صعوبات تواجه تشكيل حكومة ميشال بارنييه
أسبوع حاسم لتشكيل حكومة متوازنة تضم الأحزاب الفرنسية
باريس - سعد المسعودي
على الرغم من تحديات تشكيل “حكومة جامعة” تخرج فرنسا من مأزقها السياسي، قدم رئيس الوزراء الفرنسي الجديد ميشال بارنييه تعهدا بالوصول إلى تشكيلة حكومية كاملة نهاية الأسبوع الحالي, ولكن مصادر من داخل قصر الاليزية أكدت بأن” بارنيية “ يواجه معادلة صعبة في غياب الأغلبية البرلمانية ا تفرض على رئيس الحكومة المكلف “ إلى تحديد التنازلات التي من المرجح أن تجمع الحلفاء المناسبين، الذين توحدهم المصلحة المشتركة , رئيس الوزراء المكلف التقى جميع الاحزاب الفرنسية من اقصى اليمين واليمين المعتدل, كذلك قوى اليسار واليسار المتطرف الذي نال الاغلبية في جلب الاصوات اليه في الانتخابات التشريعية الأخيرة .رئيس الوزراء الفرنسي” ميشال بارنييه” يواصل مساعيه للتوصل إلى تشكيل حكومة جديدة واعدا بأنها لن تقتصر على شخصيات منتمية لتياره السياسي المحافظ فحسب، بل ستشمل أيضا أعضاء من تيار الوسط الذي ينتمي إليه الرئيس إيمانويل ماكرون ومن التيار اليساري كذلك. فيما ترفض شخصيات يسارية الانضمام لحكومة يقودها بارنييه. وجاء اختيار بارنييه أملا في قدرته على “التوحيد بأقصى الدرجات” في مشهد سياسي متشرذم تمخضت عنه الانتخابات التشريعية الأخيرة والتي احتلت كتلة اليسار فيها المقدمة، ولكن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون رفض تعيين مرشحتها لوسي كاستيه رئيسة للوزراء واكدت شخصيات سياسية من اليمين واليسار أن اختيار بارنييه أملته قدرته على “التوحيد بأقصى الدرجات” في مشهد سياسي متشرذم. بعد أيام من تعيينه، اضطر بارنييه لمواجهة مظاهرات بدعوة من حزب فرنسا الابية (يسار متطرف) خصوصا في باريس.اختيار الرئيس إيمانويل ماكرون لميشال بارنييه يهدف الى تعيين رجل التسوية في محاولة لتحويل فرنسا إلى ثقافة التحالف. ويرى مراقبون ان ميشيل بارنييه هو واحد من السياسيين الذين يترشحون دائمًا لكل مهمة صعبة حتى بات يطلق عليه رجل المهمات الصعبة وهو الذي قاد مفاوضات البريكست مع بريطانيا .فالرئيس الفرنسي تصور من قبل رئيس وزراء من يمين الوسط، قبل أن يميل الى اليسار الوسط، وانتهي به الامر الى اليمين الحقيقي، وحتى اليمين المتشدد إذا أخذ بعين الاعتبار برنامج بارنييه للانتخابات التمهيدية في حزب الجمهوريين عام LR 2021 .فاختيارات الرئيس السابقة اصطدمت برفض تلو الاخر فالحزب الاشتراكي عارض ترشيح برنارد كازينوف.اما حزب التجمع الوطني اليمني المتطرف فقد اعترض على كسافيي برتراند Xavier Bertrand. وبقي ميشيل بارنييه لا يخيف أحداً، و هذه هي صفته الأولى، وهو على علم بذلك. كما انه يحظى بالدعم الكامل من لوران فوكييز عن الحزب الجمهوريين لأنه لن يتنافس معه في الانتخابات الرئاسية لعام 2027. ومن هنا أعلن بارنييه (73 عاما) الذي عينه الرئيس ايمانويل ماكرون بعد الانتخابات التشريعية التي فشلت في تأمين غالبية في الجمعية الوطنية “سننجز مهمتنا بشكل منهجي وجدي”. وصرح بارنييه الشخصية من اليمين الفرنسي التقليدي للصحافة “التقيت معظم رؤساء الكتل وأواصل مساعيي وقمت بزيارة النواب وأعضاء مجلس الشيوخ للاستماع إليهم أيضا”.وأضاف رئيس الوزراء الجديد المكلف بتشكيل ائتلاف يضم شخصيات من اليسار والوسط واليمين إلى فريقه الحكومي “سنشكل الحكومة نهاية الأسبوع الحالي .
عزل الرئيس
يصوت أعضاء مكتب الجمعية الوطنية الفرنسية على اقتراح طرح عزل إيمانويل ماكرون من منصبه للنقاش والتصويت، واقتراح النظر في هذا النص صادر عن حزب فرنسا الأبية المنتمي لأقصى اليسار. لكن يرجح ألا تتم الموافقة في النهاية على هذه الخطوة، فما هي العقبات التي تقلل من حظوظها لعزل الرئيس الفرنسي؟ هل يعيش ايامه الأخيرة في قصر الإليزيه؟ سؤال يتردد وفرضية تلوح بإمكانية تعميق الأزمة وسط سياق سياسي لم يتوصل فيه بعد رئيس الوزراء الجديد ميشال بارنييه إلى تشكيل حكومة.سيسعى حزب فرنسا الأبية بزعامة جان لوك ميلنشون (أقصى اليسار) الثلاثاء إلى دفع الكتل البرلمانية نحو التصويت من أجل عزل رئيس الجمهورية عن الحكم.ونالت الجبهة الشعبية الجديدة، التي وهي تجمع لعدة أحزاب يسارية من أبرزه حزب ميلنشون فرنسا الأبية والحزب الاشتراكي، أكبر عدد من المقاعد في الانتخابات التشريعية المبكرة التي نظمت في 7 يوليو/تموز الماضي دون الحصول على الأغلبية. وزادت من ضغوطها على ماكرون بعد اختياره رئيسا للوزراء لا ينتمي إلى صفوفها، ولا حتى إلى حزبه الذي حل في المركز الثاني في هذه الانتخابات، بل إلى حزب “الجمهوريون” اليميني الذي جاء رابعا.وبعدما أعلن الحزب الاشتراكي وحزب الخضر اللذان ينتميان الى حزب الجبهة الشعبية الجديدة داية نيتهما رفض الاقتراح، غيرا موقفهما وأكدا بأنهما لن يعترضا على طرح مناقشة نص على مستوى مكتب الجمعية الوطنية لعزل ماكرون، لكن لن يذهبا أبعد من ذلك.هذا، ويبدو أن هذه الخطوة المطالبة بنقاش داخل الجمعية الوطنية تملك حظوظا كبيرة في أن يصادق عليها مكتب الجمعية الوطنية كون أغلب أعضائه ينتمون إلى الجبهة الشعبية الجديدة (12 عضوا من أصل 22). لكن هل يجمع الأصوات الكافية للموافقة على اعتماده؟“السلطة لم تعد متمركزة في قصر الإليزيه، بل في البرلمان” ونقلت جريدة “لوفيغارو” أنه على الرغم من أن الحزب الاشتراكي لا يعارض فكرة إجراء تصويت حول عزل الرئيس ماكرون من منصبه على مستوى مكتب الجمعية الوطنية، إلا أنه لن يذهب بعيدا.
بمعنى أنه لن يصوت لصالح هذه الخطوة.وفي بيان، كتب الحزب الاشتراكي “الاشتراكيون لم يغيروا موقفهم فيما يتعلق بصلب الموضوع. فنحن ضد التصويت من أجل عزل رئيس الجمهورية لأن هذا الإجراء لا يتم تفعيله إلا في حالة واحدة وهي ’الخيانة العظمى‘“.فيرى العديد من نواب الحزب الاشتراكي أن إجراء العزل الذي يريد حزب فرنسا الأبية بزعامة جون لوك ميلنشون تمريره “محكوم عليه بالفشل” وسيأتي بنتيجة معاكسة، كونه سيمنح “مصداقية أكثر لرئيس الجمهورية ويعزز موقعه السياسي” وسط الأزمة التي تعيشها فرنسا.
وأضاف نفس الحزب: “لا نريد أن نمنح أي فوز لإيمانويل ماكرون لأن السلطة لم تعد متمركزة في قصر الإليزيه، بل في أروقة
انعدام فرص نجاح
وإذا كان من المرجح أن يصادق مكتب الجمعية الوطنية على طرح هذا الاقتراح للتصويت، فإن حظوظه بتجاوز هذه المرحلة ضعيفة جدا إن لم نقل منعدمة.ومن أبرز العقبات التي تواجهها هذه الفرضية المادة 68 من الدستور الفرنسي، إذ تستوجب موافقة ثلثي أعضاء الجمعية الوطنية ومجلس الشيوخ مجتمعين.ويرى عدة خبراء أن دستور الجمهورية الخامسة الذي أقر عام 1958 وكتب على أساس نظام انتخابي تنتج عنه أغلبية واضحة، غامض بشأن المسار الذي يمكن اتخاذه في حال تعطل العمل البرلماني.
وجدير بالذكر أن ماكرون برر رفضه تسمية لوسي كاستيه التي اقترحها الجبهة الشعبية مرشحة لرئاسة للوزراء بقوله إن من واجبه ضمان “الاستقرار المؤسساتي”.
اختبار الجبهة الشعبية
لكن بالنسبة لحزب فرنسا الأبية، فالمكسب الرئيسي هو نجاحه في إقناع الحزب الاشتراكي بهذه الفكرة وأن يصادق أعضاء مكتب الجمعية الوطنية عليه في المرحلة الأولى.وفي تغريدة على “إكس”، حيا جان لوك ميلنشون، زعيم حزب فرنسا الابية قرار الحزب الاشتراكي بدعم فكرة عزل ماكرون على الأقل في المرحلة الأولى مدركا جيدا أن هذه الخطوة لا تملك أية فرصة لكي تتجسد على أرض الواقع.ويقول حزب فرنسا الأبية إن الأمر لا يعود إلى الرئيس “لإجراء مقايضات سياسية”، مشيرا إلى الصعوبات التي واجهها ماكرون منذ يوليو/تموز قبل التوصل إلى اختيار رئيس للوزراء.