الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة

التشغيل الإجتماعي كعقوبة بديلة وحل لمشكلة إكتظاظ السجون

إضاءات
بواسطة azzaman

التشغيل الإجتماعي كعقوبة بديلة وحل لمشكلة إكتظاظ السجون

أكرم عبد الرزاق المشهداني

 

      تعاني معظم دول العالم اليوم من مشاكل مزمنة في اكتظاظ السجون فوق طاقاتها الاستيعابية، وقد بحث المختصون في مختلف دول العالم عن حلول تساعد في حل مشكلة الاكتظاظ في المؤسسات العقابية، لما تسببه هذه المشكلة من تفاقم وسوء في الأوضاع الصحية والأمنية والاجتماعية في هذه المؤسسات، وإفشال للبرامج الإصلاحية المرجوة. ومن هذه البدائل، السجن المنزلي مع استخدام الشريط الالكتروني لمراقبة ومنع هروب المحكوم، ومنها كذلك الخدمة المجتمعية (خدمة المجتمع) واللجوء لعقوبة التشغيل المجتمعي او الخدمة الاجتماعية.

مفهوم الخدمة المجتمعية الإلزامية:

           يعد نظام الخدمة المجتمعية الإلزامية لدى الكثير من الباحثين والمهتمين بالشأن الاجتماعي شكلا متطورا لنظام التطوع المطبق في العديد من دول العالم. حيث يقصد بمفهوم الخدمة المجتمعية الإلزامية هي «تكليف لبعض فئات المجتمع أداء مجموعة من الأنشطة والخدمات في عدد من المجالات بهدف تحسين المجتمع، ومساعدة المحتاجين ودعم الصحة البدنية والنفسية وتعزيز النمو الاقتصادي.

 أهمية وفوائد الخدمة المجتمعية:

 وتعود أهمية الخدمة المجتمعية بالعديد من الفوائد على الفرد والمجتمع منها:

الفوائد الفردية تشمل تنمية المهارات والقدرات في مختلف مجالات العمل الجماعي وحل المشكلات وإدارة الوقت والقيادة. وتعزيز الثقة بالنفس، واكتساب شعور السعادة والرضا عن الذات وتعزيز شعور الانتماء للمجتمع.

الفوائد المجتمعية: وتشمل تحسين المجتمع وحل مشكلاته، وتعزيز التضامن الاجتماعي، والتعاون بين افراد المجتمع، وبناء مجتمع أكثر عدلاً، من خلال مساعدة الفئات الأكثر احتياجا.

أنواع التشغيل الاجتماعي:

ويمكن تقسيم الخدمة المجتمعية الى العديد من الأنواع ومن أهمها:

الخدمة المجتمعية المباشرة: مثل العمل مع الأطفال او المسنين او ذوي الإعاقة.

الخدمة المجتمعية غير المباشرة: تلك التي تستهدف تحسين المجتمع بشكل عام: تحسين البيئة مكافحة الحريمة او تعزيز السلم الاجتماعي.

الخدمة المجتمعية التخصصية تستهدف مجالا معينا مثل العمل الاجتماعي، او التعليم او الصحة او البيئة.

نبذة حول دراسة استخدام الخدمة المجتمعية كبديل للعقوبات التقليدية (السجن):

لقد برز مفهوم الخدمة المجتمعية كشكل بديل لبعض الاحكام القضائية، ومساهمة في التقليل من اكتظاظ السجون، وبما يسهم في إعادة التأهيل والمساهمة المجتمعية التي يمكن ان تشكل محفزات قوية للتغيير الإيجابي الشخصي، واعادة توجيه الافراد بعيدا عن التدابير العقابية التقليدية، مما يعزز لديهم الشعور بالمسؤولية والمشاركة المدنية من خلال ربط العدالة بتحسين المجتمع وإعادة الادماج في المجتمع.    

