الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
المقاومة في واد والشعب في واد آخر

بواسطة azzaman

المقاومة في واد والشعب في واد آخر

محمد الكرخي

 

مما يُعتم مستقبلنا العربي في دول الهلال الخصيب؛ هو انفصال ثقافة وممارسة المقاومة عن كافة أفراد الشعب بمختلف طبقاته وجماعاته الفرعية، وارتباطها فقط بجماعات ضيقة طائفية-مناطقية ذات مستوى ثقافي متواضع ومشاعر وطنية زائفة أو منعدمة أصلاً؛ يتخذ قادة هذه الجماعات من «المقاومة» حجة لتحقيق مكاسب شخصية-فئوية أنانية ورجعية. لا يمكن تحقيق أهداف حركات المقاومة الوطنية في أرض الواقع؛ إن لم تكن الجهات المسؤولة عن المقاومة ذات إيمان وطني قائم على الحرية والعدالة والمساواة. إنه لا يكفي أن ينادي الفرد أو تنادي جماعة ما بأسمى القيم الوطنية-الإنسانية، وهم في الحقيقة يتخذون «مما ينادون به من قيم سامية» أقنعة لإخفاء ممارساتهم غير الوطنية وغير الحكيمة في واقع الفعل السياسي والعسكري والاجتماعي والاقتصادي.

ولعلني في هذا المقال قاصر عن شرح الأثر السلبي لاستغلال الجماعات الضيقة العراقية لأسمى القيم الوطنية منذ تأسيس الدولة العراقية الحديثة، إذ من المفترض أن يكون العراقيين من أشد الناس تحسساً وفهماً لظاهرة «استغلال موارد ومقدرات الدولة من قبل جماعات ضيقة تنادي بأسمى القيم». على ما يبدو، أن هنالك أصوات من داخل المؤسسات العسكرية، تحاول دفع القيادة السياسية لاتخاذ قرارات عسكرية صارمة تجاه التواجد الأميركي في العراق، ولعل السبب الذي حدا بالبعض من هؤلاء للدفع بهذا الاتجاه: هو الثقافة السياسية-العسكرية الشعبوية، وغياب الشعور بالمسؤولية تجاه مصير الملايين من العراقيين؛ في حال تطلبت المصلحة الأميركية خلط أوراق الواقع العراقي في كافة المجالات.ولا أعلم لماذا يردد البعض فكرة مفادها: «إنه لو رغبت أميركا باحتلال العراق مرة أخرى، فإنها لن تستطيع مسك الأرض بسبب سواعد فصائل المقاومة»؟ لماذا يردد هؤلاء البعض -وهم في الحقيقة نسبة كبيرة لا يستهان بها من محللين سياسيين وعسكريين وأكاديميين وشخصيات مرموقة- هذه الفكرة، ويتغاضون عن شكل الاحتلال الحديث، رغم أنهم يفكرون في إطار مفاهيم فكرية من قبيل «الحرب الناعمة» و «الغزو الثقافي» إلخ؟ لماذا يتغاضى هؤلاء عن الثمن الذي سيدفعه ملايين العراقيين في حال وقع احتلال أميركي جديد بأية صيغة كانت؟ لماذا يصورون الاحتلال وكأنه مجرد احتلال للأحياء السكنية والمدن، وهو في الحقيقة سيطرة على الثروة النفطية والمجال الجوي والبحري والقرار السياسي العراقي؟ ولو افترضنا أن أميركا ستفضل عدم مناجزة فرسان العراق وستنسحب مدحورة مطأطئة الرأس، فهل سيناجز فرساننا العراقيون باقي الجهات الخارجية المتنفذة في العراق طولاً وعرضاً؟

 


مشاهدات 194
الكاتب محمد الكرخي
أضيف 2024/04/19 - 4:31 PM
آخر تحديث 2024/05/02 - 5:44 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 24 الشهر 855 الكلي 9138893
الوقت الآن
الجمعة 2024/5/3 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير