الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
حرب السنوات الثمان.. فصول من المآسي والأحزان

بواسطة azzaman

حرب السنوات الثمان.. فصول من المآسي والأحزان

حسين الزيادي

 

  كانت الحرب العراقية الإيرانية حرباً عبثية بامتياز، كارثية في ابعادها، مأساوية في نتائجها وآثارها، استمرت ثمان سنوات (1980-1988) وأسفرت عن خسائر فادحة، إذ قُتل فيها أكثر من مليون شخص من الطرفين، كانت حصة الجانب العراقي 340 الف قتيل وحوالي 700 الف جريح و400 الف لاجئ و70 الف أسير،   فضلاً عن خسائر مالية وصلت إلى 500 مليار دولار بحسب مجلة ناشيونال انترست الاميركية المتخصصة في البحث في مجالات الحروب، وهي الحرب الأطول في القرن العشرين وأكثر الصراعات دموية وكلفة من الناحية الاقتصادية والبشرية،  فقد تراكمت على العراق ديون تقدر بـ 130 مليار دولار، معظمها  كانت من دول عربية، وهذه الديون كانت سبباً رئيساً لغزو الكويت سنة 1990 ومن المهم الإشارة الى أن جميع هذه الأرقام هي تقديرات غربية، والعدد الدقيق قد يكون أكبر من ذلك بكثير، وهذه حرب الطويلة والعبثية لم تكن إلا استجابة للحاجات والمتطلبات السلطوية لنظام البعث، وتطلعاته لتكريس نفوذه الداخلي .

    لقد كانت حرب السنوات الثمان من أهم الحروب الإقليمية التي حدثت فيها انتهاكات مروعة لحقوق الإنسان ومبادئ القانون الدولي الإنساني، فقد طالت الحرب السكان المدنيين لأنه من الصعب التوازان بين فكرتين متناقضتين هما: المتطلبات الإنسانية والضرورة العسكرية لاسيما وان جبهات القتال كانت قريبة على المراكز الحضرية، وقد انتهكت المعارك التي وقعت خلال الحرب المذكورة جميع قوانين الحرب والاتفاقيات الدولية ومنها معاهدات جنيف لعام 1925 والاتفاقيات اللاحقة ذات الصلة , وأهدرت كل القيم الإنسانية والمعايير الاخلاقية وسببت المآسي بل الكوارث التي ما يزال يعاني منها ملايين العراقيين، وبهدف إيقاع أبلغ الخسائر وقلب موازين القوى لمصلحة نظام صدام وقواته , أصدر صدام شخصيا الأوامر باستعمال العتاد الخاص ، والمقصود به تنفيذ الضربات بالسلاح الكيمياوي وبالغازات السامة ضد القوات الايرانية لإيقاع أكبر الخسائر بها ، وهو ما تحقق في مناسبات كثيرة من المعارك, منها على سبيل المثال معارك هور الحويزة ومعارك الفاو في الجنوب, ولكن كان اشدها خطورة هي استعمال الأسلحة المذكورة في يومي 16-17 اذار من عام 1988 على مدينة حلبجة في كوردستان العراق وراح ضحيتها حوالي 5 آلاف مواطن وعشرات الآلاف من الجرحى وتسببت في احداث الكثير من الاضرار المادية في الابنية والثروة الحيوانية وفي البيئة ، ويمكن اجمال آثار تلك الحرب على العراق بالنقاط الآتية:

الخسائر البشرية: تقدر الخسائر البشرية العراقية في الحرب بمئات الآلاف من الضحايا، حيث ُقتل وجرح الكثير من الجنود والمدنيين العراقيين وكان لجنوب العراق حصة الاسد، إذ نادراً ما نرى بيت عراقي لم تصبه الفاجعة بفقدان أحد افراده.

 دمار البنية التحتية العراقية: تعرضت البنية التحتية في العراق لأضرار هائلة، بما في ذلك الطرق والجسور والمطارات والمستشفيات والمدارس والمنشآت الحكومية والمدنية الأخرى، هذا الدمار تسبب في إعاقة التنمية الاقتصادية والاجتماعية للبلاد، فقد توقفت مشاريع التنمية وجُيرت كل الواردات لشراء الأسلحة ودعم الحرب.

الآثار البيئية: تسببت الحرب في تلوث البيئة العراقية في العديد من المناطق، بما في ذلك تلوث المياه والتربة والهواء، هذا التلوث عرض الصحة العامة والحياة النباتية والحيوانية للخطر، فضلاً عن جرف مساحات واسعة من بساتين النخيل وانتشار القذائف والمحروقات في اجزاء واسعة من البلاد.

الآثار الاقتصادي: أثرت الحرب بشكل كبير على الاقتصاد العراقي، تضمنت الآثار الاقتصادية فقدان الإنتاجية وتدمير البنية الاقتصادية والتجارية والزراعية، وتدهور العملة وارتفاع معدلات التضخم والبطالة والفقر، ووصل الحال في اواخر الحرب الى جمع التبرعات لدعم المجهود الحربي.

الديون والاستدانة: استدان العراق بشكل كبير خلال الحرب لتمويل جهوده الحربية، وهذا أدى إلى تراكم ديون ضخمة للبلاد واثقل ميزانية البلاد.

توترات طائفية

الاثار الاجتماعية والسياسية: أثرت الحرب على الانقسامات الاجتماعية والسياسية في العراق، حيث زادت التوترات الطائفية والعرقية والسياسية، مما أدى إلى استمرار الصراعات الداخلية في البلاد، وبعد انتهاء الحرب افرزت الحرب تبعات اجتماعية متعددة وندوب عميقة في المشهد الاجتماعي العراقي الذي بدأت تنهكه المشكلات الاجتماعية، فقد خلّفت الحرب شريحة واسعة من الأيتام يعيشون بفقر مدقع بعدما فقدوا الاب والمعيل، وعشرات الآلاف من النساء الأرامل، بالتزامن مع تدهور الوضع الاقتصادي وارتفاع نسب البطالة والفقر في البلاد.

 واختفاء الطبقات الاجتماعية الوسطى وتراجع التعليم وتصاعد الطائفية والنزعة القومية. 

الاثار النفسية: ولدت الحرب دمار طال البنيان، والإنسان بالقتل والإصابات الجسدية، وتعدى ذلك إلى صدمات نفسية من هول ما راه الفرد العراقي فدخل البعض في حالة من الذهول وفقدان القدرة على استيعاب ما يجري حولهم من جروح نفسية عميقة وذكريات مؤلمة ناجمة عن فقدان الأب والولد والاخ والزوج والمعيل.

وفي منتصف اب 1990 جاءت المبادرة العراقية التي تضمنت موافقة العراق على العودة الى اتفاقية الجزائر 1975 والانسحاب من الاراضي الإيرانية والتبادل الفوري للأسرى، وجاء اعتراف رأس النظام البعثي ليؤكد ان  الحرب كانت (عملية إلهاء للعراق) وهذا القول ينم عن اعتراف صريح بأن هناك من كان يغذي تلك الحرب ويرغب في استمرارها لأسباب طائفية وسياسية.


مشاهدات 110
الكاتب حسين الزيادي
أضيف 2024/08/10 - 1:06 AM
آخر تحديث 2024/08/15 - 3:07 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 171 الشهر 6202 الكلي 9981746
الوقت الآن
الخميس 2024/8/15 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير