روزا باركس أيقونة الحقوق المدنية في الولايات المتحدة الأمريكية
عامرة عبد الحسين مطلك الخزعلي
عدت من ابرز الشخصيات الناشطة في تاريخ الولايات المتحدة الامريكية من اصول افريقية ، ولدت في مدينة تلسا بولاية أوكلاهوما في عام 4 شباط عام1913، وعانت في طفولتها بالمعاناة نتيجة التميز العنصري، تزوجت عام 1932 من ريموند باركس، والذي كان احد النشطاء المطالبين بالحقوق المدنية.
مفاصل الحياة
وفي وقت لاحق اصدرت بعض الولايات الامريكية الجنوبية قوانين سميت بقوانين جيم كرو، نصت تلك القوانين على عزل البيض عن السود في جميع مفاصل الحياة، كما انها هدفت إلى تقليص حقوق الأمريكيين ذوي البشرة السوداء في مختلف نواحي الحياة في الولايات الجنوبية كالمدارس والمستشفيات والمحلات وحتى الكنائس والمواصلات وغيرها، لذلك تلقى السود معاملة عنصرية شديدة، مما ادى الى تأسيس العديد من المنظمات المناهضة لتلك التفرقة والعنصرية ومنها الجمعية الوطنية للنهوض بالملونين، والتي اصبحت روزا باركس وزوجها احد اهم اعضائها في فرع مدينة مونتغري حتى عام 1956، نادت تلك الجمعية بتحقيق العدالة الاجتماعية والمساواة في كافة نواحي الحياة، وعرفت فيما بعد بحركة الحقوق المدنية، ومن بين المرافق التي طالبت بها هذه الحركة هي وسائل النقل التي كانت تقضي بفصل مقاعد البيض عن السود وفقاً لما نصت عليه قوانين جيم كرو، والتي نصت على الزامهم بالجلوس بالمقاعد الخلفية والتخلي عنها في حال لم تبقى مقاعد خالية للبيض، و تعرضت روزا باركس لمثل هذا الموقف الا انها رفضت التخلي عن مقعدها، لذلك اعتقلت من قبل السلطات الامريكية، وفرضت عليها غرامة قيمتها 14 دولار نتيجة لانتهاكها القانون الا انها رفضت سداد الغرامة ايضاً، لذلك اصدرت المحمة حكماً بإدانتها، وعلى اثر ذلك اغتنم مارتن لوثر مع بقية قادة حركة الحقوق المدنية هذه الفرصة وقاموا بدعوة وتوجيه الامريكيين من الاصول الافريقية للقيام بحملة مقاطعة واسعة استمرت لمدة عام على الحافلات العامة لمدينة مونتغومري في الوقت الذي كان 70 % من مستخدمي حافلات العامة هم من الأمريكيين الافارقة، وذلك بحد ذاته دعماً قوياً لقضية روزا باركس، وسبب ذلك خسائر فادحة لشركة النقل، وتبعها بعد ذلك العديد من المقطعات والاحتجاجات، وعليه اصدرت المحكمة العليا قرار بعدم دستورية قوانين جيم كرو في 13 تشرين الثاني 1956 في ولاية آلاباما، كونها قوانين جائرة غير منصفه، ونتيجة لذلك انهى قادة حركة الحقوق المدنية المقاطعة بعد انتصارهم مع روزا باركس .
برائة روز
استأنفت روزا باركس عملها بعد تبرئتها في جمعية حركة الحقوق المدنية، ودعمت حركات الحقوق المدنية في بقية الولايات الامريكية للتخلص من التميز العنصري، وعملت في مكتب النائب جون كونيرز في المدة (1965-1988)، وكان اول نائب من اصل افريقي في مجلس النواب الامريكي، وفي عام 1987 لها اسست مع زوجها معهد روزا وريموند لتنمية الذات لخلق فرصة عمل تعليم للأمريكيين من اصل افريقي، وكرمت عام 1999 بوسام الكونغرس الذهبي، وهو اعلى وسام شرف يمنح لأي مواطن مدني امريكي تقديرا واحتراما لخدماتها التي قدمتها للبلاد خلال سنوات نضالها، انتهى مشوارها بوفاتها في 24 تشرين الاول عام 2005، وتقديراً لشخصها اصدر مجلس الشيوخ الامريكي قرار بوضع جثمانها في الكابيتول ليومين في القاعة المستديرة ليتسنى للمواطنين القاء نضرة الوداع الاخيرة، وبذلك تكون اول سيدة كرمت بذلك القرار وثاني شخص من ذوي البشرة السوداء.ختاماً تبقى روزا باركس رمز للنضال والصمود في وجه العنصرية والظلم واستعادة الحقوق المدنية المسلوبة، حتى انها كانت ولازالت مثالا يحتذى بيه للنضال ضد التمايز فضلا عن كونها قدوة يحتذى بها للالتزام بالمبادئ والعمل المثابر للحصول على الحقوق .