فم مفتوح .. فم مغلق
واقع (ثقافي) في جدار الوهم (1)
زيد الحلي
قبل البدء بمناقشة هذا الموضوع، تريثتُ قليلاً، فقد يعتبره البعض، إنه نوع من نشر الغسيل، وهذا من المحرمات في نهجي، لكن ما شاهدته ولمسته من حالة معيبة، شملت حيزاً ليس بالقليل من المشهد الثقافي العراقي، ألح عليّ بالخوض فيه، رغم كُثرة ألغامه وخطورة مساراته، و(سلطة) القائمين على شيوع ظاهرته ، وأعني بذلك، ظاهرة الكم « الغريب « من الإصدارات البائسة من الكتب..
ولو أستمر الحال على ما هو عليه الآن، فأن واقعنا الثقافي سيدخل، إن لم يكن قد دخل فعلاً، في نفق لا نهاية له، نتيجة خلق أوهام ثقافية وتقديم أسماء لا تتمتع بجذور معرفية، وسعة فكرية، فإصدار كتاب ليس مجرد رغبة شخصية، بل هو شأن عام يدخل في مجال الذائقة الثقافية للعراق، وبدلاً من فرحنا بسطوع نجم مبدع حقيقي في سمائنا الأدبية، سيكون أمامنا واقع حال مؤسف يضم أسماء لا حصر لها، تحاجج من يتصدى لها بالقول، بأن لديها مؤلفات ونتاجات مطبوعة في الشعر والرواية والأدب والفنون ممهورة بصورهم و أسمائهم ذات البنط العريض..!
قبل ان أضع يدي على هذا الجرح الثقافي الغائر، الذي يحمل بين جنباته واقعاً مأساوياً، لا يمكن التكهن بنتائجه المستقبلية، كنتُ أعيش فرحاً تمثله كُثرة الاصدارات العراقية، وكلما وقع نظري على قراءة لإصدار جديد في صحيفة ، او أسمع خبرا في الإذاعة او التلفزيون عن صدور نتاج ثقافي عراقي، فأن الغبطة تغمرني، غير ان هذا الفرح تحول عندي الى غم ونكوص، فمعظم تلك الإصدارات يمكن ان نطلق عليها عنوان (اصدار شخصي) لا قراء له، والهدف منه وجاهي، ووضع تراكمات لتجذير أشخاص تعوزهم التجربة، تلهث وراء شهرة موهومة لا سند لها، وبكثرة (اصداراتها) ذات الطابع الشخصي، المغلف بسراب الثقافة، فأنها تؤسس لأسماء توحي للآخرين بأنها ذات ثقل معرفي بدلالة المطبوعات التي تحمل تلك الأسماء..
والى الاسبوع المقبل..
Z_alhilly@yahoo.com