق ذلك المثال، من خلال النظر الى وجود
إشكالية مستمرة في البلد اسمها الحكومة السابقة والحكومة اللاحقة، نرى انّ كل مَن ينال منصبا يقول انني ابدأ من الصفر وكل الذي ترونه مما عملته يداي، وكأنه في صحراء قاحلة وليس في دولة جرى صرف مئات المليارات من الدولارات على موازناتها في خلال عشرين سنة. الادعاء بأنها دائماً البداية الحصرية من الصفر مع انكار أية جهود سابقة هي نزعة سياسية هدامة لا تؤسس لبناء دولة. كما انها نزعة عدم الإحساس بالمسؤولية الحقيقية في التواصل مع جهود المجتمع، فضلا عن قصور ذاتي وعقدة نقص.
يبدو انها جزء من ثقافة الفوضى والتشرذم والفساد التي انتشرت في البلاد، وبات من الصعب تغييرها لأنها تحولت أنواعاً واشكالاً وإمكانات غير قابلة للتحلل والتلاشي، وانّما الى مزيد من التوالد على طريقة النمو الطفيلي المُشظى.
للدولة ذاكرة واحدة، يجب أن تحفظها الحكومات وتعمل على ثرائها وليس تفريغها وتكريس خواءها.
الجهاز الإداري، بما فيه الوزارات بمَن فيها، يحتاج الى مراجعة لأخلاقيات المهنة مهما كانت درجة المنصب. وبسبب ذلك الخلل المتوالد نجد ان الأخطاء تتكاثر في حين ان اية مراجعة على جهود سابقة قد تكشف عن معالجات قد تمت في الماضي وان تكرار المشكلة وتكرار ابتداع حل لها يؤكد ان العمل غير مؤسساتي وليس له أساس، ويتحمل الوزراء مسؤولية ذلك في المقام الأول .