نجمة أفلت في سماء البصرة

ثامر مراد

يا بصرة الأحلام والأنهار، تلك المدينة التي حملت القلب في وسط العواصف، كيف تساقطت سماؤك دماءً وصار العدل فيها غريبًا، تائهًا في ليل مظلم بلا نهاية؟

كانت سارة، رمز النقاء، دكتورة تحمل على عاتقها شرف البقاء ونور العلم. قُتلت برصاصةٍ غادرة أصابت رأسها، فصعدت روحها إلى السماء، تاركةً وراءها أسئلةً تئن في فراغ العدالة.

ما الجرم الذي ارتكبته ليُسفك دمها؟ هل وقفت في وجه الطغيان؟ أم رفضت القهر الذي حاول سحقها؟ أم أنها، ببساطة، كانت شاهدةً على سرٍّ خطير، فضحّوا بها لتبقى الحقيقة مدفونة؟

أيها القاتل، كيف استطعت اغتيال النقاء؟ أما خشيتَ الله وأنت تُطفئ شعلةً كانت تنير حياة الآخرين؟ أظننت أن المال سيُخفي وصمة جريمتك، أو أن القضاء سيبقى صامتًا أمام هذا الفناء؟

لكن أرواح المظلومين لا تموت. هي تصرخ في الظلام، تطارد الأحلام، تنتظر العدالة لتقطع الظلم كما يقطع السيف الليل الحالك.

في البصرة، تلك الأرض التي كانت موطنًا للشرف، حيث سكب الأبطال دماءهم دفاعًا عنها، كيف أصبحت مرتعًا للظلم والخيانة؟ صديقي إبراهيم، شقيقي عامر، ماتا من أجلها، فكيف تُدنسها أيادٍ غادرة؟

روحي تبكي على سارة. لم أعرفها، لكني أراها منارةً أُطفئت بيد شيطان. علّمت، ناضلت، وأعطت حياتها لأجل الآخرين، حتى باغتتها رصاصة الغدر بلا رحمة.

ترى، ماذا قالت روحها في لحظاتها الأخيرة؟ ربما سألت السماء عن العدالة التي فقدتها على الأرض، وربما صرخت: “ربي، إليك أشكو خيانة البشر، فأنتَ وحدك الشاهد المنصف.”

هل سينال المجرم جزاءه؟ أم ستظل الأموال تطمس معالم الجريمة؟ يا عراق، إلى متى يظل الصمت ردًّا على كل هذا الموت؟ إلى متى تُسلم رقاب الأبرياء إلى الظالمين؟

لكن، ليبشر القاتل بالقتل، فالعدل وإن تأخر، سيأتي. كل نفسٍ بما كسبت تُجازى، وإن أفلت اليوم من عدالة البشر، فلن ينجو من عقاب الله في الآخرة.

يا بصرة، ستبقين في القلب طاهرة، رغم المآسي والخيانات العابرة. أنتِ الأرض التي تنبت الأبطال، ودماء المظلومين ستبقى لعنةً تطارد كل محتال.