بلاسخارت في حضرة كاتس
بهاء تاج الدين أحمد
حين ظهرت جينين هينيس-بلاسخارت، المبعوثة الأممية السابقة إلى العراق، إلى جانب وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف كاتس، أثار المشهد تساؤلات عديدة حول طبيعة العلاقة بين الطرفين ومدى تأثيرها على الوضع في العراق. تلك اللحظة، التي رصدتها الكاميرات بابتسامة تحمل الكثير من الغموض من الوزير الإسرائيلي، لم تكن عابرة. بل كانت، كما يبدو، تتويجًا لسنوات من العمل الذي ربما أتاح لإسرائيل الوصول إلى معلومات دقيقة حول الميليشيات العراقية وغيرها من التفاصيل الحساسة.
من هي بلاسخارت؟
جينين هينيس-بلاسخارت ليست مجرد موظفة أممية عابرة. قبل توليها منصب المبعوثة الأممية في العراق، شغلت منصب وزيرة الدفاع في هولندا، وهو منصب مكنها من الاطلاع على ملفات أمنية واستخباراتية على أعلى مستوى. عند انتقالها للعمل في العراق، تعاملت مع ملفات حساسة تخص الميليشيات والجماعات المسلحة، وهو ما جعلها على تواصل وثيق مع الأطراف الفاعلة، سواء الموالية لإيران أو غيرها.
علاقاتها بالميليشيات ودور الأمم المتحدة
عملت بلاسخارت بشكل مباشر مع قيادات سياسية وأمنية مرتبطة بالميليشيات العراقية. وخلال فترة وجودها في العراق، وُصفت بأنها “قريبة” من بعض هذه الجماعات، ما جعلها في موضع اتهام بالتواطؤ أو على الأقل بالتسامح مع أدوارها السلبية في العراق.
لكن المفاجأة الكبرى جاءت عندما ظهرت في إسرائيل، حيث التقت بكاتس وغيره من المسؤولين الإسرائيليين. هذا التحول الدراماتيكي فتح الباب أمام تساؤلات حول دورها في تسريب معلومات حساسة كانت قد جمعتها خلال عملها في العراق.
“العيون تفضح ما تخفيه الكلمات”
صورة كاتس وهو يبتسم بجانب بلاسخارت أثارت جدلًا واسعًا. فعيونه وابتسامته كانت مليئة بالإيحاءات. وكأن لسان حاله يقول: “كل شيء صار في متناولنا”. من الواضح أن إسرائيل حصلت على معلومات دقيقة عن الميليشيات العراقية وأسلحتها وتحركاتها، وربما حتى استراتيجياتها، على “طبق من ذهب”.
تحذير: اللعب بالنار قد يحرق الجميع
الوضع الحالي في العراق شديد الحساسية. فالمعلومات التي ربما وصلت لإسرائيل عبر بلاسخارت قد تكون كافية لإعادة رسم خططها في المنطقة. وأي تصعيد غير مدروس قد يؤدي إلى كارثة تحرق الأخضر واليابس، خاصة في ظل الفوضى السياسية والأمنية الحالية.العراق اليوم أمام اختبار وجودي حقيقي. هل يستطيع لملمة شتاته وتوحيد صفوفه لمواجهة التحديات الداخلية والخارجية؟ أم أن الصراعات الداخلية ستبقى حجر العثرة الذي يُضعفه أمام خصومه؟ الأغنية الشهيرة “لا تلعب بالنار” تحمل رسالة عميقة: أي تصعيد غير مدروس لن يؤدي إلا إلى المزيد من الفوضى، والمستفيد الوحيد سيكون من يقف خلف الابتسامة الغامضة ليوآف كاتس.