فاتح عبد السلام
آخر رقم كان كبيراً ذلك الذي أعلنته المتحدثة باسم هيئة الاستثمار العراقية الوطنية حنان جاسم حين قالت «حجم المبالغ المتدفقة عن طريق الاستثمار خلال عامَي 2023 و2024 بلغ 85 مليار دولارٍ، موزّعة بواقع 69 مليار دولار استثماراتٍ أجنبيَّة مباشرةٍ، و16 مليار دولار استثماراتٍ محليَّة
دول في محيط العراق لم تجد الفرص الاستثمارية العراقية، وهذا أمر بالغ الأهمية يتطلب البناء عليه، والنظر اليه فيما لو لم يكن الفساد في اعلى درجاته، كيف ستكون عندئذ النتائج؟
واقع الاستثمار الخارجي او الداخلي يقتضي مراجعة دقيقة في تحديد اهداف ذلك الاستثمار ومدى قدرته على تنمية الاقتصاد المحلي وليس جعله مجرد تابع ذليل له.
المؤتمر الوطني لمراجعة اتجاهات الاستثمار وصلتها بتنمية البلد، بات ضرورة اكيدة لتقويم مرحلة كاملة وتحديد مسار المراحل المقبلة.
هناك دول وشركات عالمية او محلية تنظر للعراق على أساس انه ارض النهب والإفادة غير المحدودة من دون التفكير بالحدود المعقولة والمقبولة في تركيز أدوات وإمكانات اقتصادية تمثل رأس المال الثابت والنامي في البلد، بعد رحيل الشركات.
هذه الأرقام الكبيرة في الاستثمار تلفت الانتباه الى قطاعات تنتظر الاعمار الجوهري والبناء من الأساس وفي ديمومة وطنية، مثل قطاع الكهرباء او شبكات المياه الصالحة للشرب او السدود التي توفر ضمانة للأمن الغذائي للعراق في ظل متغيرات المناخ العالمية.
حتى الاستثمار قد يتحول هدراً وتبديداً للطاقات والامكانات اذا لم يرتبط ارتباطاً مدروساً بخطط تنموية، نأمل ان تكون نتائج التعداد العام للسكان داعما لتطويرها.
الاستثمار لا يعني ان تأتي رؤوس الأموال الى البلد فقط، وتتحرك بكيفية غير قابلة للسيطرة او في مسارات لا تنسجم مع الحاجات الأساسية. يبدو ان هناك انفصاما معينا بين الوزارات وهيئة الاستثمار في توحيد الرؤى واستنباط الناجح والنافع منها. لا يمكن ان ترجح قطاعات غير حاسمة في التنمية الوطنية العامة على قطاعات أساسية.
الاستثمار هو رؤية بلد كامل من اجل النهوض، وليس مجرد اجتهادات تلعب بها اهواء ومصالح فيما رياح الفساد تعصف من كل الاتجاهات. فالاستثمار الذي لا يقضم من مساحة البطالة يعد عبئاً على الاقتصاد ، وهذا ملمح واحد.