الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
في ظل النفعية الترامبية الصارخة.. الأزمة تستولد فرصة أخيرة

بواسطة azzaman

في ظل النفعية الترامبية الصارخة.. الأزمة تستولد فرصة أخيرة

حسين فوزي

 

أستغرب تركيز الحديث على أن ترامب رجل صفقات، وكان كل التعاملات بالعالم في الأصل لم تكن صفقات، بعد أن نزيل عنها قشور الدفاع المزعوم عن حقوق الإنسان، بالأخص ضمان حرية الرأي والتعبير.

مصلحة القوى

ترامب يطرح كل شيء بدون مزوقات، فهو يريد ما هو لمصلحة القوى التي يمثلها في اميركا، ويرفض ان تكون كلف أمن ومصالح أوربا الغربية على حساب الولايات المتحدة، بكل ما يعنيه هذا من تراجع في المستوى المعيشي للشرائح الدنيا من المجتمع الأميركي، الذين هم اغلبية المصوتين له، بالأخص بعد وعوده باستبعاد العمالة الرخيصة للمهاجرين غير الشرعيين، وتهرء البنى التحتية وتدني التعليم.

وترامب ليس محباً للبوتين ولا روسيا، لكنه يعي بأن القوة النووية القادرة على منازعة واشنطن هي موسكو، لكن في الوقت نفسه فأن الاتحاد الروسي سيظل سوقاً كبرى للتقنية وبقية السلع فائقة التطور الأميركية بما قيمته 300 مليار دولار سنوياً، بكل ما تعنيه من فرص العمالة الأميركية وارباح الشركات، بجانب ان صادرات الاتحاد الروسي للولايات المتحدة ستظل مواداً للصناعة الأميركية أو توفير احتياجات بكلف أرخص من تصنيعها اميركياً، بضمنها الفودكا والكافيار الروسيين. وهو يريد من أوربا إنفاق ما لا يقل عن 800 مليار دولار لتأمين الدفاع عن نفسها، جزء منه يذهب لصناعة القباب الحديدية الأميركية من الصواريخ المتطورة لحماية أوربا الغربية، التي يتحمل جلها حالياً الاقتصاد الأميركي. وكان ترامب وكثر من الجمهوريين رفضوا من البداية تقدم الناتو لضمن أوكرانيا بكل ما يعنيه من تهديد استراتيجي لأمن روسيا واستحواذ كلي على مناطق نفوذه الحيوي التي رسمها القياصرة وكرستها ثورة أكتوبر 1917 في الاتحاد السوفيتي بعد حروب طويلة مع اعدائها من الروس البيض والقوى الغربية الممولة لهم. ويستشهدون لدعم موقفهم بما كان عليه موقف كندي الديمقراطي من الصواريخ الروسية في كوبا عام 1962

ترامب يريد القبول بما تريده موسكو في أوكرانيا «حالياً «بعد فشل الإدارات الأميركية في فرض التمدد الغربي العسكري والاقتصادي على حساب مصالحها طيلة الفترة الماضية، لأن روسيا اليوم ليست روسيا يلتسين السكرانة بالفودكا والدعارة والمافيات ليل نهار ووهم الرفاهية الغربية. وترامب الذي امر باغتيال العديد من القيادات الإيرانية والعراقية على الأراضي السورية والعراقية، واحياناً على الأراضي الإيرانية بالتعاون مع إسرائيل، يسعى حالياً إلى ممارسة «الضغط الأقصى» على طهران للقبول بضمانات منع صنع سلاح نووي وفي الوقت نفسه بتر اية أذرع مسلحة خارج الأراضي الإيرانية، وترسيخ امن الملاحة والتجارة في الخليج العربي.

نحن في العراق، حيث تتواجد قواعد عسكرية تركية ضاربة في عمق أراضينا، وبعض قادة إيران يتحدثون عن العراق كأنها امتداد لـ «ولاية» الأهواز، وترعى مليشيات وتسلحهم، فيما يتمدد الكويتيون على حساب جرفنا البحري، يتشدق كثر من المسؤولين والسياسيين في الحديث عن السيادة والاستقلال، اللذين ينتهكان في كل دقيقة من قبل الجوار كله.

هل هناك من يستوحي شيئاً من النفعية الترامبية مفرطة الصراحة فنسعى لترتيب اوضاعنا الداخلية والخارجية وفق معايير المصلحة الوطنية والسعي للارتقاء بالمستوى الحياتي لمواطنينا؟!

إن كل ما يمارس على الساحة العراقية بدءاً من مقولات «رئيس الوزراء مدير عام عندنا» و «لو مسكنا الكاظمي نكص ذاناته»، وصولاً تكرار أن «السلاح بأمره الولي الفقيه».

قطع اوصال

 تعني اننا بعيدين كل البعد عن تشخيص ما ينفع العراقيين، ونستسهل كل ما يقطع أوصل مواطنينا وليس أذانهم وحدها، ونستخف بمؤسسات دولتنا فنحقر ارفع مواقع السلطة الوطنية وشرعيتها بانها مجرد ادنى الدرجات الخاصة التي تتعين وليست منتخبة.

في ظل هذا التخبط، ومستوى الازمة متصاعدة الاستفحال نتيجة غياب سياسة وطنية جامعة بمنهج تنمية مستدامة، مما فاقم كارثة الاقتصاد الريعي حداً بات معه تأمين رواتب الموظفين منجزاً عظيما، يضاف إلى مكارم النظام الشمولي المخلوع للدجاجة وطبق البيض المغمسان بالحروب العبثية سابقاً، والفساد والتبعية حالياً، فأن القوى المدنية التي طالما كانت لها طروحات ناضجة بشأن بناء السيادة والاستقلال والتنمية المستدامة، انطلاقاً من إنهاء معالم المحاصصة الطائفية، مطالبة اليوم بتجاوز كل ما يفرقها من طموحات شخصية أو ما يقال عن خلافات فكرية.

إن إقامة تحالف مدني واسع والسعي إلى صيغة تعاون، حتى إن كان مجرد تحالف انتخابي، مع التيار الصدري، على أساس منافع وطنية شاملة حتى ولو كانت قصيرة الأمد، وفق مشاركة في القرار، أو بالأقل تطبيق البرنامج المزمع التوافق عليه، هو المنطلق لاختراق الازمة المستفحلة المهددة لمستقبل العراق ومواطنيه وسلامتهم.

ترى هل نعود لإنجاز خطط مجلس الأعمار «السعيدي العميل» والخطة التنموية الخمسية الأولى بعد تموز 58 التي وضعها المفكر الاقتصادي إبراهيم كبه...انه التحدي الأكبر للمسك بفرصة نادرة متأخرة تستولدها أزمة نظام يخفق في ترصين نفسه وتهتز كل ركائزه بتذبذب سعر النفط ودرجات حرارة الصيف الجهنمي، الناجم عن تواصل اجتثاث كل مستلزمات الحياة فيها، حتى بات فيها التمر والبرتقال سلع مستوردة بجانب الرقي والطماطة والالبان الإيرانية.

 


مشاهدات 88
الكاتب حسين فوزي
أضيف 2025/03/08 - 12:25 AM
آخر تحديث 2025/03/10 - 6:22 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 145 الشهر 4912 الكلي 10465861
الوقت الآن
الإثنين 2025/3/10 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير