سوريا .. الكل يحارب الكل
عبد المنعم الاعسم
التوصيف الظرفي الدقيق لما يجري في سوريا هو ان الكل يحارب الكل» فان جميع اطراف الصراع في المنطقة، وخارجها، لها يد (وإن بنسب مختلفة) في عملية اجتياح حلب من قبل تنظيم جهادي تكفيري مسلح حرص ان يعطي إشارات نحو تغيّر ما هو معروف عن السجل الدموي والمشبوه لأصحابه بعد احداث العام 2011.
والحال لا ينبغي الاستهانة بما يحدث في سوريا. هناك الكثير في الطريق. الاستقطاب يمضي سريعا الى نقطة حرب مفتوحة. لنراقب المواقف عن كثب. وحتى ذلك الوقت الذي لا يتمناه انصار الحلول السلمية للحروب المحلية، فان المشهد لا يشجع على التفاؤل حيال مستقبل هذه الخاصرة الجغرافية من منطقة الشرق الاوسط. اما الوصفة المعلنة عن تأهيل نظام الرئيس بشار الاسد لنزع فتيل برميل البارود فلم تعد ذي قيمة. وأيضا لا قيمة للبحث عن المسؤول عن خلفيات بصدد تفجير الاحداث في حلب فمن غير المفيد ترسيم ملامحه والتنقيب عن المكان الذي يتخندق فيه.
هدر دماء
المعاهدات والمواثيق لاتعفي الحكومات من المسؤولية. عليها ان تخرج من المعادلة في حال عجزت عن وقف هدر الدماء، فكيف إذا ما كانت هي التي تقوم بهذه الخطيئة بواسطة آلتها الجهنمية الضاربة، في فيما الانشقاق يتسارع في البنية المجتمعية السورية، بالطول والعرض وهناك شعارات تمر من فوق العشب اليابس للطائفية ومن وراء عود الثقاب المحتقن للشكاوى النائمة، وثمة مسار خطر للرد الامني والعسكري ينزلق الى الانتقام، ربما يعجل في التدخل الخارجي، الذي يتدخل فعلا تحت مبررات سلام مضحكة مقابل فتاوي من خارج الحدود تتضارب فيما بينها وتقاتل بعضها على الارض السورية.
وغير ذلك وهذا، فان الغطرسة السياسية في دمشق، تتجاهل مؤشرات الانهيار المخيفة ، وارقام القتلى والمشهد المفزع من التعبير عن المخاوف الامر الذي نتابعه في بعض اقنية الاخبار فالهوة كبيرة وتتعمق باضطراد، والاخطر، والاكيد، انها حرب داخل الحدود، وعابرة للحدود، في ذات الوقت.