(الزمان) تنقل شكاوى المعاقين إلى الحكومة وسط دعوات لتفعيل الإمتيازات
ذوو الهمم يطالبون بإعفائهم من أجور العلاج وتعديل إجازة المتفرّغ
بغداد - قصي منذر
يواجه ذوو الإعاقة واقعًا مريرًا يتجسد في غياب الخدمات الصحية المجانية، وانعدام البنية التحتية الداعمة، وتدنّي الرواتب التي لا تكفي لسد احتياجاتهم الأساسية. ومع تفاقم هذه الأوضاع، تتعالى الأصوات الغاضبة مطالبةً بإعفائهم من أجور العلاج، وتخطيط الشوارع بممرات آمنة للمكفوفين، وزيادة رواتبهم بما يتناسب مع تكاليف المعيشة، فضلاً عن تعديلات ضرورية لقانون 38 لسنة 2013. ففي إحدى زوايا مستشفى حكومي، كان علي، وهو شاب في الثلاثينيات من عمره، يجلس على كرسيه المتحرك بانتظار دوره للدخول إلى الطبيب، وعيناه تحملان مزيجًا من الصبر والخذلان، فقد اعتاد على هذه اللحظات الطويلة التي يقضيها في طوابير المستشفيات، حيث يواجه رسومًا باهظة على الخدمات الصحية التي من المفترض أن تكون مجانية لمن هم في مثل حالته، وتسائل بحسرة (لماذا علينا أن ندفع مقابل حقنا في العلاج؟)، مؤكدًا أن (إعفاء ذوي الإعاقة من أجور الخدمات الصحية لم يعد مطلبًا بل ضرورة ملحة)، داعيا (وزارة الصحة او نقابة الأطباء الى اصدار قرار يلزم المؤسسات الصحية سواء اكانت في القطاعين العام او الخاص والعيادات الخارجية والصيدليات بدعم هذه الشريحة من خلال علاجهم او الكشف عن حالاتهم المرضية بنصف السعر او مجاناً)، مشدداً على (لجنة العمل والشؤون الاجتماعية النيابية ان تأخذ على عاتقها هذا المقترح والعمل على تعديل القانون النافد).
وفي شوارع مدينة الصدر، يسير (حسين)، وهو رجل كفيف فقد بصره منذ سنوات، متلمسًا طريقه بعصاه البيضاء وسط طرقات تفتقر لأبسط معايير السلامة، فالتقاطعات تعجّ بالمركبات، ولا توجد ممرات خاصة للمكفوفين تساعده على العبور بأمان، وقال (هل يعقل أننا في عام 2025 وما زلنا نعاني من الإهمال؟)، مطالبًا (مديرية المرور العامة بإطلاق حملة كبرى للتوعية بحقوق المكفوفين، وإعادة تخطيط الشوارع بشكل يضمن لهم حق التنقل الآمن)، وتابع (أسير في الشارع مستندًا إلى عصاي التي تمثل عيني في هذا العالم المظلم، وحين أُقدم على العبور، أجد نفسي في مواجهة سائقين لا يكترثون لمعاناتي، بل يواصلون سيرهم وكأنني غير مرئي)، واضاف (كثيرًا ما يصطدمون بعصاي، غير عابئين بحقي في طريق آمن، وكأن وجودي مجرد عقبة ينبغي تجاوزها لا إنسانًا له حقوقه وكرامته). من جانبه، يشكو مصطفى، الكفيف الذي أنهكته المراجعات المتكررة إلى وزارة التعليم العالي، من الإهمال وسوء المعاملة التي يواجهها عند كل محاولة لإيصال صوته ومطالبه، قائلاً (أقف عند باب الوزارة متكئًا على عصاي، لأُفاجَأ بموظف الاستعلامات الذي يستقبلني بوجه عابس وكلمات قاسية، يرفض حتى تسلّم طلباتي الخاصة بنا، وكأنني أطلب إحسانًا لا حقًا مشروعًا، يقول لي بكل استهزاء: الوزير ليس لديه إعانة لك، وكأننا متسولون نطرق الأبواب، وليس مواطنين لنا حقوق يجب أن تحترم وتلبى)، وأضاف بصوت يملؤه الغضب والأسى (إلى متى تعامل شريحة ذوي الإعاقة بهذه القسوة، وهل ينظر إلينا كعبء بدلًا من الاعتراف بنا كمواطنين متساوين في الحقوق؟). أما أم علي، والدة لطفل يعاني من إعاقة حركية، فقد أنهكها التنقل المستمر بين الدوائر الحكومية، لإجراء الفحص الدوري لإجازة المعين المتفرغ، الذي يجبرها على إعادة المعاملة كل سنتين وكأن إعاقته قد تختفي بمرور الوقت. وتطالب الأم المنهكة بــ(إجراء تعديل جذري على هذا القانون ليصبح الفحص أو المعاينة كل خمس سنوات، بدلًا من إلزامها بالإجراءات المتكررة التي تستنزف وقتها وجهدها)، مضيفةً أن (هذه البيروقراطية المرهقة لا تزيدها إلا معاناة فوق معاناتها اليومية في رعاية طفلها من ذوي الإعاقة)، وأشارت إلى أن (التنقل بين الدوائر الرسمية وإعادة الإجراءات بشكل دوري يمثل تحديًا كبيرًا، ولاسيما مع قلة المرافق الداعمة)، ودعت ام علي الجهات المعنية إلى (النظر بعين الإنسانية والرحمة لهذه الفئة التي تتحمل أعباء لا يشعر بها سوى من يعيشها يوميًا). ولا تتوقف المعاناة عند هذا الحد، إذ يواجه ذوو الإعاقة واقعًا اقتصاديًا قاسيًا، حيث تعجز الرواتب الشهرية الهزيلة عن تغطية احتياجاتهم الأساسية، مطالبين برفع مخصصاتهم المالية لتأمين حياة كريمة، وزيادة نسبة تخفيض أجور الطيران. ويقول أبو محمد إن (ذوي الإعاقة ليسوا أرقامًا أو فئة منسية، بل مواطنون لهم حقوق يجب أن تُحترم)، مشددا على (ضرورة إلزام شركات الاتصال بمنح ذوي الإعاقة شرائح اتصال سيم كارت مجانية).