محمد جواد اموري في ذكرى رحيله
قاسم حسين صالح
كان لي برنامج اذاعي بعنوان( كبار ) استضيف فيه من لهم بصمة ثقافية علمية فنية وعبروا الخمسين من العمر،استضفت في احد حلقاته الملحن الراحل محمد جواد اموري،ومعه طفل صغير صار فيما بعد (المطرب نؤاس).. بعد ان عرّفت المستمعين بانه ولد في قضاء الهندية عام 1935 (وغادرنا عام 2014) ومحطات عن سيرة حياته، وتلحينه لأغاني جميلة( يا حريمه، ما لي شغل بالسوك وقصتها الجميلة....) سألته عن تلحينه لقصيدة مرينة بيكم حمد. لم يجب بل سحب العود وبدأ يعزف ويغني. وحين وصل:
يا ريل طلعوا دغش والعشك جذابي..غلبتني مشاعري..فنظر لي وقال:
– لا تبجي حبيبي تروحلك فدوة..وامتزجت الدمعة بالضحكة
المفارقة ان مظفر كتب (مرينا بيكم حمد) عام 1956 واكملها عام 1958. وحصل ان القصيدة وصلت الى الأديب الكبير (علي الشوك) الذي مات في الغربة، فنشرها بمجلة المثقف اليسارية العراقية،وان الشاعر سعدي يوسف اعجب بها كثيرا فوصفها بأنها (تمثل زهرة نادرة في بستان الشعر العربي ) واعتبرها نقلة نوعية من القصيدة العامية التقليدية الى مناخ جديد وقال عنها:(اضع جبين شعري كله على طريق الريل).
لم تكن أغنية ( مرينا بيكم حمد) هي الأولى للمطرب العراقي ياس خضر،التي إشتهر بها و غناها في سبعينيات القرن الماضي، فقد سبقتها أولى أغانيه من الحان محمد جواد أموري، وهي ( امنين اجيب ازرار للزيجه هدل ) التي أذاعتها إذاعة القوات المسلحة ( صوت الجماهير فيما بعد) نهاية الستينيات. والطريف إن الذي إشتهر آنذاك هو إسم الأغنية ( الهدل )، وليس المطرب كما هو مفترض،إذ ظل ياس خضر مدة من الزمن معروفا على أنه مطرب (الهدل )، و( الهدل ) باللهجة العراقية كناية عن وصف تهدل الثوب أو القميص من جهة الكتف قليلا أو من جهة الصدر من باب الإثارة والإغراء، وهذا النوع من طريقة اللبس، سبق ما عرفه الناس لاحقا من أزياء مثيرة، تظهر من الجسد أكثر مما تخفي، فكان ( الهدل ) إزاءها ملبسا بمنتهى الحشمة والوقار!