يوميات الحرب في لبنان (3)

 بالإبتسامة نستذكر الفنان عمر الحريري

غفران حداد

يوم الاربعاء الماضي الموافق السادس عشر من تشرين الأول الجاري تحلّ الذكرى الثالثة عشر على رحيل الفنان المصري القدير عمر الحريري الذي وافته المنية عن عمر يناهز 85 عامًا بعد معاناة مع سرطان العظام، الفنان الراحل ترك وراءه إرثًا فنيًا عظيمًا من الأعمال السينمائية، الدرامية، والمسرحية التي استمرت لأجيال، فهل علينا أن نستذكر اموات رحلوا قبل أعوام والموت يرفرف حولنا كل لحظة في زمن الحرب اللبنانية التي نواجه شراستها أمام غارات العدو الإسرائيلي؟ ولم لا نبتسم وقد نضحك ونحن نعيد مشاهدة اعماله رغم ما نعيش فيه من نزوح وقتل، ودمار ممتلكات، وغيرها من تفاصيل الحرب التي جعلت الحياة قاتمةً ،لكن الحريري كان ولا يزال يحظى بمحبة كبيرة في قلوب جمهوره اللبناني والعربي على حد سواء ويستذكر كثيرون أعماله بإبتسامة كبيرة حتى ونحن نعيش أيامنا العصيبة التي بدأت منذ شهر أيلول الماضي.

بداياتها تخرج عمر الحريري من المعهد العالي للتمثيل العربي وكان في نفس دفعة الممثل شكري سرحان عام 1947م، كانت بدايته الفنية من خلال عمله بالمسرح القومي ،تتلمذ الحريري في مدرسة الفنان يوسف وهبي، الذي كان له الفضل في اكتشافه واسند له دور في مسرحية “الغيرة”، التي تُمثّل أول عروضه المسرحية ليعمل معه لاحقاً في أكثر من 30 عملًا مسرحيًا.

كانت اولى خطواته أمام الكاميرا السينمائية وهو طفل، حيث شارك في فيلم (سلامة في خير_1937) ، وتمر الأعوام ويكون أول ظهور سينمائي له في بداية شبابه عام 1950 بفيلم «الأفوكاتو مديحة» مع الفنانة مديحة يسري، وتضمنت مسيرته ايضا أفلام «الوسادة الخالية»، «سكر هانم»، «العتبة الخضراء»، و« أم رتيبة»، وغيرها، ليقدم الحريري مجموعة افلام ناجحة اختير الى جانب عمله الأول ضمن قائمة أفضل 100 فيلم سينمائي بتاريخ السينما المصرية بحسب إستفتاء النقاد عام 1996، وهي أفلام: إبن النيل، الناصر صلاح الدين، الجبل، المذنبون، أهل القمة”.

الخيانة العظمى ظهرت صورة الحريري على ملصق «الخيانة العظمى» كبطل رئيس مع يوسف وهبي، ويدل ذلك على اقتناع الأستاذ بموهبة تلميذه، وأنه جدير بأدوار البطولة أسوة بنجوم جيله، وعُرض الفيلم في 10 سبتمبر 1962، وحقق نجاحاً جماهيرياً كبيراً ، وشارك في بطولة الفيلم ايضا” فيفي يوسف، وفؤاد شفيق، وحسن البارودي”، ودارت أحداثه حول «مصطفى أفندي» أب لثلاثة أبناء، كل ما يملكه في الحياة هو ورشته مع شريكه شعبان، لكن الورشة تتعرَّض لمشكلات شديدة أثناء الحرب العالمية الثانية (1939-1945)ويظهر «شارل» الذي يعرض على مصطفى أن يشتري منه الورشة مقابل مبلغ بسيط، وبعد إتمام الصفقة تنقلب حياته رأساً على عقب، ويتهدد استقرار أسرته.

