الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
تداعيات سياسية وأقتصادية .. تحالف بريكس

بواسطة azzaman

تداعيات سياسية وأقتصادية .. تحالف بريكس

 

منتظر سلمان الجوراني

 

انضمام أيران والامارات واثيوبيا ومصر الى مجموعة «بريكس» رسمياً في يناير /كانون الثاني 2024، ودعوات الى انضمام المملكة العربية السعودية قيد دراسة العرض، فيما أبدت كل من تايلند وماليزيا أهتماماً حول الانضمام لجموعه «بريكس».

وتطرح العديد من التساؤلات حول ما هو البريكس وأهدافه:

انطلقت الشرارة الأولى في عام 2006، حول تشكيل تكتل قوى عالمياً سياسياً واقتصادياً مثل الصين وروسيا والهند، والدول الأكبر مساحة وتعداد سكاني في قارة النصف الكرة الجنوبي مثل البرازيل وانضمام جنوب افريقيا عام 2010، لتشكيل مجموعة تسمى «بريكس» (الحرف الأول لكل دول أعضاء المجموعة)، ويبلغ عدد سكان مجموعة التحالف نحو 3.5 مليار نسمة، أي قرابة 45 بالمئة من سكان العالم، وأنتاج مصادر الطاقة الاحفورية بنحو 44 بالمئة من انتاج النفط الخام العالمي.

وتدعوا المجموعة الى صوت وتمثيل أكبر في المحافل الدولية للأقتصاديات الناشئة، وأعاده توزان القوى العالمية، ولا سيما أتهام التكتلات الغربية المهيمنة على المنظمات والهيئات الدولية مثل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي التي تقوم على أقراض الأموال للدول العالم الثالث، وأخضاعها الى ضوابط وشروط تجعل من الدول الدائنة تهيمن سياسياً وأقتصادياً على الدول المدينة، وجعلها في تدور في مدار دول المركز والأطراف.

ففي عام 2014 أنشأت دول «بريكس» بنك التنمية للأقراض الأموال للحكومات والدول من أجل التنمية، وبحلول نهاية عام 2022، بلغ إجمالي القروض التي قدمها هذا البنك حوالي 32 مليار دولار للدول الناشئة لإنشاء مشاريع جديدة للطرق والجسور والسكك الحديدية وإمدادات المياه.

قروض مالية

وقد حققت مجموعة البريكس إنجازات مالية كبيرة، بما في ذلك مجمع احتياطي من العملات الأجنبية بقيمة 100 مليار دولار وإنشاء بنك التنمية الجديد «إن دي بي» (NDB)، الذي وافق على ما يقرب من 33 مليار دولار من القروض منذ عام 2015. وفي المقابل التزم البنك الدولي بمبلغ 72.8 مليار دولار كقروض مالية في 2023.

في حين ارتفعت التجارة بين أعضاء البريكس الأصليين بنسبة 56 بالمئة إلى 422 مليار دولار بين عامي 2017 و2022، مدفوعة بالاحتياجات الاقتصادية التكميلية، وخاصة طلب الصين على الموارد الطبيعية من البرازيل وروسيا.

دوافع التوسع «بريكس»: تداعيات اقتصادية وسياسية

وكان الدافع وراء التوسع في المقام الأول هو الصين، القوة الصناعية الرائدة في العالم، التي تسعى إلى تعزيز نفوذها العالمي من خلال استراتيجية انضمام الدول المتحالفة تقليديا مع الولايات المتحدة، وقد دعمت جنوب أفريقيا وروسيا هذه المبادرة، في حين ترددت الهند والبرازيل في البداية بسبب المخاوف بشأن هيمنة الصين وعزلها المحتمل عن الغرب، ومع ذلك، وافقت البلدان في نهاية المطاف على التوسيع، وبالنسبة للأعضاء الجدد، توفر»بريكس» إمكانية الوصول إلى التمويل من الأعضاء الأكثر ثراء ومكانا سياسيا مستقلا عن نفوذ واشنطن، ويرى المحللون إن توسع «بريكس» توسع سياسي أكثر منه أقتصادياً»، أذ إن مجموعة «بريكس» تضع نفسها في مقام قوى توازن مجموعة الدول السبع المكونة من ( الولايات المتحدة، كندا، فرنسا، ألمانيا، إيطاليا، اليابان، والمملكة المتحدة). أما بالنسبة لروسيا القوة العالمية الكبرى الأخرى في مجموعة البريكس، فإن لديها هدف مختلف عن الصين، يقول كريون بتلر، من مركز تشاتام هاوس البحثي ومقره لندن: «تعتبر روسيا هذه المجموعة جزءا من حربها ضد الغرب، وتساعدها في التغلب على العقوبات المفروضة عليها بعد غزو أوكرانيا».

وتأتي مساعي «بريكس» في توسيع قبول عضوية ألانضمام الدولي الى ألاجواء العالمية المشحونة بالصراع الخفي بين الولايات المتحدة والصين على الصعيد ألآقتصادي، ومواجهة تحديات العولمة التي انطلقت منذ أكثر ثلاثة عقود شعرت فيها الدول النامية، أنها ألية تصب لصالح الغرب بشكل كبير، دون أن تشعر بنتائج لصالحها على المستوى السياسي والاقتصادي.

وتهدف مساعي الصين الى إدراج دول منتجي الوقود الأحفوري إلى مجموعة «بريكس»، في مواجهة تحدي هيمنة الدولار على تجارة النفط والغاز العالمية بتبادلها بعملات أخرى، وانضمام دول نصف الكرة الجنوبي الى مدارها ألاقتصادي، والحد من نفوذ واشنطن العالمي، بدعم واضح من دول المجموعة. لتعزز الصين من قوتها ونفوذها في أفريقيا، والصوت الرائد لجنوب الكرة ألآرضية.

ويأتي قبول عضوية الدول الأكثر تأثيراً ونفوذاً في المنطقة العربية مثل الامارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية، نسبةً الى ثرواتها النفطية، وضخامة حجم أصول صناديقها السيادية بوصفهما دولتين تتمتع بفوائض مالية، قد يشكل ذلك أتاحه الفرصة للمجموعة «بريكس»  لآفادة الدول الأعضاء التي تعاني من عجز التمويل المالي وزيادة حجم ألاستثمارات المباشرة،  أذ يملك الصندوق السعودي أصول المالية تبلغ 776 مليار دولار، ويحتل المرتبة السادسة بين اكبر 10 صناديق على مستوى العالم، ويبلغ صندوق أبو ظبي أصولاً تبلغ 853 مليار دولار، ويحتل المرتبة الرابعة بالقائمة نفسها.

في ضوء قراءة سيناريوهات لولادة نظام اقتصادي عالمي جديد في تغيير مسار التعاملات المالية لدول الأعضاء فيما بينهم، والايفاء بالتزامات أتجاه الدول والشركاء التجاريين بأمكانية تقييم النفط بعملات غير الدولار، وذلك من أجل التغلب على المشكلات الناتجة عن تفرد الدولار منذ عقود، كونه العملة الرئيسة لتسوية المعاملات المالية والتجارية على مستوى العالم.

قبل انعقاد قمة جنوب افريقيا في أغسطس/أب 2023 يضم «بريكس» دولة نفطية واحدة، وأن يكون لدى دول المجموعة أنتاج نفطي، ألا أنها مستورد صافً نسبةً الى ارتفاع معدل النمو ألاقتصادي مثل الصين والهند، والدعوات الى ضم الأعضاء الجدد مثل ايران والمملكة العربية السعودية والامارات العربية المتحدة، يعزز من حصة «بريكس» في انتاج النفط العالمي، لان الدول الثلاثة تملك 14.4 مليون برميل يومياً، وأضافه حصة روسيا المقدرة بـ 10.6 مليون برميل يومياً، سيملك «بريكس» حصة قدرها 25 بالمئة مليون برميل يومياً، وهذا مقارب لما تملكه منظمة أوبك، مما يؤهل او يوفر الأرضية الملائمة للمضي في تسعير النفط بغير الدولار ليمثل المنعطف الجديد في إيجاد نظام مالي عالمي جديد.

فرصة بارزة

وسيتوقف تطوير العلاقات التجارية والاقتصادية للأعضاء الجدد مع بريكس على قدرتها على اقتناص الفرص، والدخول في شراكات حقيقية، بعيدًا عن طلب المساعدات أو المنح، مع ذلك، تبدو الفرصة البارزة للأعضاء الجدد هي الاستفادة من استخدام العملات المحلية في التسويات التجارية، وهو ما يعني تخفيف الطلب على الدولار بالنسبة لبعض الدول التي تعاني أزمات مالية، مثل الأرجنتين ومصر وإيران وإثيوبيا، على سبيل المثال: يقدر انضمام مصر الى مجموعة «بريكس» إن يعود عليها بمنافع على ألآقتصادي المصري، في ضوء تداعيات التخلص من هيمنة الدولار في تعاملات مصر الدولية، حين تشكل جمهورية مصر العربية سوق كبير يضم 104 ملايين نسمة، بما يضمن ارتفاع الطلب على السلع والخدمات لتنشيط حركة الصادرات والواردات من مصر والى دول المجموعة عبر توسيع التجارة البينية بالعملات المحلية بعيداً عن الدولار التي تعاني منها مصر بأزمة الدولار، أذ بلغت فواتير الواردات السنوية بقيمة 95 مليار دولار.

ومن الفرص المتاحة للأعضاء الجدد أيضا ذلك التمويل الذي يتيحه بنك البنية الأساسية لتكتل بريكس، وإن ظلت قدرته التمويلية محدودة حتى الآن مقارنة بالمؤسسات المالية الدولية (البنك والصندوق الدوليين). فما تم منحه من قروض من بنك البنية الأساسية منذ إنشائه عام 2015 لم يتجاوز 40 مليار دولار، فيما تواجه أيران سيناريو مشابه الأزمة الدولار في مصر، لكن الأول بسبب العقوبات الأمريكية، مما يدفعها الدخول المجموعة لتفادي الأضرار الاقتصادية، وإيجاد فسحة للنمو ألاقتصادي بأقل قيود دولية.

ختاما، ستكون التجربة برمتها محل مراقبة خلال السنوات القادمة، لتقييم الأثار الإيجابية المترتبة على عضوية بريكس، وماذا قدم التجمع لهذه الدول؟ وماذا قدمت الدول للتجمع؟ وهل سيكون التجمع مجرد عدد في مواجهة المشروع الأميركي والغربي، أم بالفعل ستكون هناك مزايا اقتصادية ستعود على من انضم للبريكس، ولمن يرغب في الانضمام لاحقا.


مشاهدات 198
الكاتب منتظر سلمان الجوراني
أضيف 2024/07/27 - 12:55 AM
آخر تحديث 2024/08/31 - 8:19 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 50 الشهر 50 الكلي 9988672
الوقت الآن
الأحد 2024/9/1 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير