فيروز والبحر
عبد المنعم حمندي
في الصباح ،وكل صباح أغني،
وأصغي إليكِ
تغني القلوب،
وكل الطيور وحتى السماء تغني
فيممت وَجْهي الى جهة البحر
هبّت امامي وخلفي رياحٌ تنشّط حدسي ،
تمشط روحي ووهن الحواس ،
فشنّف اذني لحنٌ اتاني شفيفاً
مع اللحن صوتٌ من السحر ،
فيروز والبحر عافيةٌ وصداقة عمر
فليس غريباً على البحر هذا الصداح
وليس هنالك من يسالون عن الروح
كيف تغني
وكيف يغني الصباح ؟
فتَاَمَّلْت اَجْمَلَ اغنيةٍ
منْذ بَدْءِ التَنَاصٍّ
صوت فيروز والبحر عافيةٌ
لَوْحَةٌ مِنْ خَیَالِ نحلق فيه بغير جناح
قبْلَةٌ من اقاح
......
كلما اتَّسَعَ الصوت
غامَ على البحر موجٌ جديد
وتاهَ اليمام
وفي الصوت سحرٌ وحبٌ ،
حنانٌ ودفءٌ وهمسٌ
واعشَق فيه انتشايي
واخجل حين يذوب حيايي
اذا قلت يوماً خذيني اليكِ
قصيداً وغنّي نشيجي على العشب يندى
وفي الطهر ورداً مندّى
وضميهِ طيراً يغرّد للبحر قبل السماء
بنغمةِ لحنٍ على الروح في القيظِ مثل الهواء
لعلّي اكون ملاكاً تنزّل في الانبياء
.......
اذا ما نفختِ بروحي وايقظتِ بوحي
اغني :
.....
على البحر هام بصوتك ربّ اللحون
وكانت صلاة القصايد فيك اكتمال الجنون
فهزي مهودَ الطفولة .. ريعَ الشباب ..
وكاس المجون
وكلّ الفنون
وخلي العصافير في الزقزقات
في نثيثِ المطر ..
واذا ما سمعت من الارزِ اغنيةً
في الطريق الى الليل
اجلس في ركن زاويةٍ
لانادي الجمال يشاركني سكرتي
و انتظاركِ في ايّ حان
هو العشق مختلفٌ
في الغناء وفي العنفوان
.....
ساَشرب نخبك. .
يا اَجملَ الساهرين معي
انت غيمتنا الحالمة
فامطري الان...
صوتكِ اكسير هذا الوجود
وسرّ الزمان
.....
امطري كلّ يوم..
لعلَّ الغناءَ يروّض فتك الحروب
انه الحب صلّى بكلّ القلوب
وانا ذلك البلبل الخافر
في النوافذِ عند الغروب
.....
صوتك السحر يسكرني
من نبيذ الاله
قد حلمنا وحين ولِدنا
على الاهِ تهنا بعيداً ....
فلا تبخلي واستزيدي على الآه ..اه ...
فكلّ المغنين، موجٌ
وانت لوحدكِ بحرٌ ...
تعالي اليّ و لا تتركيني
على البحر في منتهاه
.....
“”
® تسعون عاماً مضى على يوم ميلادها. عام 1934 ومن حقها علينا أن نحتفل بها وبأنجاز جمال وفن ، وبما أسبغت علينا من نعماء سحر الصوت الملائكي أنها فيروز
هدية الله لنا .. ولها أهدي هذه القصيدة