رجل وامرأتان تراجع الإنتاج السينمائي عام 1966، وتزامن مع انطلاق نذير الحرب بين مصر وإسرائيل، وفي ذلك العام قدَّم الحريري فيلماً واحداً هو «رجل وامرأتان»، وجسَّد فيه شخصية «دكتور التوليد» أمام يحيى شاهين، وهند رستم، وسميحة أيوب، وإخراج نجدي حافظ، وتدور أحداثه حول مهندس مشهور تتبدَّل حياته مع زوجته، بعد عودته من رحلة عمل، ومن أفلامه الشهيرة أيضا فيلم “أهل القمة” مع نور الشريف وسعاد حسني عام 1981، و”معالي الوزير” مع أحمد زكي عام 2002، ولكنه لم يقم بالبطولة المطلقة إلا في فيلم واحد، هو “أغلى من عينيه”، من تأليف وإخراج عز الدين ذو الفقار عام 1955 ، كما قام الحريري بدور جميل من خلال تأدية صوت الزعيم الإيطالي موسوليني في فيلم “عمر المختار” من إخراج مصطفى العقاد عام 1981.

أعماله التلفزيونية

على صعيد الدراما التلفزيونية، قدم العديد من الأعمال الخالدة في ذاكرة الجمهور مثل «وداعا يا غرامي»، «الشبيهان»، «هذه الحياة»، و«كيف تخسر مليون جنيه»، وكان دوره في مسلسل ( البيت الكبير ،1989) من ضمن أعماله التلفزيونية التي يتذكرها الجمهور الى اليوم ويصفونه بفن الزمن الجميل ،وهو من تأليف “ نفيسة علوي “ وإخراج “ تيسير عبود “ ، شارك في البطولة ليلى طاهر ،صلاح قابيل ،سميرة محسن ورشوان توفيق .

تدور أحداث المسلسل في إطار درامي حول أهمية الوحدة والالتحام في مواجهة الظروف والأحداث، لتوضح تأثير التربية والنشأة في تكوين شخصية الفرد على المستوى المعنوي والمادي، وذلك من خلال أربعة شباب كل منهم له ظروف نشأة مختلفة، ولكن الحياة جمعتهم في بيت واحد هو البيت الكبير.

أعماله مع عادل إمام نجح الحريري في عدة أعمال مسرحية وتلفزيونية مع الفنان عادل إمام ومن أشهر مسرحياته مع إمام مسرحية “شاهد مشفش حاجة”، كما عمل مع الزعيم في مسرحية” الواد سيد الشغال”، ولاقى العملين صدى كبيرا لدى الجمهور العربي بل وتعرضان كل عام في الفضائيات العربية ضمن برنامجها خلال أيام عيد الفطر والأضحى ، وفي التلفزيون شارك في بطولة مسلسل (أحلام الفتى الطائر_1978) مع عادل إمام الذي يعتبر أحد أبرز أدواره في الدراما التليفزيونية ،تأليف وحيد حامد وإخراج محمد فاضل ، تدور أحداث المسلسل حول خروج “إبراهيم الطاير - عادل إمام” من السجن، وعودته مرة أخرى لنشاطه المعتاد في السرقة، حيث يقوم بعملية ضخمة لتهريب الأموال (750) ألف جنيه، ويقوم بالاختباء مع الأموال المهربة في مستشفى للأمراض العقلية بالاتفاق مع مدير المستشفى وحده دون علم أحد غيره، يموت مدير المستشفى، فيهرب (إبراهيم) بصحبة آخر هربًا من الشرطة والعصابة التي تريد الأموال الموجودة معه.

فوازير ألف ليلة وليلة من أعمال الفنان الحريري المميزة فوازير ألف ليلة وليلة والتي شارك فيها عامي 1985 و1986 من خلال دورين مختلفين، هما الشيخ منصور شهبندر تجار بمدينة “جور” ودور شخصية “الملك كهلان”، مع النجمة شيريهان وكانت تلك الفوازير هي الأولى للنجمة الاستعراضية التي خاضت تلك التجربة بجرأة تحسد عليها بعد فوازير نيللي وسمير غانم.

شيخ العرب همام آخر أعمال عمر الحريري الدرامية التي قدمها قبل وفاته، كان مسلسل (شيخ العرب همام_2010)، والذي جسد فيه شخصية والد همام شيخ العرب، مشوار الفنان الحريري طويل وقدم اعمال كثيرة على مدى أكثر من 60 عاماً ، ولديه مسلسلات دينية كثيرة كان تبث كل عام في شهر رمضان ويصعب الحديث عن جميع ما قدم ، لضيق مساحة المقال ، فرحم الله فنانا الراحل ونتمنى أن نستذكر أعماله وذكرى رحيله في العام المقبل ، ولبنان بحال أفضل من اليوم.