منذ ثمانينات القرن العشرين بدأ انتشار أوامر خدمة المجتمع في أوربا وأمريكا بأشكال مختلفة وحظيت بالقبول واعتمادها كأحكام بديلة عن عقوبة السجن. ومع حلول القرن 21 بدأ تصاعد القبول العالمي لأوامر الخدمة المجتمعية بديلا لتدابير إصدار الأحكام.

 

عقوبة.. أم تدبير؟

تختلف الآراء حول الطبيعة القانونية لخدمة المجتمع فالبعض يرى انها عقوبة، بينما يراها آخرون اهها (تدبير)، وثمة اتجاه ثالث يراها (عقوبة وتدبير في ذات الوقت) على اعتبار أن لها طبيعة خاصة، وتحقق خدمة المجتمع كعقوبة بديلة الردع العام والخاص في ذات الوقت، حيث أنها تمثل تكليف واجبار جسدي ونفسي للمحكوم عليه، وتمثل بذلك انذار للجميع بسوء عاقبة الجريمة.

نماذج عن أوامر خدمة المجتمع

تطبق هذه الخدمة في عدد من الدول من بينها (دولة الأمارات، دولة قطر، فنلندة، سنغافورة، كوريا الجنوبية، هولندا، المملكة المتحدة، كندا، اسبانيا، الولايات المتحدة)،

دولة الإمارات العربية المتحدة نفذت أوامر خدمة المجتمع منذ عام 2009، وتضمن المرسوم بقانون بشأن «تحديد أعمال خدمة المجتمع» 19 فئة من خدمات المجتمع كبديل عن عقوبة الجريمة، واشتملت (العمل في المجالات الإنسانية، تنظيف وصيانة الأماكن العامة، التدريس والمساعدة على حفظ القرآن الكريم، الخ).

دولة قطر: أصدرت عام 2006 تعديلا لقانون العقوبات رقم (11) لسنة 2004 بالقانون رقم (28) لسنة 2006 حيث عرفت (عقوبة التشغيل الاجتماعي) بأنها (هي إلزام المحكوم عليه بأن يؤدي، لمدة محددة، عملاً من الأعمال المبينة في جدول الأعمال الاجتماعية، المرفق بهذا القانون.). ونصت المادة (63 مكرر) على الآتي:

المادة (63) مكرر: (يجوز للمحكمة، بناءً على طلب النيابة العامة، أن تحكم بعقوبة التشغيل الاجتماعي لمدة لا تزيد على أثني عشر يوماً، أو أن تستبدل هذه العقوبة بعقوبة الحبس الذي لا يجاوز هذه المدة أو بعقوبة الغرامة، وذلك في الجنح المعاقب عليها بالحبس مدة لا تجاوز سنة وبالغرامة التي تزيد على ألف ريال، أو بإحدى هاتين العقوبتين، متى رأت المحكمة أن طبيعة الجريمة أو الظروف التي ارتكبت فيها تبرر ذلك. وإذا امتنع المحكوم عليه عن تنفيذ عقوبة التشغيل الاجتماعي، تكون العقوبة الحبس لمدة أسبوع، عن كل يوم من مدة العقوبة لم يتم تنفيذه).

جدول الأعمال الاجتماعية في دولة قطر:

حفظ أو تحفيظ ما تيسر من القرآن الكريم.

محو الأمية.

رعاية الأحداث.

رعاية ذوي الاحتياجات الخاصة.

نقل المرضى.

تنظيف الطرق والشوارع والميادين العامة، والشواطئ والمحميات الطبيعية.

تنظيف المساجد وصيانتها.

تنظيم وتنظيف وصيانة المنشآت الرياضية، وبيع التذاكر.

تنظيم وتنظيف وصيانة المكتبات العامة.

  زراعة وصيانة الحدائق العامة.

  تحميل وتفريغ الحاويات بالموانئ

  معاونة الأفراد العاملين بالدفاع المدني في أعمالهم.

  اعمال البريد الكتابية.

  الأعمال الإدارية بالمراكز الصحية.

  الأعمال الكتابية وقيادة المركبات في مجال مراقبة الأغذية.

التوصيات:

تشكيل لجنة استشارية متخصصة متعددة التمثيل لوضع المعايير والسياسات والاجراءات المنظمة للخدمة المجتمعية الإلزامية.

إيجاد جهة متخصصة في وزارة التنمية الاجتماعية والاسرة لاقتراح البرامج والمشاريع والفرص التي يمكنها استيعاب الأفراد المكلفون بالخدمة المجتمعية الإلزامية والاشراف على إدارة هذه البرامج والمشاريع.

إيجاد قانون خاص بالخدمة المجتمعية الإلزامية يحدد الإطار العام والحوافز الممكن الحصول عليها من خلال أداء هذه الخدمة، مثل ربط الخدمة المجتمعية بالتقييم الوظيفي أو الترقية.

اقتراح تعديلات على قانون الموارد البشرية وقانون العمل تحدد شروط وحوافز لأداء الخدمة المجتمعية الإلزامية من طرف الموظفين والعاملين في القطاعين الحكومي والخاص.

اقتراح حوافز للقطاع الخاص للانخراط في هذه الخدمة مثل الاعفاء من بعض الرسوم وتسهيلات في الحصول على العمالة او تجديد السجل التجاري.

الاهتمام بالخدمة المجتمعية الإلزامية المبنية على الكفاءات.

إيجاد وظائف متخصصة في الخدمة المجتمعية الإلزامية للعمل في إدارة مكوناتها.

الاهتمام بنشر مفاهيم العقوبات البديلة ومنها عقوبة خدمة المجتمع من أجل تهيئة كافة الأطراف المعنية بذلك.

توفير البيئة الجيدة لتطبيق عقوبة التشغيل الاجتماعي حتى يقبل المحكوم عليه بها بالإضافة الى اختيار الاعمال النافعة له والتي تظهر قابلياته وقدراته وميوله.

تكاتف كافة الجهات لإنجاح هذه العقوبة وذلك بتقبل المحكوم عليه العمل لديها فترة تنفيذ العقوبة.

تشكيل لجنة تخصصية لوضع الإطار التشريعي المناسب لتنفيذ العقوبات الاجتماعية البديلة.

تكثيف جهود المراقبين للمحكوم عليهم خلال فترة تنفيذ العقوبة الاجتماعية.

توفير عدد كاف من المراقبين الاجتماعيين المدربين مسبقا على كيفية التعامل والتواصل مع هذه الفئة، من اجل إنجاح عملية اصلاح المحكوم عليه وتأهيله.

العمل على اصدار التشريعات المناسبة التي تحدد آلية وأسلوب تنفيذ العقوبة بالتنسيق مع الجهات المعنية بالتنفيذ، وقد يستلزم الأمر إعادة النظر في مواد قانون العقوبات.

اقتراح ان تكون العقوبة في جرائم الجنح فما دونها على ان يتم إعادة النظر في جدول الاعمال الاجتماعية المذكورة في القانون القطري.

عدم تحديد مدة بحد اقصى ومن المستحسن إعطاء صلاحية أكبر للقاضي.

اخضاع الافراد المعاقين للتقييم من قبل اخصائيين اجتماعيين ونفسيين للتأكد من ملائمتهم لاستكمال العقوبة او تغييرها.

 تنفيذ العقوبة عن طريق وضع إجراءات واضحة بالتنسيق بين وزارة العدل ووزارة الداخلية وجهات التنفيذ الأخرى.

اصدار أدلة ارشادية توضح الإجراءات القضائية والإدارية المتعلقة بتنفيذ العقوبات الاجتماعية.


مشاهدات 358
الكاتب أكرم عبد الرزاق المشهداني
أضيف 2024/10/05 - 12:48 AM
آخر تحديث 2024/12/13 - 8:49 AM

طباعة
www.Azzaman-Iraq.com